ملفات ما أحوجنا جميعاً إلى الابتسامة والفكاهة في سنوات عز فيها الضحك وساد الحزن وباتت الكآبة سمة الحياة لذا عدنا نفتش في أوراق وذكريات نجوم الضحك وأبطال الأعمال الفكاهية التي أسعدت من شاهدها ومازالت رغم اختلاف الأجيال. عبد المنعم إبراهيم العبقري الذي برع في تجسيد الأدوار الثانية لدرجة قد تكون أكثر من البطولة المطلقة وأفضل من تنكر في الأدوار النسائية في السينما فضلًا عن تميزه بشخصيته الحاضرة وبديهته السريعة غير المتوقعة حيث يفاجئ الجميع ويثير الضحك في كل لحظة بخفة ظله. نشأته ولد "عبد المنعم إبراهيم محمد حسن" يوم 24 أكتوبر 1924م في بني سويف لعائلة من بلدة ميت بدر حلاوة بالغربية ثم انتقلت مع أسرته للإقامة في حي الحسين بالقاهرة حيث حصل على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية وتخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية 1949م. برزت الموهبة الفنية للفنان الراحل وهو لا يزال طالباً بالابتدائية حيث شارك في كل العروض المسرحية لفريق التمثيل بمدرسته كما انضم بعد ذلك إلى فرقة مسرحية للهواة أسسها الراحل "عبد المنعم مدبولي" عندما كان طالباً بالمدرسة الثانوية للصناعات الزخرفية. استمر "عبد المنعم" عقب تخرجه من المدرسة موظفاً في وزارة المالية صباحاً وفناناً على المسرح مساءً حتى التحق بمعهد الفنون المسرحية 1945م حيث تتلمذ علي يد "زكي طليمات" الذي ضمه إلى فرقة المسرح الحديث وشارك في مسرحيات "مسمار جحا" و"ست البنات". مسيرته الفنية في عام 1955م استقال "عبد المنعم إبراهيم" من عمله الحكومي ليتفرغ للتمثيل في مسرح الدولة كما انضم إلى فرقة "إسماعيل ياسين" التي قدم معها مسرحيات "معركة بورسعيد" و"تحت الرماد" و"الخطاب المفقود" و"جمهوريه فرحات". ولا نستطيع ان ننسى له دور مدرس لغة عربية في فيلم السفيرة عزيزة حين كان الجزار "عدلى كاسب" يضع السكين على رقبته وهو يستغيث باللغة العربية قائلاً: "الغوث.. النجدة". اتجه الفنان المصري عبد المنعم إبراهيم إلى السينما كانت بمثابة الانطلاقة الحقيقية لمشواره الفني حيث بدأ مرحلة جديدة من الانتشار ليتعرف عليه الجمهور في دور صديق البطل لسنوات طويلة حتى قدم البطولة المطلقة في ثلاثة أعمال هي "الأيام السعيدة" و"سر طاقية الإخفاء" و"سكر هانم" إلا أنه لم يستمر فيها طويلاً ليعود مرة أخرى للدور الثاني بعد أن تقدم به العمر. وعلى الرغم من تميز الفنان الراحل في العمل الكوميدي لكنه أجاد التراجيديا بنفس المقدرة التي قدم بها الكوميديا عندما جذبته شاشة التليفزيون والاذاعة المصرية مع الفنان المبدع فؤاد المهندس. ومن أبرز أعماله السينمائية: "إشاعة حب" و"بين القصرين" و"الوسادة الخالية" و"إسماعيل ياسين في الأسطول" و"إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين" و"حبيب حياتي" و"فتى أحلامي" كما قدم العديد من الأدوار التلفزيونية المتميزة، منها "الضباب" و"أولاد آدم" و"زينب والعرش". من أشهر أدواره في السنيما عبد المنعم إبراهيم .. هو ياسين وسكر وعبد البر ومحروس وعصفور.. ذات الشخص بتلك الشخصيات المتنوعة والوظائف المختلفة.. لم يخطئ من اكتشفه ولم يخزل هو من آمن بفنه.. حيث اختاره المخرج الكبير حسن الإمام لدور ياسين الابن الأكبر للسيد أحمد عبدالجواد في ثلاثية نجيب محفوظ ورغم إن دور ياسين ممكن يبان من الطلة الأولى إنه كوميدي وخفيف إلا إنه كان دور من أهم وأجمل أدوار منعم في السينما خصوصا في الفصل الثاني من الثلاثية وهو "قصر الشوق" اللى استحوذت فيه شخصية ياسين على نصيب الأسد وظهرت موهبة منعم أكثر وأكثر. https:// زوجاته تزوج الفنان الراحل عبدالمنعم إبراهيم أربع مرات المرة الأولى عام 1950 من قريبة أحد أصدقائه حيث ولع بحبها عقب رؤيته لها وأنجب منها ثلاث بنات وولد هم سلوى وسهير وسمية وطارق الذي مات في ريعان شبابه وعمره 37 عاماً متأثراً بمرضه. وماتت زوجته الأولى عام 1961 وتزوج بعدها شقيقتها التي كانت مطلقة ولا تنجب أبناء لكنه طلقها بعد زواجهما بيومين فقط نظراً للتشابه الكبير بينها وبين أختها المتوفاة ولم يستطع العيش مع هذا التشابه. وتزوج للمرة الثالثة من عايدة تلحوم اللبنانية وكانت تعمل في مكتب طيران الشرق الأوسط وأنجب منها ابنته الرابعة نيفين وتعيش حالياً في بيروت. وأثناء فترة زواجه منها تزوج للمرة الرابعة من الفنانة كوثر العسال وكانت زوجته اللبنانية على علم بهذا الزواج وماتت الزوجة الثالثة متأثرة بمرض سرطان الثدي عام 1982 أما الفنانة كوثر العسال فظلت زوجته حتى وفاته ليستمر زواجهما 20 عاماً. الضاحك الباكي كانت من أصعب الأوقات التي مر بها ووفقاً لما ورد على لسانه حين جاءه تلغراف يدعوه للعودة الى مصر لأن زوجته اشتد مرضها حين كان يصور أحد أعماله في أثينا عام 1961 ولسوء الحظ تعطلت طائرته 17 ساعة اعتبر انها على حد تعبيره طبعت حياته بالحزن والقلق نتيجة الانتظار الطويل وليس لديه حيلة أخرى وكل لحظة كانت تمر عليه طيلة ال 17 ساعة كان يتصور خلالها ان زوجته فارقت الحياة دون أن يراها أو تراه فيعتصره الحزن والقلق . وعندما عاد وجدها على قيد الحياة ولكن ما لبثت أن فارقت الدنيا في اليوم التالي لتدخل حياته نفقا حزينا ومعه أربعة اطفال لم يتجاوز أصغرهم عامه الثاني وبعدها بعامين توفي أخيه عن 35 عاماً ليترك في رقبته ستة أبناء وأمهم ليجد نفسه يرعى أسرة من 11 شخصاً . رحيله تدهورت حالته الصحية في بداية الثمانينات مع انحسار البصر عن عينه اليسرى نتيجة الحادث الذي تعرض له في طفولته وفي عام 1984 تعرض لأزمة قلبية مفاجئة اثناء ذهابه الى مسرح السلام لإجراء البروفات النهائية لمسرحية "خمس نجوم " ليرحل وهو في الثانية والستين من العمر17 نوفمبر 1987 وخرجت جنازته من المسرح القومي بناء على وصيته التي ابلغها الى الفنانة سميحة أيوب مديرة المسرح وقتها وشارك في جنازته عدد كبير من زملائه ورفقاء الدرب لينتهي مشوار حياته. أوسمة حصل عليها بعد وفاته حصل عبد المنعم إبراهيم على العديد من الأوسمة والدروع بعد وفاته .. منها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1983 ودرع المسرح القومي عام 1986 في اليوبيل الذهبي للمسرح القومي المصري الذي ظل عضواً فيه لأكثر من ربع قرن. الضاحك الباكى عاش الفنان الكوميدي عبد المنعم ابراهيم حياة صعبة ولكن كان يتجاهل كل ذلك من أجل أن يرسم الضحكة علي شفاه جمهوره ومحبيه.