القائمة هي الحل لتحقيق ديمقراطية حقيقية، تقوم علي تعدد فعلى للأحزاب، وليس مجرد تعدد شكلى. والقائمة هي الحل لوقف تَسرُّب نواب الحزب الوطني المنحل إلي البرلمان الجديد. ويكفي أن نعرف أن الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق، المرشح السابق للرئاسة، أجرى اتصالات من الإمارات خلال الأسابيع الماضية، بعدد من قيادات الحزب الوطني المنحل، ونوابه السابقين، حتي يدعمهم في الانتخابات المقبلة، شريطة أن تكون فردية وليست بالقائمة النسبية أو المطلقة. ويبدو أن حظ مصر في الديمقراطية قليل. فما كدنا نتخلص من هيمنة جماعة الإخوان المسلمين علي البرلمان، إلا وظهر «شفيق»، يحاول تجميع نواب الحزب الوطني المنحل من جديد ليخوض بهم معركة استعادة السلطة.. وكأن لا ثورة 25 يناير قامت، ولا تبعتها ثورة 30 يونية. وكأن الزمن توقف بنا في عهد مبارك.. عندما كان الحزب الوطني يسيطر علي المقاعد عبر التزوير الذي يكون سهلاً مع نظام الفردى، وصعباً مع نظام القائمة. فالقائمة هي الضمانة لمنع التزوير، وإحداث تحول ديمقراطي حقيقي، مع النظام الانتخابي في أي أمة وينظم ويتحدد وفقاً للأحوال الثقافية والاقتصادية والتعليمية للشعب الذي يؤثر في اختيار النظام الملائم لتوفير انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ومن ثم العالم يعرف نظامين أساسيين الفردي والمقابل له القوائم سواء المغلقة أو النسبية. والنظام الفردي في مصر منذ 1923 حتي دستور 1971 وكان يتلاءم مع أوضاع الشعب والمجتمع المصري مع وجود 40٪ من المصريين أميين و45٪ منهم دخولهم لا تزيد علي دولار واحد في اليوم و13٪ من القوي العاملة في حالة بطالة وعجز في الميزانية وميزان المدفوعات والميزان التجاري. ومع تفاقم الأوضاع التعليمية والاقتصادية والمعيشية لغالبية الشعب عما كان في 1971 وما قبلها في 1923. الخبراء والمختصون من جانبهم يرون أن النظام الفردي للانتخابات لم يعد يصلح ويشوبه العديد من السلبيات!! المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق.. يري في النظام الفردي إعادة لاستخدام المال السياسي واستغلال فقر بعض الناخبين وكذلك استغلال الجهل والأمية لكي يقود رجال المال والأعمال وملاك الأراضي الزراعية الكثير من الأميين والفقراء لانتخاب أشخاص بعينهم وخاصة في الأماكن البعيدة والمتطرفة كالصعيد ورفع شعار العصبيات والقبلية ونفوذ الأسرة ومن ثم إفراز انتخابات غير معبرة تعبيراً صادقاً عن الإرادة الشعبية والعمل من أجل التقدم والتنمية لقوي الشعب المختلفة مع ضعف واضح لمعظم الأحزاب السياسية التي لم يكن لها دور في توعية وتثقيف وتوجيه الناخبين نحو الالتزام بمنهج منظم في برامج لهذه الأحزاب ضماناً ليكون هناك نواب أكثر كفاءة واتصالاً بالناخبين ومن ثم التأثير علي المجتمع والتوجه به إلي النخبة الشاملة. وأشار -الجمل- إلي محاولات قد تمت خلال وقبل وبعد ثورة 25 يناير لتغير الوضع الخاص بالانتخاب الفردي وإحلاله بالقوائم بدلاً منه ولكنه طعن علي قانون مباشرة الحقوق السياسية علي أساس إهداره المساواة بهذه الصورة بين الأفراد المستقلين والمنتمين إلي الأحزاب السياسية الذين لم يكونوا يزيدون على 5٪ من الناخبين، ولذلك تم النص في الدستور علي أن للمشرع القانوني أن يحدد أي نظام من الأنظمة الانتخابية، حتي يتم النظام الملاءم للظروف بالنسبة للناخبين والمرشحين دون تعرض ببطلان وعدم دستورية الانتخابات. وبعد حل مجلس الشعب مرتين لهذا السبب استقر علي أن تكون الانتخابات بالقائمة بنسبة الثلثين وللفردي الثلث وذلك لتفادى السلبيات الخاصة بهذين النظامين وهو ما يقتضى أن تحدد الدوائر الانتخابية بصورة معقولة بما يمكن المرشحين سواء بالقائمة أو الفردي من الاتصال بالناخبين وتقويم البرامج الذي يدافعون عنها سواء كانت برامج حزبية أو فرضية. وحرصاً علي استمرار التوافق الوطني والسياسي في تلك المرحلة الحساسة.. فيري حامد الجمل ضرورة إجراء الانتخابات القادمة بالنظام المختلط المذكور في قانون مباشرة الحقوق السياسية والدستور الجديد وعندئذ سيكون الوضع أكثر استقراراً من الأخذ بأحد النظامين دون الآخر. الدكتور نور فرحات، الفقيه الدستوري والمرشح للجنة الخمسين وبإيجاز يري أن الانتخابات بنظام القائمة يتلافى بمتقضاه كل عيوب النظام الفردي من استغلال لفقر وجهل بعض المصريين وكذلك رفع لواء العشيرة والقبائلية. المستشار مصطفى الطويل -الرئيس الشرفي لحزب الوفد- يدعم وبقوة الانتخابات بالقائمة النسبية علي اعتبار أنها تعطي لكل حزب حقه وتواجده في الشارع ومن ثم تمثيل حقيقي في مجلس الشعب وبينما النظام الفردي يجسد شراء أصوات الناخبين وتسلل من جديد للإخوان أو للحزب الوطني وخاصة في المناطق الشعبية والريفية وهو ما لا يوجد بنظام القائمة وعلاوة علي ذلك استغلال الدين والتأثير علي الناس باستغلال العاطفة والفطرة بحماية الإسلام ومن ثم لا يكون هناك أي تمثيل حقيقي للأحزاب. الدكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري يقول: الأحزاب تفضل نظام القوائم لأن هذا النظام يعني أن كل حزب يدخل بقائمة، ويكون هناك تنافس بين الأحزاب بصرف النظر عن المرشحين ببرنامج معين، ويتميز نظام القوائم بأنه ينشط الحياة السياسية الحزبية، ويباعد بين تأثير الناخب عن المرشح بحيث لا يكون النائب عبداً للناخب، ولا يكون هناك مصالح شخصية ويهتم النائب بمصلحة الوطن ليكون نائب للأمة كلها وألا يتأثر بمصالح الناخبين، بل يتفرغ للحديث عن الدور الحقيقي في المساءلة القانونية، ويباشر دوره كنائب عن الشعب المصرى، لكي يكون البرلمان قوياً ويجعل هناك تنافساً حقيقياً بين الأحزاب للوصول إلي الحكم، بما يخلق حياة حزبية قوية، وثقافة الناخب تختار الحزب بصرف النظر عن الحزب نفسه. أما المقاعد الفردية فأهم مساوئه إن الدائرة تكون صغيرة، والصلة بين الناخب والنائب تقوم علي العلاقة الشخصية بينهما، كما أن التنافس محدود، لذا نجد أنه عند عمل برلمان جديد، لابد من مراجعة الحالة السياسية الآن بعد خروجنا من سيطرة حزب واحد وأحزاب ذات مرجعية دينية سيطرت علي الحياة السياسية، فنحن لدينا ما يقرب من 42 حزباً ذات مرجعية دينية نشأت في ظل دستور فرض بالقوة، مما أحدث نوعاً من الارتباك في الحياة السياسية، في ظل ضعف الأحزاب الأخرى وتفتيتها، لذا فإنه إذا تم إجراء الانتخابات بنظام القوائم ستكون هناك نتائج جيدة، لكني أري أن المقاعد الفردية في المرحلة الحالية ولمدة واحدة سوف تعالج ما حدث في الحياة السياسية، ومن الممكن معالجة مساوئها المتمثلة في استخدام البلطجة والاحتكار وسيطرة المال، بعمل سقف للدعاية الانتخابية، فوجود المقاعد الفردية الآن أمر حتمي لمعالجة ارتباك الحياة السياسية والبرلمانية في الفترة الانتقالية وذلك لفترة واحدة، وبعدها لابد أن يجدد النظام الانتخابي بنظام القوائم الذي يعد الأفضل. عبدالغفار شكر -نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان ووكيل مؤسسى التحالف الاشتراكي الشعبي- يرفض بشدة نظام الانتخاب الفردي لعدة أسباب أنه لن يعطي فرصة للأقباط وللمرأة وللشباب التمثيل في مجلس الشعب وقد يفرز برموز وأعضاء النظامين الإخواني والوطني، كما أنه نظام يتم من خلاله المفاضلة علي أساس السمات الشخصية للمرشح في حين أن متطلبات المرحلة يجب أن تتم علي أساس المفاضلة بين البرامج السياسية وهو ما يتوفر من خلال نظام الانتخابات بالقائمة وخاصة في مرحلة التحول الديمقراطى في مصر والذي يتطلب تمثيل كل فئات الشعب وتقرير الحياة السياسية. نظام وسطى الدكتور جمال زهران أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، يقول: يتميز النظام الانتخابي بالقائمة بأنه لا توجد به أصوات مهدرة إلا في حدود 10٪ فقط، أما النظام الفردي فيكون به 49٪ أصواتاً مهدرة، وإذا نظرنا لحزب الوفد علي سبيل المثال نجد أنه عندنا دخل انتخابات عام 2005 فردي حصل على 7 كراسى فقط، وعندما دخل بنظام القائمة مثل أكثر من 30٪ لكننا في هذه المرحلة لابد من التفكير في الواقع السياسي المصري، فنحن لدينا ما يقرب من 40٪ أمية، و20٪ ليس لديهم وعي سياسي أو قدرة علي الانتخاب أو التميز الانتخابي، فنظام القائمة يفرض علي الناخب قائمة تضع له حد أدنى لكل حزب علي مستوي الجمهورية مما يضيع حق الناخب في الاختيار، لذا لابد من عمل نظام قائمة أقرب إلي الفردى فلابد من إعطاء الفرصة لنظام وسطى، بمعني أن تكون هناك دوائر صغيرة مثل مجلس الشورى القديم، يضم 3 دوائر في دائرة واحدة، كل دائرة يكون بها من 4 - 6 مرشحين، وينجح كل واحد علي حسب الأصوات في دائرته وهذا يعطي الفرصة في الحفاظ علي حقوق المستقلين أيضاً، لأن الأحزاب لا تضم عدداً كبيراً من الشعب، فضلاً عن أنه من الممكن أن تنجح الأحزاب الدينية التي وصل عددها الآن إلي أكثر من 20 حزباً دينياً، لذلك فإننا نحتاج في هذه المرحلة إلي التفكير بموضوعية شديدة وإلي نظام انتخابى ملائم غير قائم علي مصالح خاصة. أحمد عز العرب، عضو الهيئة العليا بالوفد، يقول: النظام الفردي لا يناسب الفئات المصرية، فهو مجال لمن ينفق أكثر، خاصة من رجال الأعمال الذين يستغلون مواردهم بشتي الطرق من أجل الوصول لأهدافهم، فالنظام الفردي يستخدم المال في الحشد، والأحزاب ليس لديها هذه المقدرة، أما نظام القائمة فيعد أفضل من النظام الفردى، لأنه يعطي الفرصة لكل من له تواجد للترشح، لذا فإن أغلب الأحزاب والقوي السياسية تفضل نظام الانتخاب بالقائمة من أجل تنشيط الحياة السياسية، كما يأتي أيضاً بنتائج إيجابية، أما النظام الفردي فهو ليس في مصلحة الأحزاب، لأنه يجعل فرصتها قليلة. الدكتور حسن أبو سعدة رئيس الحكومة الموازية بحزب الوفد، يقول: النظام الانتخابي بالقائمة هو الأنسب في ظل وجود تجمع من الأحزاب السياسية، فهو الأفضل حالياً نظراً لأنه يضمن تمثيلاً جيداً للأحزاب في مجلس النواب، فضلاً عن أن أغلب أفراد الشعب المصري ينتمون للأحزاب القوية التي تمثلهم، والتي تتضمن كفاءات ذات خبرة واسعة في مجال العمل السياسي مما يحقق أهدافاً عامة، كما تتضمن الانتخابات بالقائمة ترشيح برنامج حزبي والاختيار علي أساسه. أما النظام الفردي فمساوئه عديدة، فهو يعتمد علي العصبية القبلية في المحافظات التي بها عائلات، حيث يتم استبعاد ذوي الخبرة السياسية، والكفاءات المختلفة، لعدم وجود عصبية لهم في محافظاتهم، لكنه من ناحية أخري يسمح لقائمة عريضة من الشعب بالمشاركة في الانتخابات، لكن الأقليات هم الذين يتمكنوا من النجاح في القري والنجوع فيأتي تشكيل المجلس مبني علي التشكيل العصبي القبل، لذا فإن نظام القائمة يكون الأفضل للصالح العام للدولة.