رياض الأطفال بشرق مدينة نصر تستعد لانطلاق العام الدراسي الجديد (صور)    اللون الأحمر يُسيطر على مؤشرات البورصة المصرية وسط توترات جيوسياسية متصاعدة.. والرئيسي يهبط 0.92%    آليات التصرف في العقارات للمشروعات بنظام حق الانتفاع وفقا للقانون    جيش الاحتلال: هاجمنا بنية تحتية عسكرية لنظام الحوثي بميناء الحديدة في اليمن    لحظة بلحظة.. آخر تطورات الأوضاع في السودان    بعد إصابة إمام عاشور بفيروس A.. فحوصات طبية شاملة وتحليل دم للاعبي الأهلي    تأجيل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو    وزارة الشباب تستقبل بعثة ناشئات السلة بعد التتويج التاريخي ببطولة الأفروباسكت    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 سنة يختتم تدريباته قبل السفر إلى غينيا الاستوائية    تاجيل محاكمه المهندس يحيي عبد الهادي المتهم بنشر اخبار كاذبه والتحريض لارتكاب جريمه ارهابيه    وزير التعليم: خطة متكاملة لضمان بداية منضبطة للعام الدراسي الجديد.. جولات شهرية ولقاءات لمتابعة العملية التعليمية.. وحافز للمعلم بدءا من نوفمبر    النيابة تطلب تحريات تعدي شاب ووالده على فتاه وشقيقها في الإسكندرية    خبراء الأرصاد يعلنون توقعاتهم لطقس الأربعاء 17 سبتمبر 2025    نجيب ساويرس: كنا موفقين في اختيار سينما من أجل الإنسانية شعارا لمهرجان الجونة السينمائي    إنطلاق فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان "هي الفنون – She arts" تتويجًا لإبداعات المرأة الفنية في كل أنحاء العالم    المنيا.. مصرع أمين شرطة في حادث انقلاب سيارة بسمالوط    «البترول» تصدر إنفوجرافًا يوضح نجاحها في تأمين إمدادات الطاقة بالكامل    تجارية الجيزة: أهلاً مدارس يواصل نجاحه.. لن نسمح بتخفيضات وهمية    نائب محافظ القليوبية تُشارك في احتفالية توزيع شنط مدرسية على 200 طالب    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    مدرب بيراميدز: لا نخشى أهلي جدة.. وهذا أصعب ما واجهناه أمام أوكلاند سيتي    الوزير: تصدير الأتوبيسات الكهربائية لأوروبا شهادة ثقة في الصناعة المصرية    جهاز تنمية المشروعات يشارك بمنتدى بناة التجارة للمنطقة القارية الأفريقية    وزير الزراعة يشهد توقيع بروتوكول بين البحوث الزراعية والتصديري للحاصلات الزراعية    البنك الأهلي يواصل دعمه لمدينة زويل ويحتفل بتخريج الحاصلين على منح دراسية    تعكس التعطش للنهل من كتاب الله.. أوقاف الفيوم: المقارئ القرآنية تشهد إقبالًا واسعًا من رواد المساجد    إصابة 5 أشخاص من أسرة واحدة بالمنيا    3 طن من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك الآدمي خلال حملات بالبحيرة    إيقاف تشغيل القطارات الصيفية على خط القاهرة – مرسى مطروح والعكس    برشلونة يحدد ملعب يوهان كرويف لمواجهة خيتافي في الجولة الخامسة من الليجا    «منصة مصرية عالمية للعلم والإبداع».. مدبولي يدشن الأكاديمية الدولية للعمارة    أيمن وتار ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التوني غداً الأربعاء    التنمية المحلية ومحافظ الأقصر يتسلمان جائزة الآغا خان العالمية للعمارة    خارجية السويد: الهجوم العسكرى المكثف على غزة يفاقم الوضع الإنساني الكارثى    مهرجان الجونة السينمائي يكشف عن برنامج أفلام الدورة الثامنة خارج المسابقة    هند صبري عن والدتها الراحلة: علاقتنا كانت من نوع خاص وعايشة باللي باقي منها    هل سمعت عن زواج النفحة؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى    موعد شهر رمضان الكريم وأول أيام الصيام فلكيًا    وزارة الصحة تطلق خطة لتأهيل 20 ألف قابلة وتحسين خدمات الولادة الطبيعية    وكيل صحة الدقهلية يتفقد مستشفى دكرنس المركزي    محافظ المنيا يتابع أعمال القافلة المجانية لخدمة 5 آلاف مواطن    وزير الصحة يترأس 
لجنة الدعم الصحى والاجتماعى للجرحى والمرضى من قطاع غزة    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    أستاذ فقه: الشكر عبادة عظيمة تغيب عن كثير من الناس بسبب الانشغال بالمفقود    روسيا تستهدف زابوريجيا في موجة جديدة من الهجمات الليلية    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    وزير الأوقاف لمصراوي: أتأثر كثيرا ب د. علي جمعة.. والرسول قدوتي منذ الصِغر    نتيجة تقليل الاغتراب 2025.. مكتب التنسيق يواصل فرز رغبات الطلاب    مدرب الهلال: لودي اختار قراره بالرحيل.. ويؤسفني ما حدث    اسكواش - تسعة مصريين يتنافسون في ربع نهائي بطولة مصر المفتوحة    الرئيس البولندي يدعو الناتو إلى تعزيز قدراته على الردع    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    ترامب يستبعد شن إسرائيل المزيد من الضربات على قطر    "الأمم المتحدة" تنظم أول ورشة عمل إقليمية حول السياحة الاستشفائية في الشرق الأوسط    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 122 ألف سلة غذائية عبر قافلة زاد العزة ال38 إلى غزة    الصحة: حل جميع الشكاوي الواردة للخط الساخن 105 استطاع خلال أغسطس الماضي    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن : التصويت العقابي في الانتخابات البرلمانية القادمة
نشر في الزمان المصري يوم 06 - 09 - 2015

تعيش بعض دول الحراك مغالطات من نوع آخر تدور حول نسبة المشاركة في الانتخابات، التي لا تُعبّر عن الحجم الحقيقي للمشاركة بما يُثبت الأغلبية والأقلية فنسبة كبيرة من الكتلة الانتخابية التي يحقّ لها التصويت لم تُشارك في الانتخابات عزوفًا، بسبب الإحباط أو قلّة الوعي بطبيعة المرحلة …الخ…. وهي تسعى اليوم لتنظيم نفسها في منظمات وأحزاب سياسية استعدادًا لاستحقاقات مقبلة.
إن الكتل التصويتية التي ستحصل عليها القوى السياسية في الانتخابات البرلمانية القادمة سيكون عاملاً أساسيًا فيها "التصويت العقابي لان أكثر التيارات المستفادة من ذلك التصويت هو حزب النور، و سيصب في صالحه نزول الإخوان وفلول الحزب الوطني المنحل، لأن ذلك سيدفع المواطنين لاختيار مرشحي النور لان النور في الفترة القادمة سيكون له كتلة في البرلمان لن تتجاوز ال20%، وهي النسبة التي حصل عليها في انتخابات 2011، وهذا الحزب يتعامل بمرونة مع كل أزمة تقابله وهو ما يعني أنه سيتأقلم مع كل التضييفات التي تفرض عليه.
إن سياسات النخبة السياسية التي أفرزتها المرحلة الانتقالية السابقة علي انتخابات مجلس النواب القادم والتي وان حققت مكسبا أساسيا وهو حماية المسار الديمقراطي ومنع كل محاولات الانقلاب عليه فإنها لم تنجح بالقدر الكافي في تحقيق إشباع انتظارات كثيرة للناخب المصري والتي كانت تأمل في قطيعة جدية ونهائية مع المنظومة القديمة. استمرت المرحلة الانتقالية عامان والذي كان مناسبا ليس فقط لتقاليد المراحل التأسيسية بل أيضا لضرورات المرحلة التأسيسية في مصر بالذات حيث كان يمكن لو كان هذا الأفق واضحا من البداية أن يسمح بخطط إصلاح هيكلية سريعة تفرز بعض المكاسب الاقتصادية والاجتماعية وإصلاحات إدارية عاجلة تبدأ مقاومة الفساد والمحاسبة.
بلا شك فإن الأسباب الهيكلية للوضع الصعب الذي واجهته النخبة السياسية التي أفرزتها الانتخابات الماضية لا ترجع إلى مرحلة ما بعد الثورة بل ترجع إلى سياسات واستراتيجيات كارثية للنظام القديم الذي قامت عليه الثورة. العجز في الميزانية الذي بلغ آلاف المليارات يرجع فيما يرجع إلى دفع خدمات الديون التي حصل عليها النظام القديم ولكن أيضا خاصة "دعم الطاقة" المتفاقم والذي يرجع إلى سياسات طاقية قديمة تهاونت في مستوى العقود في استغلال جيد للموارد الطاقية المحلية ولم تنطلق بشكل مبكر في استراتيجيا الطاقة المتجددة. المشكل أن النخبة السياسية الجديدة كان عليها أن تواجه في نفس الوقت توقعات وانتظارات شعب قام بثورتي وحملة إعلامية ممنهجة حملت كل المشاكل ليس للأسباب الهيكلية القديمة والمرتبطة بالنظام القديم بل لمرحلة ما بعد الثورة. كل ذلك خلق صورة "الفشل الذريع" للنخبة الجديدة. وللعلم عامل المال هو في كل المعارك الانتخابية خارج مصر – سواء برلمانية أو رئاسية – له دوره دائماً.. أما عندنا في مصر فإن هذا العامل له تأثيره أيضاً طوال التاريخ سواء قبل 1952 أو ما بعدها حتى في ظل الحزب الواحد.. بل حتى حزب السلطة في السنوات التي سبقت 25 يناير، وهو الحزب الوطني المنحل، كان في بعض الأحيان يختار ضمن قوائم مرشحيه من يقدم للحزب تبرعات مالية مقابل ضمه لهذه القوائم.. وما حدث في 25 يناير و30 يونيه لا يلغي تأثير عامل المال.. فمازال المال يلعب دوراً أساسياً في الانتخابات البرلمانية حتى الآن، رغم أن القانون يلزم اللجنة القضائية بتحديد الحد الأقصى للإنفاق علي الدعاية الانتخابية ويلزم المرشح بعدم تجاوزه.
وربما يكون الذي تغير فقط بعد 30 يونيه الطريقة التي سوف ينفق بها المال في الانتخابات البرلمانية المقبلة.. فنحن لن نشاهد توزيع السلع الغذائية من زيت وسكر وبطاطس كما كان يفعل الإخوان دوماً من قبل، أو كما حاول الحزب الوطني المنحل محاكاتهم في الانتخابات البرلمانية عام 2010، وإنما سوف نشاهد صوراً أخري لإنفاق المال في المعركة الانتخابية ومن أجل جذب أصوات الناخبين، مثل الإنفاق علي تمويل خدمات يحتاجها الناخبون في الدوائر الانتخابية، مثل التبرع لبناء مدارس أو مساجد أو شق طرق أو عيادات ومستشفيات خاصة في تلك الدوائر الانتخابية التي يوجد في إطارها قري فقيرة أو أحياء شعبية ومناطق عشوائية في المدن.. كما سوف ينفق المال أيضاً علي تسهيل وصول الناخبين إلي مقار اللجان الانتخابية للإدلاء بأصواتهم ثم العودة إلي قراهم أو مناطقهم السكنية مرة أخري. . الانتخابات محطة تستأثر باهتمام المتتبع للشأن السياسي، وفرصة للباحثين في مجال علم الاجتماع السياسي، من أجل دراسة وفهم ظاهرة العزوف وتفسير دوافع التصويت العقابي، ومختلف المواقف المصاحبة للمزاجية التي يسلكها الناخب بمفرده داخل المعزل، وتخلق دينامكية تفتح منابر النقاش العامة. في ظل انتشار ثقافة استطلاعات الرأي، تتعدد زوايا القراءة من الوقوف على أنماط التصويت، إلى رصد لمحدداتها القانونية والتشريعية، وللزوايا المحيطة بعملية الانتخابات ككل مع مختلف الأطراف المتدخلة والمتداخلة فيها، إلى ظواهر الترحال وأشكال الحملات وتأثيرها في تشخيص معالم السلوك الانتخابي الذي ينبئ بنوايا التصويت لدى الناخبين، ومن ثم بالنتائج المحتملة والتي تتفاعل فيها عدة مكونات. وفي ظل النسبة العالية للأميّة وضعف الثقافة السياسية وعنصر المفاجأة الذي باغت الشعوب العربية، فإن السلوك الانتخابي لا يتحدّد أو ينبني كما في الأنظمة الديمقراطية التقليدية على عوامل اجتماعية – ديموغرافية ترتبط بالهويّة الحزبيّة التي تترسّخ منذ عهد الطفولة
وفقًا للبيئة الاجتماعية والتنشئة السياسية والتربية المدنية التي تسمح بقراءة صحيحة وواضحة للرهانات والبرامج، ولا يتحدّد ذلك السلوك بشكل عقلاني وفقًا للمكاسب والمنافع المتوقّعة من هذا المرشّح أو ذاك، بحيث يتم وضع الناخب وفقًا لخياراته الاقتصادية والسياسية بعيدًا عن العامل الإيديولوجي الذي يُعتبر في أغلب الحالات من أضعف محدّدات السلوك الانتخابي في الأنظمة الديمقراطية الراسخة، بسبب وجود عهود وعقود وتوافقات دستورية راسخة حول كل ما هو ثوابت توافق عليها الجميع ومع وجود مشروع مجتمع تمّ الاتفاق أيضًا على أسسه وطبيعته ومحدّداته، ولكنه يتحدّد وفقًا للعقل الجمعي والعصبية الدينية -الإيديولوجية التي أقصد بها توظيف الدين في السياسية أو وفقًا للعصبية الطائفية كما حدث في بعض مدن الصعيد في مصر عندما تحدّد السلوك الانتخابي لصالح السلفيين مقابل المسيحيين – الليبراليين ومن ثم تُصبح الديمقراطية خارج التوافق الحتمي حول العقود والدساتير مجرّد سوق سياسية إيديولوجية وضمانات وقائية من شرّ السلطة التعسفية.
كما يلعب ضعف المجتمع المدني والنقابات المهنية في ظل وجود كل هذه العوامل دورًا كبيرًا في هشاشة الأغلبية المنتخبة، حيث تقوم منظمات المجتمع المدني عادة بترسيخ التقاليد الديمقراطية والنضالية باعتبارها جماعات ضغط تقوم بدور فاعل في تضمين مطالب الفئات الشعبية في برامج الأحزاب والدفاع عنها، ومن ثمّ يُعتبر غيابها أو ضعف أدائها في المجتمع غيابًا للرقابة ولآليات ضبط عمل الأحزاب وإضعافًا للوعي والثقافة المدنية والسياسية للناخب الأمر الذي تنتج عنه أغلبيّة عدديّة لا أكثر.
وأخيرًا، يُعتبر صوت المرأة عاملاً مهمًّا جدًّا في تحديد مفهوم الأغلبيّة والأقليّة في المراحل الانتقالية، وفقًا لموقع المرأة في مجتمعات ودول الحراك فالسلوك الانتخابي للمرأة على مستوى القرى والأرياف قد يختلف عن سلوكها على مستوى المناطق الحضريّة والمدن، ففي الحالة الأولى غالبًا ما يتحدّد هذا السلوك وفقًا لاتجاه الرجل ربّ الأسرة، بينما يختلف الحال عن ذلك نسبيًّا في المدن، ومن ثمّ فإن محدّدات السلوك الانتخابي في دول الحراك تصبّ عمومًا لصالح الأحزاب التي تعيش فيها المرأة تبعيّة واضحة للرجل في قراراتها، ولكن يبقى ذلك كله خاضعًا لطبيعة المراحل الانتقالية،
**كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.