فيما ألغى مجلس الامن الدولي الخميس الترخيص بعملية عسكرية لحلف شمال الاطلسي على مدى سبعة اشهر في ليبيا ادت إلى الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي ومقتله، أطلق سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي تهديدا جديدا لقادة الثوار والمجلس الانتقالي في ليبيا، متوعدا ب'نهر من الدم' انتقاما وثأرا لمقتل والده وشقيقه المعتصم، مؤكدا أنه بخير، وأنه لن يقبل العزاء في والده وشقيقه قبل إنجاز مهمته حتى لو استغرقت 50 عاما. وجاء إنهاء التفويض الدولي على الرغم من طلب قدمته الحكومة المؤقتة في ليبيا إلى مجلس الامن الدولي للانتظار حتى يتخذ المجلس الوطني الانتقالي الليبي قرارا بشأن ما إذا كان يريد مساعدة الحلف لتأمين حدود ليبيا. ووافق مجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة بالاجماع على قرار ينهي التفويض الممنوح من الاممالمتحدة والذي فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا وسمح لقوات عسكرية اجنبية منها قوات حلف شمال الاطلسي باستخدام 'كل الاجراءات الضرورية' لحماية المدنيين الليبيين. وقال القرار ان الترخيص من الاممالمتحدة بعمليات عسكرية اجنبية في ليبيا سينتهي الساعة 11.59 مساء بالتوقيت الليبي المحلي (21:59 بتوقيت غرينتش) يوم 31 تشرين الاول (اكتوبر). ورحبت سوزان رايس سفيرة الولاياتالمتحدة في الأممالمتحدة بقرار المجلس الذي يقول دبلوماسيون في المنظمة الدولية إنه أصبح منقسما بشدة بشأن تدخل حلف شمال الاطلسي في الصراع الليبي الذي استمر لوقت أطول بكثير مما كان يتوقع أو يراد له. وقالت رايس للصحافيين 'يغلق هذا (القرار) فصلا أعتقد أن التاريخ سيحكم بأنه يبعث على الفخر في تاريخ مجلس الأمن وخبرته حين تحرك بسرعة وفعالية لمنع القتل الجماعي في بنغازي وأجزاء أخرى من الشرق لحماية المدنيين بشكل فعال'. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بيان إن قرار المجلس 'حدث مهم آخر صوب مستقبل سلمي وديمقراطي لليبيا'. وأضاف قائلا 'دخلت ليبيا عهدا جديدا'. ورحب فيتالي تشوركين سفير روسيا في الاممالمتحدة والذي اتهمت بلاده حلف شمال الاطلسي مرارا بتجاوز التفويض الممنوح له لحماية المدنيين الليبيين بقرار إنهاء التدخل العسكري الاجنبي في ليبيا. وساهمت موسكو في رعاية القرار. وذكر مسؤول في حلف شمال الاطلسي في بروكسل أن الدول الاعضاء في الحلف حرة في توفير المزيد من المساعدة الامنية لليبيا بشكل منفرد. ولا يرفع القرار الحظر على الاسلحة أو غيرها من عقوبات الاممالمتحدة المفروضة على ليبيا منذ نحو ستة أشهر. وقال سيف الإسلام القذافي، الذي يرجح وجوده على مشارف الحدود مع النيجر، في رسالةٍ نقلها موقع 'سيفن دايز'، 'إنني أطمئن عائلتي: والدتي وإخوتي إنني على ما يرام، وإنني كما عرفتموني دائما لا يمكن أن أخون وصية والدي حيا، فكيف أخون وصيته ودمه ميتا؟'. وأضاف سيف 'إنني وفي هذا الوقت التاريخي أريد أن أحدد مصير القضية بوضوح، لأن البعض يرون أن كل شيء انتهى، لكن الحقيقة أن كل شيء قد بدأ الآن، لقد كنت مؤمنا دائما بالدفاع عن ليبيا، وبالانتقام من الخونة والمجرمين الذين أظهروا حقيقتهم للعالم كله، وحتى لو لم أكن مؤمنا بذلك، فإن ما حدث يدفعني بكل قوة إلى أن أحوّل نهارهم إلى ليل، وحياتهم إلى جحيم، وأن أزرع حولهم الموت زرعا أينما كانوا'. وأكد أنه لن يقبل العزاء في والده القذافي الذي قُتل على أيدي الثوار بعد اعتقاله حيا الخميس الماضي في مسقط رأسه سرت، وقال: 'لن أقبل عزاء في والدي ولا في إخوتي حتى أُنهي مهمتي وأُنجز واجبي ولو بعد خمسين عاما'. وأضاف قائلاً 'إنني أدعو كل المؤمنين بقضيتي الذين يتقاسمون معي ألم فقدان عزيز، وهم كثيرون، والذين يتقاسمون معي الجرح والثأر وواجب المقاومة، أدعوهم لا لاسترداد تاج ضائع؛ ولكن لاسترداد ليبيا الضائعة، لاسترداد الشرف الضائع' على حد وصفه. وتابع سيف الإسلام 'لقد أشعلوا النار فليتحملوا الحريق، ولقد أهدروا الدم فليجرِ نهر الدم، فلن نرحمهم أبدا'، مؤكدا أن حلف الناتو حتى وإن لم ينسحب فإنه لن يستطيع حماية هؤلاء في بيوتهم وفي سياراتهم وفي أعيادهم وفي أماكن عملهم. ومضى سيف يقول في رسالته: 'لقد كان معمر القذافي ينهانا عن حرقهم وكنا نستطيع ذلك، وينهانا عن حرق آبار النفط وقد اقترحت عليه قبل سقوط طرابلس نسف المطار فرفض، لكن اليوم من يحميهم منا؟ ومن يرحمهم؟.. سأحرقهم حتى تبتسم الوالدة الحاجة صفية وترضى.. وحتى تزغرد عائشة ويفرح قلبها.. وحتى يرجع الفرح إلى كل قلب زرعوا فيه الحزن في ليبيا'. واختتم رسالته بقوله 'إنهم ليسوا شجعانا، ولن يكونوا، ولقد عرفهم الشهيد المعتصم بالله على حقيقتهم، وستعرفهم كتائب المعتصم على حقيقتهم أكثر، أنا ابن أبي، وأنا شقيق المعتصم، وأنا ابن ليبيا، وأنا واحد من آلاف من الناس الذين ورثوا الجرح والثأر، ولن نحترم دماء ضحايا ليبيا إذا لم نلاحق قتلتهم في كل مكان حتى تضيق عليهم الأرض'، حسب قوله. يكافح سكان مدينة سرت الليبية مسقط رأس معمر القذافي لتقبل الدمار الذي طال مدينتهم وهي قرية صيد ذهبت تطلعاتها في الماضي إلى ان تصبح 'عاصمة لافريقيا'. وبعدما سيطر مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي على قطاعات من ليبيا لجأ القذافي إلى سرت التي كان قد أعدها لتكون مركزا دوليا وأقام فيها مركزا كبيرا للمؤتمرات. وسويت أجزاء كثيرة من سرت بالارض خلال القتال بين قوات القذافي ومقاتلي الحكومة المؤقتة الحالية. وقال ساكن ذكر ان اسمه ابو عبد الرحمن مشيرا إلى جهاز تلفزيون عليه آثار إطلاق نار وأثاث محطم 'لم نتوقع قط مثل هذا الدمار... هل هذا ما قالوا إنه ثورة؟ آثرنا الفرار على القتال ومع ذلك دمروا منازلنا'. وأضاف 'عاملونا كحيوانات لا تستحق الحماية'. وكثيرون في سرت مستاءون من مقاتلي الحكومة الليبية المؤقتة الذين يلقون عليهم باللائمة في الطريقة المهينة التي اعتقل بها القذافي وقتل الاسبوع الماضي وما يقولون إنه دمار متعمد للمدينة. وقال ساكن آخر في سرت جلس في منزله المدمر الذي مازال علم ليبيا الأخضر القديم يرفرف عليه 'عشنا مع القذافي 42 عاما ولم يهاجم منازلنا بجيشه. عاش معمر ومات كالرجال'. وأثار عرض جثة القذافي في وحدة تبريد بمدينة مصراتة مشاعر غضب في نفوس أفراد في قبيلته والعديد من سكان سرت. وقال الساكن الذي لم يذكر اسمه 'لن ينسى الناس الإذلال الذي لحق به. لست من أفراد قبيلته لكنني أقول لك إنني لن أنسى ما حدث له'.