طويت صفحة الدكتور الببلاوى بما لها وما عليها، وإن كان الذى عليها أكبر بكثير من الذى لها. المهم أنه فُتحت على عجل صفحة جديدة فى تاريخ مصر باسم المهندس إبراهيم محلب، وكل ما نرجوه أن يتلافى ما وقع فيه سابقه من سلبيات، كما نتمنى أن تكون الحكومة على مستوى التحديات الصعبة التى تواجهها، خاصة فى ظل مناخ عام نعلم جميعا أنه سيئ وردىء. المهام كثيرة ومتعددة، ومن الضرورى فى البداية أن تقوم الحكومة بتحديد الأولويات وترتيبها وفق أهميتها، ووضع خطة وجدول زمنى لكل منها. من المؤكد أن المشكلة الأمنية والأزمة الاقتصادية لهما الأولوية الآن، إضافة إلى عبء الإعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. مطلوب أن تعمل الحكومة الجديدة- أيا كانت مدتها- وفق رؤية استراتيجية واضحة، وأن يكون هناك انسجام تام بين رئيس مجلس الوزراء والوزراء، وأن تعمل الحكومة بروح الفريق الواحد بحيث لا تبدو الوزارات كأنها جزر منعزلة، وأن تتحلى بعلو الهمة وقوة العزم وصلابة الإرادة، وأن تصل الليل بالنهار فى العمل، وألا تسمح بفساد فى أى موقع، وأن تضع البسطاء من الشعب أمام عينيها، وهذا كله يتطلب التخطيط الجيد، والإدارة الواعية، والمتابعة اللصيقة والدقيقة، فضلاً عن الحسم وعدم الخوف أو التردد أو التسويف فى اتخاذ القرارات المناسبة بعد الدراسة المستوفاة.. وعلى كل وزير أن يقدم النموذج والقدوة فى الصدق والجد والتفانى فى العمل لمن حوله، وأن يكون لديه فريق عمل من ذوى القدرات والكفاءات وأهل التخصص. إن حل المشكلة الأمنية يمثل حجْر الزاوية فى علاج الكثير من المشكلات الأخرى، خاصة الأزمة الاقتصادية، وبالتالى فهى التحدى الصعب أمام الحكومة الجديدة.. ويجب أن نعترف بأن الأجهزة الأمنية لم تتعافَ بعد، بالرغم من الجهد الذى تبذله.. والحقيقة أنه لم يعد تطوير العمل النوعى والفنى لوزارة الداخلية، وإعادة النظر فى الهياكل الإدارية، وتأهيل قيادات الأجهزة الأمنية وأفرادها ورفع كفاءاتهم فى جميع المجالات، عملاً ترفياً. نريد أجهزة أمنية قادرة على التعامل مع الجريمة (خاصة الجريمة المنظمة) بعلم ومنهجية وتقنية عالية، بحيث تستطيع أن توجه إليها ضربات استباقية قبل وقوعها. إن كثيرا من الجرائم التى وقعت مؤخراً كانت فى الغالب الأعم بسبب إهمال، أو نقص فى المعلومات، أو قصور فى الأداء.. فى الوقت ذاته عليها أن تحذر اللجوء إلى انتهاج وسائل مخالفة للدستور والقانون. لاشك أن موجة الإرهاب التى تواجهها مصر الآن تؤثر سلباً وبشكل مباشر على الاستثمار وقطاع السياحة، وهذا يلقى بظلاله الكئيبة على الأزمة الاقتصادية برمتها، ومن المؤكد أن عدم قدرة الأجهزة الأمنية على التصدى لها بالكفاءة اللازمة يزيد من تعقيد الأزمة.. لكن هذا لا يمنع الحكومة من تغيير الرؤية والمنظومة الاقتصادية، وضرورة إعداد البيئة التشريعية المناسبة لها.. ويمثل عدم وصول الدعم لمستحقيه، والإضرابات الفئوية، ومسألة الحدين الأدنى والأقصى للدخول أحد أوجه الأزمة، وعلى الحكومة أن تكون لديها الشجاعة الكافية لاقتحام هذه المشكلات. إن الشعب لم يعد يثق فى أى حكومة أو مسؤول بسبب كثرة الوعود التى فشلوا فى تحقيقها. من ناحية أخرى، نحن لدينا مشكلة كبيرة هى أن الشعب بعد ثورتيه أصبح مسيّساً، فالكل يتحدث فى السياسة، وفى الوقت الذى أصبح فيه سقف الطموحات عالياً صار العمل والإنتاج متدنياً.