ما مصير الأزمة اليمنية ؟..تساؤل فرض نفسه فى محيط الرأى العام بعد مرور نحو أسبوعين على بداية عملية "عاصفة الحزم " العسكرية لردع المتمردين على النظام الشرعى فى اليمن . وفى محاولة للإجابة ،استطلع موقع أخبار مصر آراء عدد من الخبراء العسكريين والمحللين السياسيين والتى تباينت ما بين تصعيد الحرب الى مرحلة التدخل البرى وسط هواجس من تكرار سيناريو "حرب الستينيات" والانزلاق الى حرب أهلية و محاولات الاتجاه الى التهدئة والعودة الى مائدة المفاوضات خاصة مع سعى مصر الى إيجاد حل سياسي للأزمة . نجاحات جوية وبحرية الكاتب والمؤرخ العسكرى أحمد عطية الله أكد أن العملية العسكرية المعروفة باسم " عاصفة الحزم" تحقق نجاحات فى شقها الجوى والبحرى تمهيدا لعملية برية حاسمة على الأرض أصبحت وشيكة قد تبدأ فى غضون اسبوع إن لم تكن هناك بعض القوات العربية الخاصة التى تم إنزالها بالفعل بعدن منذ أيام فى المنطقة المشرفة عل باب المندب للحفاظ على هذا المضيق الذى تقوم البحرية المصرية بحماية المرور به بكفاءة وإبعاد أى سفن حربية إيرانية من التدخل انطلاقاً من القاعدة البحرية الايرانية بدولة اريتريا على الشاطئ الافريقى جنوبالبحر الأحمر ،تلك الدولة التى تضم على اراضيها ايضا فى تلك المنطقة قاعدة اخرى اسرائيلية وثالثة تابعة للولايات المتحدةالامريكية . وأضاف أنه من النتائج الهامة لعملية "عاصفة الحزم" بعد تدمير معظم الأسلحة الثقيلة فى يد الحوثيين أن أًصبحت القوى متكافئة بينهم مع الرئيس اليمنى المخلوع على عبد الله صالح ونجله وأتباعه الذين أصبحوا حلفاء اليوم بعد أن كانوا أعداء الأمس والذين تأسست حركتهم فى عهده ردا على ما ادعوه من تهميشه وعدائه لهم الذى وصل لحد قتلهم .. فأًصبح ميزان القوى بينهم من جانب وبين القبائل اليمنية الرافضة لاستئثارهم بالسلطة متقارب مما مكن تلك القبائل اليمنية المدعومة بأسلحة التحالف العربى وما يملكونه أصلا من سلاح من مطاردة الحوثيين من المدن والمناطق التى استولوا عليها واخرجوهم من بعضها فضلا من عدم تمكينهم من الاستيلاء على عدن التى كانوا قد هددوا قبل العمليات العسكرية للتحالف العربى باجتياحها . ولفت الى أن تلك القبائل المواجهة للحوثيين تعمل منفصلة بدون ادارة مركزية تنظم عملهم على الأرض وهو ما يستدعى سرعة إعادة هيكلة القوات المسلحة اليمنية وتشكيل قياداتها ووحداتها وإعادة السيطرة على مجريات الأمور من خلال قيادة عسكرية يمنية مركزية بمعاونة قوات التحالف العربى . وذكر عطية الله أنه حتى هذه اللحظة ليس هناك ما ينبىء عن امكانية انصياع الحوثيين للجلوس على مائدة المفاوضات والتخلى عن أطماع الانفراد بحكم اليمن بقوة السلاح فى ظل دعم ايرانى مستميت للوصول بنفوذها الى تلك المنطقة ، مالم يشعر الحوثيون بقوة أكبر على الارض تعيدهم الى حدودهم بمنطقة صعدة ، وهذا ما يجعل من احتمال التدخل العسكرى للتحالف العربى وارد بقوة . اتجاه للتدخل البرى وهنا يتفق معه د.عمرو هاشم ربيع الخبير والمحلل السياسى بالأهرام قائلا إن المؤشرات الراهنة للعملية العسكرية تنبىء بالاتجاه للتدخل البرى لأنه رغم نجاح الضربات الجوية فى قطع طرق الامدادات وتدمير صواريخ الحوثيين لكنها فشلت فى وقف زحفهم بريا مع القوات الموالية للرئيس المعزول عبد الله صالح تجاه عدن. واوضح د.عمرو هاشم ربيع أنه قبل المعركة كانت هذه القوات على بعد نحو 50 كيلو مترا من عدن وبعدها أصبحت تقريبا داخلها مما يرجح كفة التصعيد البرى ومضاعفة ضربات التحالف العربى . واستبعد د.عمرو هاشم ربيع العودة الى طاولة المفاوضات فى ظل سقوط ضحايا من المدنيين وتضرر الاقتصاد وعدم فوز أى من الأطراف المتنازعة بالحرب مشيرا الى أن اشتراط نزع السلاح يعنى الاستسلام وفقا للاعراف القبلية باليمن مما يضعف احتمال خيار الحوار الآن ،لافتا الى رفض الحوثيين لاجتماع الرياض برعاية السعودية للتحاور في حوار مجتمعى يضم جميع الأطراف اليمنية. وردا على خطورة إغلاق باب المندب على مصر ، قال المحلل السياسيى إن أحد الخبراء اليمنيين أكد له ان "باب المندب بدون قناة السويس لا يساوى شيئا " مما يجيب على هذا التساؤل ويشيرالى استبعاد تأثيرها على حركة الملاحة الدولية بالسلب. ويرى د. عمرو ربيع أنه لا تبدو أى علامات لنهاية الأزمة بل على العكس كلما تدخلت أطراف اخرى اتسعت الأزمة خاصة أن إيران تستخدم الحوثيين لتكوين إمبراطورية فارسية على حدود السعودية. مضيق بحرى هام وهنا أوضح المؤرخ العسكرى أحمد عطية الله أن الازمة اليمنية تحمل مخاطر وتهديدات لإستقراراليمن وجيرانه ولمضيق بحرى هام تعبر منه سلعة عالمية استراتيجية هامة وهى خام زيت البترول ويأتى هذا التهديد من فصيل من أهل اليمن ينتمى للمذهب الشيعى المدعوم من ايران وهم المعروفون باسم الحوثيين وهم حركة سياسية دينية مسلحة تتخذ من صعدة في اليمن مركزا رئيسيا لها. ونوه عن أنها عرفت باسم "الحوثيين" نسبة إلى مؤسسها حسين الحوثي الذي قتل على يد القوات اليمنية عام 2004 ويعد الأب الروحي للجماعة التى تأسست عام 1992ويتبعون المذهب الزيدى الشيعى .. واستدرك عطية الله قائلا إن الازمة نفسها تشهد مولد نظام عربى جديد بتحالف جيوش عشر دول ضد هذا الخطر المحدق بالمنطقة والذى لم يحدث منذ عام 1948 على ارض فلسطين وبذلك تحول الكيان العربى من خانة المفعول به الى خانة الفاعل ، بعد أن استغنى عن وصاية الدول العظمى وبدأ يحدد اختياراته وتوقيتات ونوع تحركه بنفسه .. ونبه الى أنه يجب ألا ننسى فى غمار تلك الأحداث وفى ظل تخلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بالأمس القريب عن عقوباتها ضد ايران لنشاطها النووى أن لها يد مع الصهيونية العالمية المستترة خلفها فى الأحداث الجارية وتأجيجها الدائم للفتن بين المملكة العربية السعودية الحاملة للمذهب السنى ضد ايران الحاملة للمذهب الشيعى ليتقاتلا بأسلحة أمريكية وخلق بؤرة صراع قد تطول وتستنزف فيها الموارد ليكون الخاسر الوحيد هو الامة العربية والاسلامية والكاسب الوحيد هو الكيان الصهيونى..فيجب الاحتياط وانتباه لهذا المخطط واعادة شتات الامة العربية والاسلامية وتوحدها فى وجه الخطر الحقيقى القابع على مرمى حجر من الجميع بالقدس المحتلة. استمرار الحصار البحرى بينما استبعد اللواء عبد المنعم سعيد رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الاسبق احتمال التدخل البرى من دول التحالف خاصة مصر مؤكدا أن ان الضربات الجوية لدول التحالف أحرزت نتائج كبيرة فى حصار الحوثيين وتقطيع جسور التواصل بين قواتهم المهاجمة فى اليمن بدليل خروجهم من عديد من المدن الرئيسية الجنوبية خاصة عدن ونبه اللواء عبد المنعم سعيد الى مدى أهمية وخطر مشاركة مصر بقوات برية في حرب اليمن على غرار حرب اليمن ام 1962، وضرورة دراسة هذه الخطوة لعدم تكرار أخطاء التجربة السابقة التى بدأت بكتيبة واحدة وامتدت بعد ذلك لجر أكثر من 40% من قوة الجيش المصرى لحرب عصابات فى جبال اليمن وتضاريسها الغير مأهولة بالسكان تسببت فى سائر كبيرة بين جنوده وضباطه. وتوقع استمرار الحصار البحرى لمنع وصول أى إمدادات لجماعة الحوثيين الذين تلقوا دعما لوجيستيا كبيرا من جهات خارجية خاصة ايران من حيث الأسلحة المتطورة والتدريب على القتال ومعلومات من الاقمار الصناعية مما ساعدهم على فرض سيطرتهم على باقى المحافظات اليمنية الأمر الذى حتم التدخل من دول التحالف لانهاء سيطرتهم على اليمن. دعم التحالف وتأمين المصالح أما العقيد حاتم صابر الخبير فى مكافحة الارهاب االدولى فيرى أن تدخل القوات المصرية فى حرب اليمن كان أمرا واجبا ، وذلك لا يأتى فقط فى إطار دعم قوات التحالف العربى وانما لتأمين مصالحها لأن حماية مضيق باب المندب ،البوابة الجنوبية لقناة السويس من أهداف السيطرة القومية و من "أولويات الأمن القومي المصري منذ القدم كمجرى ملاحى دولى وأحد أهم مصادر دخل مصر خاصة من العملة الصعبة مما استلزم إرسال سفن حربية وقوات بحرية كتعزيزات لتأمين مضيق باب المندب؛ لمنع الحوثيين المدعومين من إيران من السيطرة عليه. وأضاف العقيد حاتم صابر أنه ليس من المعقول ان ننتظر إغلاق باب المندب نتيجة الاشتباكات المسلحة كى نتدخل ولكن فى الخطط الاستراتيجية هناك ضربات وقائية واستباقية لحماية هذا الشريان الاقتصادى الحيوى . وأكد صابر أن حمابة المصالح العربية وأمن المنطقة تقتضى عدم الانتظار حتى تشكل ايران الداعمة للمتمردين "هلالا شيعيا " حول المنطقة مشيرا الى أن المملكة العربية السعودية سبق ان دعت الى التفاوض والحوارواستضافت الرئيس اليمنى السابق الذى يحاول العودة للسلطة دون جدوى والآن لديها من القوات والامكانيات ما يؤهلها للمعركة البرية . ونفى وجود أي خطر أومجال للمقارنة بين الأحداث الحالية وحرب اليمن عام 1962، والتى دفعت فيها مصر بعدد كبير من قواتها وضحت بأرواح عدد كبير من الجنود مما تسبب في نكسة 1967. وأكد صابر أن محاربة الارهاب يجب ان تكون بالفكر السليم والحجة القوية والاقناع المنطقى لدحض "عقيدة القتال" عند الإرهابى وإعادته الى رشده وعدم الاكتفاء بالمواجهة الأمنية فقط . *ويظل السيناريو الأرجح لتطورات الأزمة اليمنية مرهونا بمسار العمليات العسكرية وتوازنات المصالح على أرض الواقع .