بالصور.. العليا للانتخابات تستقبل طلبات الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ في بورسعيد    بالأسماء.. محكمة شمال بنها تتلقى 6 طلبات ترشح لعضوية مجلس الشيوخ    التعليم: تحصيل 50 جنيها مقابل خدمة التعليم التفاعلي و25 جنيها للمنصات    غدًا.. البرلمان يناقش تعديل بعض أحكام قانون تنظيم شئون أعضاء المهن الطبية    تنسيق الجامعات 2025.. ما هي رسوم التقدم لحجز اختبارات القدرات؟    سعر الذهب اليوم يستهل التعاملات على استقرار عيار 21    تعرف على أسعار الأسماك اليوم في مصر    خبير تكنولوجي يحذر من هلاوس الذكاء الاصطناعي    وسائل إعلام إسرائيلية: حكومة نتنياهو ستجري مناقشات مكثفة اليوم وغدا بشأن رد حماس على مقترح الهدنة في غزة    عقيلة صالح يشيد بدور الرئيس السيسي في دعم وحدة ليبيا واستقرار مؤسساتها الوطنية    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عناتا وضاحية السلام شمال القدس ويخرب منازل المواطنين    مصرع 24 شخصا وفقدان 23 طفلا إثر وقوع فيضانات بولاية تكساس الأمريكية    ترامب يعبر عن رغبته في مساعدة أوكرانيا في مجال الدفاع الجوي    غدا.. رئيس الوزراء يشارك في قمة مجموعة "بريكس" نيابة عن الرئيس    جنازة ديوجو جوتا.. حضور لاعبي ليفربول والمدرب آرني سلوت وفان دايك في وداع مؤثر بالبرتغال    موسم رحيل الأساطير في ملاعب العالم.. شيكابالا ومعلول ومودريتش الأبرز    إصابة 3 أشخاص في حريق مصنع أقمشة بالعاشر من رمضان    موعد نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. التعليم تكشف تفاصيل المراجعة والتجميع المركزي للدرجات    حالة الطقس في الكويت اليوم السبت 5 يوليو 2025    لهيب النيران.. مصرع شاب في حريق شقة بالخلفاوي والنيابة تحقق    حادثة تهز تونس.. زوج يقتلع عيني زوجته للحصول على كنز.. اعرف التفاصيل    فيلم "المشروع X" يتراجع ويحتل المركز الثاني في دور العرض السينمائية    الليلة بالسامر.. عرض "العائلة الحزينة" في مهرجان فرق الأقاليم المسرحية    تبدأ من العلمين وتنتهي بالسعودية.. تامر عاشور يستعد ل3 حفلات خلال أغسطس المقبل    محمود الطحاوى: يوم عاشوراء من النفحات العظيمة وصيامه يكفر ذنوب السنة الماضية    مصر تشارك ب 10 كوادر طبية في برامج تدريبية بالصين لتنمية المهارات    معهد القلب يجرى زراعة 12 صماما رئويا بالقسطرة التداخلية العلاجية خلال 6 أشهر    10 فوائد مذهلة لطبق العاشوراء    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 4 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    منتخب شابات الطائرة يستعد لمواجهة كرواتيا بعد الانتصار على تايلاند في كأس العالم    وزير الري: جار إعداد منصة رقمية لمتابعة صيانة وتطهير المساقي الخصوصية    تشكيل ريال مدريد المتوقع ضد بوروسيا دورتموند في كأس العالم للأندية    وزيرة التنمية المحلية: صوتك مسموع تتلقى 139.8 ألف شكوى وتحل 98.5% منها    الجار قبل الدار    جهاز المشروعات يتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية لدعم مشروعات المرأة المصرية    فلومينينسي يحرم الهلال من 21 مليون دولار    بالأسماء.. إصابة 15 شخصا فى حادث انقلاب ميكروباص بالمنيا    "الرعاية الصحية" يتابع مستجدات التحول الرقمى بمنشآت الهيئة فى محافظات المرحلة الأولى    العنب الأسود ب40 جنيه.. أسعار الفاكهة في مطروح اليوم السبت 5 يوليو    البابا تواضروس يكشف عن لقاء "مخيف" مع مرسي وسر تصريحاته "الخطيرة" في 2013    هل حضر الزعيم عادل إمام حفل زفاف حفيده؟ (صورة)    اليوم.. نظر محاكمة 37 متهما بخلية التجمع الإرهابية    الصين: الحرب لن تحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني    في هذا الموعد.. نجوى كريم تحيي حفلًا غنائيًا في عمان    عبدالله السعيد يهنئ أبنة بهذه المناسبة (صور)    علاء مبارك يعلق علي دعوة إثيوبيا لمصر بحضور حفل افتتاح سد النهضة    لويس إنريكي: لا نفكر في الانتقام من بايرن ميونيخ بكأس العالم للأندية    وائل القباني: جون إدوارد يتبع سياسة خاطئة في الزمالك.. وهو سبب رحيلي    بعد مكاسب تتجاوز 60 دولار.. ننشر اسعار الذهب في بداية اليوم السبت 5 يوليو    رمزي وحلمي وملك وجو.. نجوم الكوميديا الرقمية    تشيلسي يتقدم على بالميراس بهدف بالمر في شوط أول مثير بمونديال الأندية    أمير صلاح الدين عن مرضه النادر: الدكتور قال لي لو عطست هتتشل ومش هينفع تتجوز (فيديو)    اليوم عاشوراء.. صيامه سنة نبوية تكفّر ذنوب عام مضى    «إيه كمية التطبيل ده!».. رسائل نارية من أحمد حسن بسبب مدحت شلبي    دعاء يوم عاشوراء مكتوب ومستجاب.. أفضل 10 أدعية لمحو الذنوب وقضاء الحاجه (رددها الآن)    4 أبراج «أثرهم بيفضل باقي»: متفردون قليلون الكلام ولا يرضون بالواقع كما هو    اليوم| نظر دعوى عدم دستورية مواد قانون السب والقذف    ما هي السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور مصطفى يوسف اللداوي يكتب عن :الكُتابُ بين الضميرِ والعصا والجزرة
نشر في الزمان المصري يوم 20 - 08 - 2015

أتردد كل يومٍ وأنا أفتح بريدي بعد أن أنشر مقالي وأرسله إلى العناوين المصنفة عندي، وأشعر بغير قليلٍ من الهيبة والخوف، والكثير من الحذر والقلق، إذ ماذا سأجد في صندوق البريد من تعليقاتٍ وردودٍ على مقالي، فقد اعتدت إثر كل مقالٍ أنشره على تلقي ردودٍ مختلفة، وتعليقاتٍ متباينة، بين الاستحسان والإعجاب، والاختلاف والمعارضة، أو النقد الجزئي بالاتفاق مع بعضه ومخالفة الآخر.
غالباً لا أجد غضاضةً فيما يصلني من ردودٍ أياً كانت، بل أحرص على قراءتها أكثر من مرةٍ ولو كانت قاسية ومؤذية، إذ أن بعضها موغلٌ في البذاءة، ومبالغٌ في الإساءة، ويستعرض كاتبه مهاراته في السب واللعن والتخوين، ويستعين بما لديه من مفرداتٍ في قواميس السجون والشوارع والأسواق، مع الإشارة إلى أن بعض الناقدين يجنحون في انتقادهم نص المقال إلى شخصية الكاتب، ويستخدمون في الخطاب ألفاظاً نابيةً، ومفرداتٍ لاذعة، تطال الكرامة والعفة والشرف، وتقدح في الصدق والنزاهة والإخلاص، وتتجاوز الموضوع إلى غيره مما ليس له به صلة، ولا تربطه به علاقة.
وفي بعض الأحيان أشفق على عائلتي وأنا أقرأ بعض الغضب في عيون زوجتي وبناتي، وأشعر ببعض الحزن يسكن قلوبهن، وأنا أصغي إليهن وهن يطلبن مني بإلحاحٍ أن أقلع عن بعض العناوين، وأن أتوقف عن تناول القضايا المثيرة للنقد، أو تلك التي توصف بالحساسة، لأعفي نفسي من تلقي بعض الردود المسيئة، والتي تؤذي عين القارئ وأذن السامع معاً.
ويقترحن علي عناوين أخرى كثيرة، لا أشك في أهميتها وضرورتها، وأنها تستحق الكتابة فيها، وتسليط الضوء عليها، فهي في أغلبها قضايا عامة، ومسائل تخص الجميع، ويلزمها التوضيح والبيان، والنقد والتعديل والتجريح، وقد لا تلق ردوداً قاسية، وتعليقاتٍ جارحةً، إذ أنها لا تمس الأشخاص ولا التنظيمات، ولا تخدش الدول والحكومات، ولا تفضح القيادات والمسؤولين، ولا تقلل من هيبة قائدٍ أو زعيم، ولا تتطاول على ذوي الأسوار العالية والحصون المنيعة، ممن لا يقبل البعض المساس بهم، أو الاقتراب منهم، ويرى البعض فيهم رموزاً وقدوة، ونماذج وأمثلة، يقتدون بها ويتأسون، ويؤمنون بها ويعتقدون، بل إن بعضهم من يرتقي بهم إلى درجة القداسة والتأليه، والتنزيه والتعظيم.
أحاول قدر المستطاع دراسة الردود المعارضة والتعليقات المخالفة والناقدة، فأجد أنه لزاماً علي أن أحترم بعضها، وأن أقف عندها متأملاً مراجعاً، إذ أن فيها ما يستحق البحث والدراسة، والتأني والمراجعة، وأنه لو قدر لي أن أطلع عليها قبل الكتابة، ما كنت لأقع في ذات الأخطاء والمزالق التي لم ترق للبعض، ورأوا فيها خطأً يستحق النقد، خاصة أن بعض النقد يأتي في قوالب محترمة، وبكلماتٍ مؤدبة، ألمس فيها الخجل والحياء، وتلتزم أصول النقد، وتحترم الرأي الآخر ولو كان مخالفاً، فأجد نفسي ملزماً بقراءةِ تعليقاتهم، والرد عليهم أحياناً بما يحفظ حقهم، ويؤكد اعترافي بصواب رأيهم، شاكراً لهم قراءتهم ونقدهم المؤدب والمسؤول.
كما أن بعض الناقدين لا يعرفوني شخصياً، وإنما يقرأون لي فقط، ويتابعون ما أكتب، مما يصلهم على حساباتهم مباشرةً، أو ما ينشر على المواقع الإليكترونية، فألمس من ردودهم الغيرة والحرص، والصدق والإخلاص، وأنهم يغضبون من أجل الأمة، ويثورون من أجل قضاياها الوطنية والقومية، وأنه لا دوافع شخصية عندهم، ولا منافع ذاتية يبغونها من وراء النقد والرد، وأنهم قد ردوا من تلقاء أنفسهم، دون دفعٍ أو تحريضٍ من أحدٍ، فلا أتهمهم ولا أشكك في نواياهم، ولا أقلل من حرصهم وصدقهم وغيرتهم.
كما وجدت من خلال ذات الدراسة للعديد من الردود والتعليقات، أن أهواء القراء ورغبات العامة وعواطفهم ومشاعرهم هي التي تحركهم وتدفعهم، وهي عواطف جياشة لكنها سطحية، وصادقة لكنها جارحة، وعفوية لكنها قاسية أحياناً، وهي أكثر من يعبر عن رأي الشارع، الذي قد يخلو من العمق المطلوب والفهم الدقيق والعلم الكافي، ومع ذلك فإن مخالفتهم تعني الصدام مع الشارع والتناقض معه، والاستعداد لتحمل نتائج الاختلاف التي تترجم في الغالب إلى سبابٍ وشتائمٍ وإهاناتٍ شخصية، أكثر مما هو نقد موضوعي علمي هادف، يقصد الحق ويبحث عن الصواب، في الوقت الذي تأتي فيه ردود بعضهم سطحية وبسيطة، وتعبر عن ضحالةٍ فكريةٍ، وبساطةٍ نفسية.
أما أخطر ما يواجهه الكتاب وأصحاب الأقلام الحرة والجريئة، فهو سطوة السلطان وبطش الحاكم، مالك القرار وصاحب رأس المال، الذي يمنح الرواتب ويقرر الأعطيات، والقادر على الحجب والمنع والعقاب والحرمان والجزاء, إذ لديه ما يكفي من الأدوات اللازمة والزبانية القادرة، ما يعني أن الاختلاف معه إعلانٌ للحرب غير المتكافئة، وانطلاق مسلسل العقاب والحساب والتأديب، الذي يبدأ بتلفيق التهم وتشويه الصورة، والاعتراض في الشارع، والضرب والسحل والإهانة، ويمتد إلى السجن والخطف والتغييب، وقد يصل أحياناً إلى التصفية والقتل، لطمس الصوت وتغييب الصورة.
أما الكاتب الحر الذي يكتب مختاراً وفق آرائه الشخصية، ومعتقداته الخاصة، مؤمناً بفكرته ومعتقداً بها، ولا يكتب بأمر السلطة، ولا يهز قلمه مدحاً لها، أو إشادةً بإنجازاتها، وإنما يمضي قلمه في الكتابة الرصينة التي تقوم على البصيرة ويقين الرؤية، والمعلومة الدقيقة، والفكرة الصائبة، والمصلحة العامة، الأمر الذي يجعل من تمسكه بفكرته أمام السلطة نضالاً، واحتفاظه بآرائه الثائرة أو الإصلاحية تجاهها انتحاراً.
الكاتب أمينٌ ومسؤولٌ على ما يكتب وينشر، فهو أمام شعبه وأمته مؤتمنٌ تماماً كما الطبيب والمهندس، والتاجر والصانع والمزارع والعامل، فإن كان غيره قد امتهن بعض الأدوات في عمله، واستخدم المشرط والمسطرة، والفأس والمعول، والمتر والميزان، فإن الكاتب رائدٌ في قومه، ومرشدٌ بين أهله، وهو يمتهن في عمله ضميره إلى جانب عقله وقلمه، وإن لم يتقاض على ما يكتب أجراً، أو يتلق هبةً أو مساعدة، أو يفوز بمنحةٍ أو مكافأة، الأمر الذي يجعل مهمته حساسه، ووظيفته مقدسة، ودوره كبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.