على مدار أكثر من عامين حملت جائحة كورونا بين طياتها العديد من التداعيات السلبية التي جنتها اقتصادات كافة الدول وعلى رأسها الدول الناشئة، بداية من إجراءات الإغلاق التام للحد من انتشار الوباء ومرورًا بأزمة سلاسل التوريد وتفاقم معدلات التضخم والتوجه العالمي لرفع أسعار الفائدة، وأخيرًا إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وما فرضته من توترات واضطرابات جيوسياسية بالمنطقة ككل. تلك العوامل التي أثرت بشكل مباشر على استقرار المؤشرات الاقتصادية لكافة الدول ودفعت معدلات النمو للتراجع، وهو بالتبعية ما أدى إلى إرجاء كافة الاستثمارات سواء المباشرة أو غير المباشرة لحين وضوح تأثير تلك التداعيات على الدول وكيفية تعامل الحكومات معها والخروج منها بأقل الخسائر. وبشهادة كافة المؤسسات الدولية، نجحت الحكومة المصرية في التعامل مع الأزمة والحفاظ على معدلات نمو إيجابية على عكس كافة الدول الناشئة بالمنطقة، وذلك من خلال حزمة من القرارات والمحفزات والإعفاءات التي دعمت قدرة الشركات العاملة بالسوق المصرية في التعامل مع تداعيات الأزمة، جاء ذلك بدعم الهيكل الاقتصادي القوي الذي نجحت الدولة في ترسيخه على مدار السنوات الماضية عبر برامج الإصلاح الاقتصادي والتشريعي، والذي عززت بدورها ثقة شريحة كبيرة من المؤسسات والصناديق الاجنبية، والتي مازالت تمتلك رغبة للاستثمار بالسوق المصرية وضخ المزيد من السيولة سواء في صورتها المباشرة أو غير المباشرة. إقرأ أيضاً: الحكومة تتفق على تشكيل لجنة مصرية فرنسية لتطوير الانتاج وخلق فرصة العمل الرقابة المالية توافق على نشر عرض استحواذ «قنديل للزجاج» على «الوطنية للزجاج» وبلا شك تأثرت أسواق المال بشكل مباشر بضغط هذه الاضطرابات والتداعيات السياسية والاقتصادية، وهو ما ترجمه عزوف المستثمرين عن التداول، و تخارج الاستثمارات الاجنبية، لتشهد البورصة المصرية حالة من التذبذب على مدار العامين الماضيين بضغط هبوط المؤشرات الرئيسية و تدني أحجام وقيم التداول، بالتزامن مع ضعف نشاط الطروحات وعدم تنوع الأوراق المالية المتداولة. وعلى الرغم من حالة التذبذب الذي تشهده أسواق المال، أكدت شركة اكسنس أن الاستثمار في الأسهم مازال يعتبر من أحد الملاذات الاستثمارية الأكثر أمانًا خلال الوقت الراهن، خاصة في ظل انخفاض قيمة الأصول المصرية وكذلك انخفاض مضاعفة ربحيتها؛ مما يوجه أنظار المستثمرين إلى توجيه السيولة للاستثمار في أصول تستوعب ارتفاع معدلات التضخم مع توافر فرصة للصعود أمامها. ونصحت المستثمرين بإعادة فتح مراكز شرائية في بعض الأسهم والقطاعات كالبتروكيماويات والمواد الغذائية والأسمدة لاستفادتها من تلك الظروف وبالتالي ستكون فرصة جيدة مع الاحتفاظ بجزء من السيولة لاستغلال التذبذبات بالسوق المصري. وأكدت شركة FBS أن البورصة المصرية تعتبر بالوقت الراهن فرس رهان للعديد من المؤسسات والصناديق لاسيما في ظل انخفاض القيمة السوقية للأسهم مقارنة بالقيمة العادلة، ليأتي ضرورة استئناف الطروحات حكوميةخاصة ال 3 شهور المقبلة كمحاولة لتعافي سوق المال مع تقديم بعض المحفزات الخاصة بالضرائب لتشجيع المستثمرين الأفراد والمؤسسات. وفي ظل انعدام القدرة على التنبؤ بالمستقبل بلا شك ستتوجه أنظار كافة المستثمرين إلى الملاذات الأكثر أمانًا والتي يتصدرها بالوقت الراهن أيضًا الأوعية الادخارية للبنوك، خاصة في ظل الارتفاع الأخير في أسعار الفائدة محليًا كخطوة لامتصاص التضخم ومواكبة السياسة التوسعية العالمية بالوقت الراهن، لتوجه شريحة كبيرة من المستثمرين سيولتها للاستثمار في شهادات الاستثمار مرتفعة العائد والتي بلغ عائدها ال18%. ويعتبر الاستثمار في الذهب أيضًا ضمن الملاذات الاستثمارية الأكثر جاذبًا للسيولة بالوقت الراهنوفقًا لرؤية شركة exnes، خاصة في ظل الارتفاعات الضخمة التي تشهدها أسعار الذهب عالميًا، مع التوقعات الرامية لتراجع معدلات الاستثمارات المباشرة لحين هدوء الأوضاع السياسية بالمنطقة والقدرة على التنبؤ بمستقبل القطاعات الاستثمارية، مع تركيز التوجه الاستثماري نحو القطاعات القادرة على التأقلم مع كافة المتغيرات وعلى رأسها القطاعات الاستهلاكية بالإضافة لقطاع التكنولوجيا المالية والمدفوعات الإلكترونية وأخيرًا قطاع الخدمات المالية غير المصرفية.