صحراءٌ جرداء الشمس حارقة، و الرمال في كل مكان.. الظمأ يقتلني ..الماء قد نفذ ..كما الطعام ..لقد هربت من بعد أن جف النهر وانقطع المطر عن الهطول. عن ماذا سأبحث الآن. وجدت بئراً قديما وبجواره شجرة ربما أقطف منها بعض الثمار و سنظل نقتسم أنا و هذه الشجرة و بعض العامه الماء حتي ينضب البئر و تموت الشجرة منذ وقت ليس بالقليل .وهذا هو الحال .و لكن هل سأبقي هكذا أرحل لأجد دلواً من الماء وبعض الثمار ربما حان الوقت لأبحث عن وطن أخر. لأجد هناك ما أصبو إليه.ربما جفاف النهر هنا كان إشارة أن هذا المكان ليس بمكاني و أنه ليس وطني خصوصا و أن غيري مازال يحتفظ بالماء ، وتمتلأ المسابح داخل منزله الفخيم بالماء العذب الذي لا أجده أنا والآخرين لنروي عطشنا و توجد داخل حدائقه أشجار و ثمار و لا يجرؤ أحد علي الاقتراب هو إذن صاحب المكان و الوطن وطنه .أما أنا فلا , أنا راحلٌ من هنا إلي أي مكان لعلي أجد زادي و حريتي ,أجد وطني و أجد الحياة , أحبكي يا أرضي لكنه حبٌ فاشل من طرف واحد ضعيف هزيل معدم ,أنا راحلٌ إلي الأرض أو حتي إلي السماء,,, ما هذا الصوت ؟ إنها أصوات أقدام تضرب الأرض !! إنها أقدامٌ كثيرة !!! أنا ذاهبٌ لأري ماذا هناك من كل هؤلاء ؟؟ الكثير من الفتيان يقفون عند منبع النهر يضربون بأقدامهم بكل قوة الكثير من العطشي ينضم إليهم , حناجرهم تصرخ حتي عنان السماء "النهر لنا" " الشعب يريد الماء للجميع" إنها رغبة الجميع أنا معكم وأحد جنودكم , الآن يهتز الوادي تحت ضرب الأقدام, ها قد تسرسب بعض الماء , انصرف البعض ليشرب .و لكننا ها هنا لن ننسحب حتي يستجيب لنا القدر ويملأ الوادي كله الماء , طبول حرب تدق في الأذان إنهم أصحاب القصور وعمالهم قد أتوا بخيولهم و حميرهم و أحضروا أيضاً جمال يتهموننا أننا بهزنا للوادي بدأ الماء بآبارهم في انحصار و أنهم لن يسمحوا لنا بأن بهز الاستقرار و بالطبع فقصر الملك المغوار المبني علي النهر الجاف يخشون عليه من الانهيار إن عاد تدفق و سريان المياه و لكننا لم نستجيب فنحن نتمسك بحق الحياة. و صرخنا إن متنا ففي سبيل الله ,فليذهب الملك الظالم و أذنابه و قصره إلي الجحيم و ليبقي الشعب علي قيد الحياة , إنها لمعركة وجود فهيا نسطر أسماءنا في صفحة الخلود, و ليبدأ النضال و الاستبسال و تساقطت أرواح الشهداء وعاد إلينا من انصرف لعطشه حيث اكتشف أنها معركة بقاء و لن يضحي بالمستقبل من أجل شربة ماء , و هب إلي نصرتنا الفرسان تركوا مهمتهم علي حدود الوطن و عادوا ليرجحوا كفة الميزان و ظللنا نضرب الأرض بكل قوة .مر أسبوعين وفجأة و بدون مقدمات تفجرت العيون و اندفع الماء ليروي ظمأ أرض العٌطشان .انهمر الماء و سقط قصر الظلم والملك قبض عليه الفرسان , انطلقت الأفراح و الليالي الملاح و أحس الجميع أن الصحراء ستعود كما كانت من قبل خضراء و أن الخير و الحرية سيكون حال الأمة و سيكون شعارنا " لا عودة إلي الوراء " فما هي إلا فترة مؤقتة يدير فيها البلاد المجلس الأعلى للفرسان و من ثم نختار نحن المواطنون أحدا من بيننا يكون رئيسنا و فجأة طرح علينا مجلس الفرسان استفتاء!! , كان يسألنا من أين تريدون أن تشربوا الماء من المصب أم من المنبع ؟ و هنا انقسم الناس بالرغم من أن الجميع فقط يريد أن يشرب الماء و زاد الاختلاف و انقسم الناس إلي فريقين و كلٌ منهما يسوق المبررات و بدون مقدمات و مع زيادة الاختلافات ظهر من يقول أيها الشعب احذر فالشرب من المنبع سيهدد الاستقرار أو سيكون سبيل الدين للانهيار , فتشرذم العامة بين مجموعة من الخرافات و ألعاب المصالح و الانتخابات و انقسم الناس و لم نعد نجد ما كان بيننا من اتفاق و أصبح الجميع للخلاف في حالة اختلاق و إلي الآن الكل عطشان و لست أفهم موقفاً محدداً لمجلس الفرسان و بدلاً من أن نشرب من نهر عذب يطفئ لهيب الظمأ و يروي الأبدان , لا تجد إلا الجميع يتطاحن و قد شرد الوجدان و أغلب ظني أن أصحاب القصور يستعدون , و لن يمهلونا عندما يهبون لنصرة صنمهم الذي ظلوا له عابدون , و كم أشعر الآن بمرارة الفرقة و ألم التطاحن , لقد بدأ الناس بما عاد إليه من الحقوق يكفرون فكيف يؤمن و هو إلي اليوم عطشان , أما أنا فكأني أغرق في النهر الذي انتظرته طويلا ليكون لي السند و البرهان , و أشعر و كأني أغرق في بحر من النسيان , لا يا وطن لن تضيع و سأناضل لتبقي لي , لن أسمح بأن أخسرك,, سنعود معا و نحارب من أجلك فالنهر لنا و الوطن لنا لا تراجع و لا استسلام ولا هوان .