أجزاء من جلود المرضى، سرنجات مستعملة، محاليل وردية، أكياس الدم الفاسد، أدوات عمليات، شاش وأقطان وملابس عمليات ملطخة بالدماء.. هذه هى تفاصيل مشهد تراكم النفايات الطبية الخطرة الناتجة من مستشفيات محافظة الشرقية العامة والخاصة، إضافة إلى العيادات، وهو مشهد انتشر بشوارع المحافظة التى تحوّلت إلى مرتع للقطط والحيوانات الضالة، ليكونوا أسرع وسائل نقل العدوى والأمراض المصاحبة لهذه النفايات، بخلاف إقدام البعض على حرقها لتنبعث منها روائح مسبّبة للعديد من الأمراض. وتواجه المستشفيات التى يوجد محارق بها مشكلة أخرى تتمثل فى تعطّلها، مثل تعطل محرقة مستشفى «القنايات المركزى»، كما أن تلك المحارق غير مطابقة للمواصفات ومتهالكة، ويأتى فى مقدمتها محرقة النفايات الخاصة بمستشفى جامعة الزقازيق التى تتراكم بجوارها أكوام النفايات. وكشف مصدر ل«الزمان المصري» عدم إحراق كل النفايات الطبية داخل المحرقة، وخروج بعض هذه النفايات خارج الجامعة، ويتبين ذلك من خلال التناقُض فى استخدام أسطوانات الغاز الخاصة بالحرق، فمثلاً يجرى استخدام 500 أسطوانة كبيرة الحجم فى العام، فى حين أنه من المفترض استخدام أكثر من 1500 أسطوانة لحرق كمية النفايات الموجودة بها، التى تصل إلى 2 طن يومياً. ويوضح المصدر أنه كان يجرى حرق النفايات الطبية الخطرة فى هذه المحرقة منذ عام 1982 حتى 2003 إلى أن تم جلب مفرمة للنفايات الطبية، وصلت تكلفتها إلى مليون جنيه، ثم أجريت محاولة للتعاقد على محرقة جديدة لحرق النفايات الطبية تصل تكلفتها إلى 300 مليون جنيه، مشيراً إلى أنه بذلك يمكن الاستغناء عن مفرمة النفايات، وذلك لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن. ورصدت عدسة «الزمان المصري» تراكم النفايات والمخلّفات الطبية بشوارع مدينة الزقازيق، فعلى بُعد أمتار قليلة من مجلس مدينة الزقازيق، وبجوار حديقة «الطفولة»، تناثرت أكوام المخلفات والنفايات بشكل أدى إلى حالة من الاستياء والغضب بين المارة. وقال الحاج فوزى شعبان، صاحب محل عصائر بميدان المحطة بالزقازيق، إن الأهالى وأصحاب المحلات وسائقى السيارات الأجرة عادة ما يلجأون إلى حرق أكوام القمامة التى تتراكم حولهم، متسائلاً: هل ينتظر المسئولون «معدومى الضمير» حتى يقوم الأهالى بإحراق النفايات الطبية بأنفسهم، على الرغم من خطورتها وما تسببه من أمراض. وقال محمد عبدالجليل (37 سنة) موظف بمحكمة الزقازيق الابتدائية: «مش كفاية الزبالة حوالينا فى كل مكان، إحنا ناقصين المخلفات الطبية اللى هتجيبلنا الأمراض»، مستنكراً إلقاء تلك النفايات بالشارع، خصوصاً أنها لا تبعد سوى مسافة قصيرة عن مكاتب المسئولين بمجلس المدينة، الذين كعادتهم ينتظرون حتى تقع الكارثة ثم يتحركون دون جدوى. أما سناء خليل موظفة بالمحافظة، فسارعت بجذب ابنتها الصغرى رُفيدة (6 سنوات) لتبعدها عن النفايات التى كادت تدهس عليها أثناء عبورها الطريق، ولم تردد سوى كلمة واحدة هى «حسبى الله ونعم الوكيل»