هجوم جماهيري وإعلامي وفني وديني : الشهداء ليسوا مادة للسخرية: أحمد آدم و«ستاند آب كوميدي» أمام مذبحة حلب

بيروت ريما شري: أثار الممثل المصري أحمد آدم مقدم بربامج «بني آدم شو» الذي يذاع على فضائية «الحياة» المصرية، غضبا شديدا في الأوساط الإعلامية والفنية العربية هذا الأسبوع، بسبب تصريحاته الأخيرة عن مدينة حلب. ويواجه آدم، منذ الحلقة التي بثت الأربعاء الماضي، هجوما عنيفا من قبل فنانين ورجال دين وإعلاميين على خلفية "سخريته اللإنسانية» من ما يجري في حلب وادعائه أن ما يجري هناك من قتل ودمار هو مجرد إدعاءات كاذبة ومشاهد مفبركة. كما وادعى آدم في هذه التصريحات أن لا دخل لنظام بشار الأسد فيما تشهده المدينة، بل أنه صنيعة الولايات المتحدة ومنابر إعلامية عربية وغربية هدفها خداع العالم لمصلحة أجندات غربية. وبعد إنتشار مقاطع مقتطفة من الحلقة في الأوساط الإعلامية وموقع التواصل الإجتماعي، إستنكرت مجموعة كبيرة من الناشطين والفنانين ما اعتبرته إستخفافا بدماء السوريين وإنعكاسا لكوميديا منافية للأخلاق والإنسانية. ووصلت حملة الهجوم هذه إلى حد رفع دعاوى قضائية على آدم ورئيس مجلس إدارة تلفزيون «الحياة» بتهمة الإساءة إلى أهالي حلب والسخرية منهم. ودشن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ #أوقفوا_أحمد_آدم.
وبعد كل ما أثير عقب الحلقة، قدمت فضائية «الحياة» إعتذارا رسميا لشعب سوريا ووعدت أن يقدم الفنان آدم، هو الآخر، إعتذارا رسميا في حلقته المقبلة. لكن ما حدث كان العكس، فكل ما فعله آدم كان محاولة لتوضيح رأيه الذي «أسيء فهمه» ما أجج غضب المستنكرين وأدى إلى مطالبات بوقف برنامجه نهائيا.
بلاغ عام
قدم المحامي المصري يوسف المطعني بلاغا للنائب العام ضد آدم يتهمه فيه بالإساءة والسخرية من أهالي حلب في برنامجه. وأشار المطعني إلى أن آدم قام بحركات بهلوانية في برنامجه الكوميدي عندما تطرق إلى أحداث حلب، معتبرا أن في الأمر استهتارا وسخرية بالمشاعر الإنسانية. وأوضح ان «ما فعله آدم يتنافى مع رسالته كفنان» وأن طريقة تناوله للأحداث كان «حَيداً عن كل ما هو إنساني وأخلاقي». وقال أن «آدم ضرب بكل هذا عرض الحائط وإتخذ من أزمة السوريين مادة للسخرية والاسترزاق على حساب الدم». وطالب المحامي بالتحقيق مع آدم وفضائية «الحياة» مرفقاً ببلاغه تسجيلاً كاملاً للحلقة محل الواقعة.
«الحياة» تعتذر وتتبرأ
بعد موجة الغضب التي أثارتها تصريحات آدم وتداول فيديوهات مقتطفة من الحلقة على مواقع التواصل الإجتماعي، قدمت قناة «الحياة» الفضائية إعتذارا رسميا للشعب السوري عن ما جاء في برنامج آدم.
وقالت «الفضائية المصرية» في بيان لها أنها ترفض بشكل كامل أي إهانة للشعب السوري على شاشاتها، وتتقدم بالاعتذار عن أي إساءة صدرت، وأنها اتخذت موقفا حادا جدا تجاه ما حدث، مضيفة أن الحلقة المقبلة من «بني آدم شو» ستحتوي على اعتذار كامل لما حدث في الحلقة السابقة. وأضافت: ما حدث خلال حلقة «بني آدم شو» التي عرضت الأسبوع الماضي والتي هاجم خلالها مذبحة حلب والتي استشهد خلالها أشقاء سوريون، تعبر فقط عن وجهة نظر أحمد آدم وليس لشبكة تلفزيون «الحياة» دخل من قريب أو من بعيد بما يقال في البرنامج، خاصة أن تنفيذ البرنامج مع أحد الشركات الخاصة التي تقوم بالإشراف على المحتوى دون تدخل من القناة. من جهتها، استنكرت قناة «العربية» في تقرير لها تحويل ضحايا الحرب إلى مادة للسخرية.
آدم: بين الإعتذار
وتوضيح "سوء التفاهم"
بعد الضغوط التي أثارها برنامجه والهجوم الشرس ضده، خرج الفنان آدم عن صمته، رغم أنه "لم يعتد الرد على الهجوم" وقدم توضيحا لما حدث. وخلال حلقة الأربعاء، التي كان من المتوقع أن يقدم خلالها الفنان إعتذارا رسميا عن تصريحاته، قدم آدم توضيحا عن ما أثير في الحلقة السابقة، مؤكدا أنه لم يكن يقصد الإساءة من شهداء ونساء حلب وأنه يكن كل التقدير للشعب السوري. وقال آدم: «أنا من إمتى بتريق على الشهداء..أنا فنان، وجزمة كل شهيد في الوطن العربي على دماغي، وقلت في فيلم معلش احنا بنتبهدل إن سوريا هي المستهدفة بعد العراق، وذلك منذ 10 سنوات" على حد قوله.
كما اتهم آدم الإخوان بفبركة الفيديوهات التي تم تداولها بعد البرنامج وقدم تبريرا آخر زعم فيه أن تصريحاته بخصوص حلب كانت في الحقيقة ردا على مكالمة مزيفة لفتاة إدعت أنها من حلب وأن سخريته كانت على المكالمة وليس على الشعب السوري.
لكن وبعكس ما جاء في بيان قناة «الحياة» فإن آدم لم يقدم اعتذارا، وتمسك بموقفه الذي «أسئ فهمه» وعليه فقد أعاد الفنان عرض الفيديو الذي احتوى تصريحاته عن حلب موضحا أنه تم «اجتزاء» مشاهد من الحلقة الماضية؛ من أجل إثارة الغضب حوله.
وقال خلال الحلقة إنه دافع عن حلب الحقيقية، وكان يعرف أن الحديث عن تزييف الحقائق في سوريا، هو بمثابة الدخول فيما أسماه «عش الدبابير».
رجال الدين
وكان لبعض رجال الدين تعليقات واستنكارات حول تصريحات آدم الساخرة. فقد قدم المفكر الإسلامي فاضل سليمان اعتذارا للسوريين نيابة عن الشعب المصري حول تصريحات آدم. وقال على صفحته الخاصة على موقع التواصل الإجتماعي تويتر: "عذرا سوريا .. ليس كل مصري حقير نحن متعاطفون معكم. مرة أخرى آسف–سوريا». من جهته، وجه الشيخ السوري محمد ألماز رسالة إلى الشعب المصري في مقطع فيديو ظهر فيه أمام حطام أحد المنازل في مدينة حلب السورية. وقال: «نحن إخوانكم في الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة، كنا نجاهد معكم في حرب رمضان ضد أعداء الإنسانية، ألا تعلمون ما جرى علينا؟ هذه بيوتنا تدمر وهؤلاء أطفالنا يُقتلون أمام الناس. أما تذكرون عهد الأخوة بيننا وبينكم؟». وتابع «أترضون أن يخرج أحمد آدم ليرقص على جراح أطفالنا ونسائنا؟ أهذا هو عهد الإسلام؟».
أهل الفن
يبدو أن تصريحات آدم استفزت أيضا مجموعة من الفنانين السوريين واللبنانيين وغيرهم من أهل الفن والصحافة والأدب. بداية، كان من الملفت ردة فعل الفنان السوري سامو الزين الذي طالب آدم بالإعتذار وكتب على صفحته الخاصة في موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك: "أطالب وأستغيث بجميع وسائل الإعلام والصحافيين المحترمين وجميع الإعلاميين الموقرين والمسؤولين في جمهورية مصر الحبيبة على الرد والاعتذار الفوري من الفنان تحت مسمى أحمد آدم على ما قدمه في برنامجه عن السوريين عن كمية الإهانة والاستهزاء التي طرحها في البرنامج». وتابع «هل يعقل أن الموت أصبح مادة للضحك؟ صديقي المتجرد من الإنسانية أحمد آدم أعرف أنك صدمت السوريين جميعا بكلامك أرجو منك الاعتذار الفوري منك ومن محطتك». من جهته، عبر الممثل المصري الشاب أحمد مالك عن استيائه من سخرية آدم وقال: «الشخص ده اتهمني من كام شهر إنى بينقصني إنسانية، وإن الفنان لازم يكون حساسا ويشعر بالإنسان، الإنسانية مش بالأيديولوجيات يا أستاذ، أثبتَّ أنك لا إنسان ولا فنان، مجرد مدع تستخدم منبر برنامج فاشل، وبتأجر ناس يضحكوا بالأوامر، كفاكم كرهًا بقى!».
وفي تعليقه على تصريحات آدم، وجه الكوميديان أحمد حمدي، مقدم برنامج «ذا حمدي» رسالة في مقطع فيديو تم تداوله على موقع يوتيوب. وقال: «قذارة إعلامية .. الضحك على جراح وموت الناس وساخة.. البرنامج ده لازم يتوقف، أو يتغير اسمه، مينفعش البرنامج يبقى اسمه بني آدم شو».
أما الكاتب علاء الأسواني، فقد وصف آدم ب«البلياتشو السمج» وقدم اعتذاره للسوريين قائلاً: «البلياتشو السمج الذي سخر من مأساة سوريا يبدو أنه لم يفهم تعليمات الضابط الذي يشغله جيدا، نعتذر لأهلنا السوريين.انتم دوما في القلب».