في اليوم العالمي للصيادلة.. نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات مديرية الصحة والمتفوقين من أبناء الصيادلة    إعلام فلسطينى: طيران الاحتلال يشن عدة غارات على مناطق مختلفة من مدينة غزة    انهيار جزئي لأحد المنازل القديمة أثناء تنفيذ قرار الإزالة بشارع مولد النبي بالزقازيق .. والمحافظ ينتقل للموقع    مقررات امتحانات أكتوبر 2025 للمرحلة الابتدائية.. التفاصيل كاملة    اسعار اللحوم اليوم الأحد 5 اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    أسعار الحديد فى الشرقية اليوم الأحد 5102025    «تهدد حياة الملايين».. عباس شراقي: سد النهضة «قنبلة نووية» مائية على وشك الانفجار    حماس: إسرائيل قتلت 70 شخصا رغم زعمها تقليص العمليات العسكرية    عاجل- ترامب: وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ فور موافقة حماس على خط الانسحاب الأولي.. وتبادل الأسرى بالتزامن مع سريانه    بعد 12 عامًا من الهروب.. ما تفاصيل تسليم فضل شاكر نفسه للجيش اللبناني؟    إعلام إسرائيلى يكشف أعضاء فريق التفاوض    ألونسو يكشف حالة مبابي وماستانتونو    أحمد شوبير يكشف مفاجات مهمة عن انتخابات الأهلي.. الكيميا بتاعت حسام غالي مظبطتش مع الخطيب    خسارة المغرب تقلص حظوظ مصر في التأهل لثمن نهائي كأس العالم للشباب    نجم الأهلي السابق: أؤيد استمرار عماد النحاس.. ودفاع «الأحمر» سيئ    وليد صلاح الدين: ملف المدير الفنى الجديد تحت الدراسة.. ولا توجد ترضيات للاعبين    مصر تشارك بفريق ناشئين متميز في بطولة العالم للشطرنج 2025 بألبانيا    9 أيام إجازة في شهر أكتوبر 2025 للطلاب والقطاعين العام والخاص.. موعد اَخر عطلة رسمية في العام    اسعار الذهب فى الشرقية اليوم الأحد 5102025    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «اعتداء ضابط على بائع متجول» بالإسكندرية    جنازة مهيبة لتشييع جثامين 4 شباب ضحايا حادث الأوسطي لمثواهم الأخير ببني سويف    لسرقة قرطها الذهبى.. «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة اختطاف طفلة بالقليوبية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    نجل فضل شاكر ينشر صورة لوالده بعد الكشف عن تسليم نفسه    تكريمات وذكريات النجوم في مهرجان الإسكندرية السينمائي    الكشف برومو وموعد عرض مسلسل "المرسى" في 15 أكتوبر    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    مهرجان روتردام للفيلم العربى يقاطع إسرائيل ثقافيا تضامنا مع فلسطين    الفيلم المصرى ضى يفوز بالجائزة الكبرى فى مهرجان الفيلم المغاربى فى وجدة    مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في محافظة الشرقية    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الاحد 5102025    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    بمكونين بس.. مشروب واحد قبل النوم يزيد حرق الدهون ويحسن جودة النوم    لا مزيد من الروائح الكريهة.. خطوات تنظيف البط من الريش والدهون    ردّات الفعل الدولية تتوالى على ردّ المقاومة.. ترحيب واسع ودعوات لإيقاف المعاناة الإنسانية في غزة    ضربة جديدة لحرية الرأي والبحث العلمي ..دلالات الحكم على الخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق    المؤتمر: اتحاد الأحزاب تحت راية واحدة قوة جديدة للجمهورية الجديدة    بدر عبد العاطي وحديث ودي حول وقف الحرب في غزة وانتخابات اليونسكو    مصرع طفل وإصابة شخصين في حادث دراجة نارية بالفرافرة    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    صادر له قرار هدم منذ 53 عامًا.. انهيار جزئي لعقار في جمرك الإسكندرية دون خسائر بشرية    مصرع 3 عناصر إجرامية شديدة الخطورة خلال مداهمة وكرهم ببني سويف    تعرف على برجك اليوم 2025/10/5.. «الأسد»: تبدأ اليوم بطاقة عاطفية.. و«الحمل»: روح المغامرة داخلك مشتعلة    «الهيئة الوطنية» تُعلن موعد انتخابات النواب 2025 (الخريطة كاملة)    دوري أبطال أفريقيا.. قائمة بيراميدز في مواجهة الجيش الرواندي    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    لأول مرة فى تاريخها.. اليابان تختار سيدة رئيسة للحكومة    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    شريف فتحي يشارك في اجتماع غرفة المنشآت الفندقية بالأقصر    ضحايا فيضان المنوفية: ندفع 10 آلاف جنيه إيجارًا للفدان.. ولسنا مخالفين    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025    أخبار × 24 ساعة.. قافلة إغاثية لمتضرري ارتفاع منسوب نهر النيل في المنوفية    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول الطلاب بالصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس هيئة سوق المال السابق: المشاريع الصغيرة مفتاح نجاح الرئيس القادم (حوار)
نشر في المصري اليوم يوم 31 - 01 - 2014

أيهما يأتى قبل الآخر: الأمن أم الاقتصاد؟.. اهتمام الحكومة باستقرار الأوضاع الأمنية جعلها منشغلة ليل نهار بالحرب على الإرهاب، وكلما حدثناها عن تنمية أو تشغيل كان الرد فوريا، وربما قبل أن تكمل سؤالك، كيف والإرهاب يرتع فى البلاد؟ وفى ظل ضجيج الحديث عن الإرهاب أعلن الدكتور هانى سرى الدين، رئيس هيئة سوق المال السابق، أستاذ القانون التجارى بكلية الحقوق جامعة القاهرة، فى هذا الحوار، رفضه لهذه النظرية قائلا: لا أمن دون اقتصاد، وجزء من المشكلة الأمنية يرجع إلى البطالة وسوء الأحوال المعيشية وغلاء الأسعار، كما أن البلاد لن تهدأ إلا بتحسين الاقتصاد.
وتساءل مندهشا ما علاقة أن تحل الحكومة منازعات الاستثمار بدلا من تركها للتحكيم الدولى بحربها على الإرهاب، وما علاقة عدم اتخاذ أى قرار بشأن التنمية والاستثمار بالحالة الأمنية، مؤكدا أنه لو استمر الحال على ما هو عليه فستظل مصر تنزف بشدة.. وطرح بعض الأفكار التى يجب أن يتضمنها البرنامج الانتخابى للرئيس القادم، وإلى نص الحوار:
■ أى نظام انتخاب برلمانى تراه الأفضل لمصر الآن؟
- النظام المختلط قولا واحدا، على أن يكون الثلثان فردى والثلث بالقائمة، وأفضل نظام القائمة القومية على مستوى الجمهورية ككل وبالأغلبية المطلقة، حتى يمكن المزج بين ما يسمى بنائب الخدمات ونائب المجتمع، وحتى يتاح من خلال نظام القائمة تمثيل كافة الفئات التى يصعب عليها خوض انتخابات فردية كالمرأة وأقباط مصر والشباب، وفى ذلك أيضا تفعيل لنصوص الدستور الجديد، ومن مميزات نظام القائمة القومية كذلك، السماح لدخول شخصيات عامة محترمة ذات كفاءة فنية فى البرلمان، وهو ما قد يتعثر فعله على هذه الشخصيات من خلال الانتخابات الفردية، كما أن النظام المختلط الأفضل لبناء نظام ديمقراطى سليم، ودخول أفضل العناصر للبرلمان.
■ هل ماتت جبهة الإنقاذ؟
- جبهة الإنقاذ تم تجميدها فعليا للأسف بإرادة الأحزاب، وهذا فى رأيى قرار غير سديد، لأن المرحلة المقبلة كانت تحتاج لتنسيق أكبر على المستوى الانتخابى والسياسى مما هو عليه الآن، وجبهة الإنقاذ كانت تمثل الإطار المناسب لذلك.
■ هل ذلك يعنى أنك تخشى سيطرة الإسلاميين من جديد على البرلمان أم أن فرصهم باتت ضعيفة؟
- أعتقد أن تيار الاسلام السياسى بما فيه حزب النور من المنطقى أن يكون ممثلا فى البرلمان القادم، لأن هذا هو واقع مصر، لكن على الجانب الآخر من المؤسف أن تتفتت التيارات الليبرالية لأن ذلك سيكون على حساب الدولة المدنية وسلامة العملية الديمقراطية.
■ هل تعديل خارطه الطريق وإقرار الانتخابات الرئاسية أولا يؤدى إلى استقرار البلاد وبالتالى استقرار الاقتصاد؟
- الذى يحقق الاستقرار هو استكمال خارطة الطريق بكل مكوناتها وليس بمكون واحد، ويكون ذلك فى أسرع وقت، فجزء من مشكلة مصر منذ 11 فبراير 2011، حتى تلك اللحظة، أننا قمنا بإدارة مصر بفكر انتقالى، أى فكر إدارة اليوم بيومه، وكل مؤسسات الدولة كانت ومازالت تدار بفكر المرحلة الانتقالية، مما كان له انعكاساته الخطيرة على الاستثمار والأمن ومدى استقرار ونمو الدولة ككل، لذلك استكمال خارطة الطريق شرط لتحقق الاستقرار.
■ ألا تخشى أن يكون البدء بالانتخابات الرئاسية أولا لغرض ما فى نفس يعقوب يتعلق بتأجيل الانتخابات البرلمانية؟
- قرار إجراء انتخابات الرئاسة أولا، هو القرار الأنسب والأسهل فى التنفيذ فى تلك المرحلة، خاصة أن إجراء انتخابات برلمانية فى ظل حالة عدم استقرار الأمن التى نشهدها وتفتت الحالة الحزبية كما هو الحال الآن، يمكن أن يزيد من أعباء المرحلة الانتقالية، شريطة الإسراع بإجراء الانتخابات البرلمانية، وألا تتجاوز الفترة ما بين انتخاب رئيس وانتخاب برلمان الثلاثة أشهر، وكما قلت الاستقرار لن يتحقق إلا باستكمال خارطة الطريق بالكامل، والذى يعول على أن انتخاب الرئيس فقط سيهدئ من الأوضاع وسيجعل الغرب يعيد حساباته تجاهنا واهم، فالعبرة باستكمال المشهد الديمقراطى بالكامل وأى تأجيل لانتخابات البرلمان فيه ضرر كبير على مصر.
■ هل تقصد بالمرحلة الانتقالية أن الحكومة تعتمد سياسات إطفاء الحرائق دون وجود رؤية للمستقبل؟
- المفهوم السائد خلال السنوات الثلاث الماضية كان مفهوم المرحلة الانتقالية، أى حكومات ووزراء يتعاملون بمنطق أنهم موجودون فى السلطة لأشهر، وبالتالى لا تجدين أحدا لديه الرغبة ولا القدرة على اتخاذ قرار، ويتم التعامل مع المشكلات بشكل مؤقت وروتينى، وهذا لا يتناسب مع المرحلة الحرجة التى كانت تحتاج لاتخاذ قرارات استثنائية.
■ من وجهة نظرك، ما القرارات الاستثنائية التى كان يمكن اتخاذها؟
- على سبيل المثال البت فى منازعات الاستثمار، وطرح مشروعات جديدة للتنمية السياحية أو حل مشكلة الديون المتراكمة لقطاع البترول، لا يوجد شخص فى الوزارة قادر على اتخاذ قرار بشأنها، لأنه يعلم أنه بعد ستة أشهر ستأتى حكومة جديدة ويمكن أن يحاكم على أنه اتخذ قرارا ما، فلا يوجد إطار نسير عليه ولا خطة واضحة ولا رؤية مستقبلية، ودعينى أقولها صراحة إن مصر تعانى من عجز فى الموازنة، وهو يعد خطرا على الاقتصاد، لكن الأخطر هو العجز فى اتخاذ القرار، الكل يعول على انقضاء مدته بسلام، فآثر عدم اتخاذ قرار، وتسبب ذلك فى تراكم الديون وزيادة قضايا التحكيم الدولى ضد مصر، مما شوه صورتنا فى الخارج وأظهرنا بمظهر الدولة التى لا تحترم عقودها واتفاقياتها، وهذا يؤثر سلبا على مناخ الاستثمار، لذلك يجب أن نسد هذا النزيف فى أسرع وقت ممكن.
■ ما الذى كان مطلوبا لدعم متخذى القرار؟
- وقف عمليات البلاغات العشوائية ووقف تسييس القانون الجنائى، وضرورة الدعم والتضامن الحكومى فى اتخاذ القرارات، وتعديل اللوائح والقوانين التى تثير الشبهات وتفتح المجال للتفسيرات المتعددة، وإعادة النظر فى بعض النصوص العقابية ومنها ما يتعلق بجرائم التربح ليس بغرض حماية الفاسدين وإنما لتحقيق العدالة والانضباط فى المحاكمات الجنائية، وكذلك ضرورة اتباع قدر أكبر بكثير مما هو عليه الآن بشأن الشفافية والتواصل بجدية مع المجتمع المدنى لشرح ملابسات وأسباب إصدار القرارات التى قد يكون هناك شك بشأن نوايا إصدارها.
■ لماذا فشلت حكومة الببلاوى رغم أنها حظيت بدعم شعبى خاصة بعد انتشار الإرهاب، خاصة أنه كان أمامها فرصة تاريخية لم تستغلها؟
- أؤيدك تماما، فهذه الحكومة حظيت بدعم شعبى كبير فى البداية، لكن المشكلة التى وقعت فيها أنها عملت بفكر انتقالى، ونظام إطفاء الحرائق، وفى رأيى أن أحد الأسباب يرجع لعدم وجود تناغم بين أعضاء الحكومة وبعضهم البعض، فهناك وزراء ليسوا متفقين فى السياسات والرؤى مع الآخرين، إضافة إلى كون حكومة الدكتور الببلاوى، لم تحدد أهدافا واضحة وأولويات حتى هذه اللحظة، بدليل ما نشر فى الصحف من أن بعض الوزارات صدر لها خطاب تكليف منذ فترة قصيرة مثل وزارة العدالة الانتقالية.
■ هم أعلنوا ضمنيا أن الأولويات متمركزة حول الأمن والحرب على الإرهاب، فما رأيك؟
- أرى أنه لا أمن دون اقتصاد، والدولة ترى أنه لا اقتصاد دون أمن، والحكومة لا تعى أن جزءا من المشكلة الأمنية التى تواجهها البلاد يدخل فيها البطالة والإحساس بالإحباط وضيق الحال وصعوبة المعيشة، وأمور كثيرة جدا ستتحسن إذا ما تم تحسين الأوضاع الاقتصادية، لذا التركيز على الأمن فقط خطأ، كان يجب على الحكومة أن تقوم بدورها الاجتماعى كدولة وكشريك فى الحياة لتشارك الناس آلامهم وتحاول تخفيف الضغط عنهم، وقتها ستقل حالة الالتهاب الموجودة فى المجتمع مما ينتج عنه رسائل إيجابية للداخل والخارج، بحيث يمكن أن نجرى تسوية منازعات الاستثمار وحل المشكلات الخاصة بالاستثمار العقارى والتنمية السياحية وقطاع البترول التى ليست مرتبطة بالوضع الأمنى، والتى كان من شأنها إن تمت أن تخفف من الاحتقان الداخلى وتعطى انطباعا أفضل للخارج.
■ سياسة طرق الأبواب والاعتماد على المنح والقروض، هل كانت واجبة بعد 30 يونيو، وما رأيك فى طرق إنفاق تلك الأموال؟
- بالنسبة لمساعدات دول الخليج كانت حتمية ولازمة، فقد وصلنا إلى عجز شديد فى الموازنة وكان لابد من أن يكون هناك دين خارجى فى ظل استثمار ضعيف وضغوط اجتماعية هائلة وعجز تجارى كبير وميزان مدفوعات ضعيف ودخل الضرائب لا يغطى احتياجات الدولة، لذلك كنا بحاجة إلى بعض الأوكسجين للمرحلة الانتقالية، لكن أنا معكى فى أن هناك ملاحظات على كيفية إنفاق هذه المساعدات، فما كان يجب أن نستنزف هذه الأموال فى أجور وزيادة مرتبات، إنما كان الأفضل أن أخلق بها فرص عمل، وبالتالى فإن تشغيل جزء كبير من تلك الأموال فى البنية الأساسية واستثمارات فى التعليم لخلق فرص عمل مسألة كانت فى غاية الأهمية، عموما فى ظل عملية الدين الخارجى المتزايد الآن، لابد أن أحسّن مناخ الاستثمار والأمن، وإذا ظل الوضع هكذا فلن نشهد إلا نزيفا مستمرا.
■ لكن كانت هناك ضغوط على الحكومة من أجل وضع الحد الأدنى للأجور وتحقيق العدالة الاجتماعية، كيف ترى ذلك المشهد؟
- هذا خطأ وقعت فيه الحكومة لأنها جعلت عنوان العدالة الاجتماعية متمثلا فى الحد الأدنى للأجور، مع أن العدالة الاجتماعية تعنى تعليما أحسن وصحة أفضل وتوفير مساكن وحدا من العشوائيات، وبالتالى فإن دعم الإمارات للقرى الأكثر فقرا يجب الاستفادة منه ويجب تعميم هذه التجربة.
لكن دعينى أُنبه إلى شىء فى منتهى الخطورة، وهو أن الإصلاح لابد أن يكون شاملا وفى جميع الاتجاهات وليس فى جانب واحد، فمثلا الخطأ الكبير أن يتم تطوير القرى الفقيرة دون وضع استراتجيات واضحة للتعليم، حيث تقرر الدولة أن تبنى مدارس بنفس الكود القديم للأبنية التعليمية مما يؤدى إلى انهيار تلك المدارس بعد خمس سنوات، لذا يجب الاهتمام بكود البناء وجودة التعليم فى نفس توقيت التطوير الشامل للقرية، لذلك فإن الاقتراض الخارجى ضرورة لابد منها والإنفاق يجب أن أستفيد به فى أغراض توفر لى فرص عمل وتساعدنى على مواجهة التحديات الاجتماعية الخطيرة، لكن إذا لم يكن ذلك مرتبطا بإصلاح حقيقى فى المنظومة كلها فسنحتاج إلى ضعف هذه المبالغ من الدين الخارجى بعد ستة أشهر.
■ هل نحن بحاجة إلى رجل اقتصاد فى منصب رئيس الحكومة أم بحاجة إلى مدير يتمتع بعلم وفن الإدارة؟
- فى رأيى أننا بحاجة إلى رئيس حكومة ووزراء يتمتعون بفن الإدارة والقدرة على اتخاذ القرار، وفهم وإدراك حقيقى لمشاكل مصر الحالية، وزراء لديهم وعى سياسى عال وقدرة على التعامل مع المعطيات السياسية الداخلية والخارجية، فلا يصح أن أحسن الاقتصاد بمعزل عن سياسات العدالة الاجتماعية، ولا يفيد أن أعمل على تطبيق العدالة الاجتماعية بمعزل عن تحديات الانتخابات البرلمانية والصراعات الحزبية، أو بمعزل عن الضغوط السياسية الخارجية، ولا يجب أن آتى برئيس وزراء ليس له معرفة كاملة بملف خطير مثل «مياه نهر النيل»، ولا يجدى أن أترك كل مشاكلى مع الإخوان للحلول الأمنية، لأن جزءا منها مرتبط بالتعليم والثقافة والإعلام وعملية التشغيل.
■ هل تؤمن بالحكومات الكبيرة متعددة ومترامية الوزارات؟
مصر فى حاجة إلى حكومة صغيرة، خاصة فى هذه المرحلة، لأن الأوضاع تحتاج إلى سرعة تحرك وتركيز على الأولويات وخفض النفقات وتناغم أفقى ورأسى بين الوزراء فى تنفيذ القرارات وتناسق فى الأفكار وتحديد الأولويات، وهذا لن يتحقق إلا بالوزارة صغيرة العدد.
ومسؤولية الحكومة تضامنية، لذا لا يجب أن تعمل الوزارات فى جزر منعزلة، فمثلا إذا قررت الحكومة أن تجعل التعليم على رأس أولوياتها واتخذت قرارا ببناء خمسة الآف مدرسة، فهى بذلك تحتاج إلى تضامن كل من وزير المالية والإسكان والاستثمار ووزير المرافق والاتصالات والتنمية المحلية، أى جميع الوزارات تعمل من أجل خدمة هذه الأولوية مع إشراك القطاع الخاص والمجتمع المدنى، فالوزير لا يعمل وحده، لكن الحكومة والدولة تعمل ككتلة واحدة، كما أرى ضرورة تقسيم الحكومة إلى مجموعات عمل لمهام محددة حتى ينصب اهتمام كل مجموعة على ملف بعينه، وأقترح أن تقسم إلى أربع مجموعات على الأقل تشمل الدفاع والأمن القومى، التنمية الاقتصادية والاستثمار والعدالة الاجتماعية، الخدمات والمرافق العامة.
■ كيف ترى إشكالية الحد الأدنى والأقصى للأجور وعجز الدولة عن تطبيقهما على كل القطاعات، إلى جانب عجزها فى السيطرة والرقابة على الأسعار مما يؤدى إلى التهام أى زيادة فى الأجر؟
- نحن الآن محكومون بالدستور الذى نص على تطبيق حد أدنى للأجور، وهذه مسألة ذات أهمية من الناحية الاجتماعية، أما عن الحد الأدنى فى القطاع الخاص، أتصور أنها ستحل خلال شهر، وبالنسبة للحد الأقصى فهو لا يطبق على القطاع الخاص، لكن يطبق على القطاع الحكومى والقطاع العام، وتم استثناء قطاع الأعمال العام من التطبيق، لذلك انحصر الحد الأقصى فى العاملين بالدولة، وأعتقد أن تطبيقه ليس صعبا.
■ ألا تعتقد أن فتح باب الاستثناءات فى التطبيق يفتح باب الفساد؟
- أى باب للاستثناء مبنى على السلطة التقديرية لأى مسؤول، وبالتأكيد يفتح الباب للفساد، لكن إذا كان الاستثناء مبنيا على أسس موضوعية وشفافة، فهو يحقق التنافس ولا يفتح مجالا للفساد.
■ ما المطلوب من الرئيس القادم؟ وأى سياسة اقتصادية يجب أن يتبعها؟ وهل مصر تحتاج إلى مشروع قوى تلتف حوله؟ أم سياسات إصلاحية فى كل المجالات؟
- إن معظم سياسات الاقتصاد سواء الليبرالية أو الاشتراكية ليست هى المشكلة فى حد ذاتها، فكل دول العالم لها سياسات اقتصادية مختلفة، لكن الذى يجب ألا يتغير هو العدالة الاجتماعية وكيفية تحقيقها، فنحن لدينا مفهوم خاطئ بأن العدالة الاجتماعية مرتبطة فقط بالنظام الاشتراكى، وهذا كلام عفى عليه الزمن، فالدول التى تبنت العدالة الاجتماعية هى التى تبنت فكر الاقتصاد الحر مثل الدول الاسكندنافية وفنلندا والسويد وألمانيا، وحققت طفرة فى التعليم للجميع، وأكثر دول حققت إنجازا فى حقوق العمال فى المفاوضات الجماعية هى ذات الدول التى لديها أكبر تعريفة ضريبة على الأنشطة الاقتصادية ولديها ضريبة تصاعدية وهى ذات الدول التى تشجع الاقتصاد الحر، فدولة مثل الصين تجدين أنها شكلا تتبنى النظام الشيوعى، لكن هى فى الأصل تتبنى النظام الاقتصادى الحر، والدولة لها دور أساسى وفاعل، والقطاع الخاص له دور كبير فى النمو وفى مجال العمالة الكثيفة.
أما حول تبنى الرئيس القادم لمشروع قومى، أرى الأمر جيد لكنه ليس الحل، فلا يشترط تبنى مشروع قومى ضخم بقدر أهمية تبنيه للمشروعات الصغيرة، فنحن نتحدث عن المشروعات الصغيرة منذ ايام طلعت حرب، وأول دراسة أجريت عن المشروعات الصغيرة قام بها بنك مصر فى العشرينات ومع ذلك فشلنا فى التطبيق بشكل صحيح حتى الآن، فدولة مثل الصين تجدى أن المشروعات الصغيرة فيها تساهم بنسبة 60 إلى 70% من التصدير.
■ بات واضحا إقصاء الشباب عن الحكومات المتعاقبة، فهل مطلوب من الرئيس القادم أن يكرم شيوخ الدولة بتنصيبهم مستشارين.. ويعتمد على الشباب؟
- فى أغلب الدول الأجنبية المتحضرة الذين يتولون قمة السلطة التنفيذية فى متوسط العمر ما بين 35 و 50 سنة، ويجب أن يكون هناك مزج ما بين الخبرات والشباب، ويجب أن يكون المعيار هو القدرة على القيادة والإدارة والتخصص فى المجال والقدرة على تحقيق النجاحات والرؤية، ومع التقدم فى السن مؤكد أن القدرة على الإبداع والتفكير والحركة الجسمانيه تصبح أقل، لذا طبيعى أن نجد عددا من أعضاء الحكومة الحالية يرغبون فى النوم وأخذ قسط من الراحة الساعة الخامسة مساء، حتى وإن كان البلد يشتعل وذلك لأنه ل«السن أحكام».
■ من وجهة نظرك من هو رئيس الوزراء الأقرب إلى فكرك الاقتصادى الجنزورى أم نظيف أم الببلاوى؟
بأمانة، لا أحد منهم قريب إلى فكرى، وفى رأيى لم ينجح أحد، وهذا الرأى لا يقلل من قدر رؤساء الوزارء ولا من مجهوداتهم، لكن الظروف السياسية فى مجملها وضعف الجهاز المؤسسى للدولة وعدم الاهتمام بإصلاحه أدت إلى تراكم مشكلاتنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على مر العقود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.