الدفاع الألمانية تستعين بأسراب «صراصير» للتجسس والإستطلاع    سعر الذهب اليوم السبت 26 يوليو 2025.. الجنيه الذهب ب37040 جنيها    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    سعر الحديد اليوم السبت 26-7-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    الجيش الإسرائيلي يتلف 1000 شاحنة من المساعدات الإنسانية المخصصة لغزة    ستارمر: بريطانيا ستعترف بالدولة الفلسطينية بعد وقف إطلاق النار في غزة    مراسل إكسترا نيوز: معبر رفح لم يُغلق يومًا منذ بدء الحرب    جوتيريش: ما يحدث في غزة أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمى    الأهلى يزاحم الهلال على ضم نونيز من ليفربول    اختتام جولة مفاوضات "النووى" فى إسطنبول.. محادثات طهران والترويكا الأوروبية للمرة الثانية عقب حرب ال12 يوما.. إيران: مشاورات جادة واتفقنا على استمرارها.. الهجمات قوضت أمن المنشآت النووية    كريم فؤاد يرد على شائعة إصابته بالصليبى: "حسبى الله ونعم الوكيل"    رابطة الأندية توجه الدعوة لأبو ريدة لحضور قرعة الدوري    جثة و23 مصابًا.. الحصيلة النهائية لحادث ميكروباص قنا    قرار جديد من النيابة بشأن والد «أطفال دلجا المتوفيين»    بشرى لطلاب الثانوية الأزهرية.. مؤشرات النتيجة مرتفعة ونطمئن الطلاب وأولياء أمورهم وإعلانها قبل نهاية يوليو.. رئيس قطاع المعاهد: لا نستعجل فى إعلان النتيجة لضمان حصول كل طالب على حقه فى الدرجات    إصابة شاب في مشاجرة وتسمم مزارع بحوادث متفرقة في سوهاج    خدمة جوجل فوتو تضيف أدوات لتحويل الصور القديمة إلى مقاطع فيديو متحركة    نقابة الموسيقيين تتخذ إجراءات قانونية ضد الناقد طارق الشناوي    حظك اليوم السبت 26 يوليو وتوقعات الأبراج    ليلة أسطورية لعمرو دياب في الرياض .. والجمهور يغني معه «خطفوني»    حقوق الإنسان والمواطنة: المصريون يعلمون أكاذيب الإخوان ودعواتهم للتظاهر مشبوهة    التليفزيون هذا المساء.. جمال شقرة: الإخوان لم تقدم شيئا لفلسطين    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    3 مكاسب الأهلي من معسكر تونس    اليوم، انطلاق امتحانات الدور الثاني لطلاب الابتدائي والإعدادي والثانوي    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    7 جنيهات للشاي والأرز أقل من 30، انخفاض أسعار السلع الغذائية في الأسواق    بعد أزمات فينيسيوس جونيور، هل يتحقق حلم رئيس ريال مدريد بالتعاقد مع هالاند؟    «هيسجل إمتى بعيدًا عن ضربات الجزاء؟».. تعليق مثير من الغندور بشأن زيزو مع الأهلي    وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل    موعد إجازة المولد النبوي 2025 الرسمية في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    أسعار الفراخ اليوم السبت 26-7-2025 بعد الانخفاض وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    زيلينسكي: أوكرانيا تحتاج لأكثر من 65 مليار دولار سنويًا لمواجهة الحرب مع روسيا    مينا مسعود لليوم السابع: فيلم فى عز الظهر حقق لى حلمى    عبد الواحد النبوي يطالب هيئة الكتاب بسحب أحد إصداراتها والاعتذار للمصريين    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    رحيل نجم بيراميدز بسبب صفقة إيفرتون دا سيلفا (تفاصيل)    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    «بالحبهان والحليب».. حضري المشروب أشهر الهندي الأشهر «المانجو لاسي» لانتعاشه صيفية    «جلسة باديكير ببلاش».. خطوات تنعيم وإصلاح قدمك برمال البحر (الطريقة والخطوات)    5 طرق بسيطة لتعطير دولاب ملابسك.. خليه منعش طول الوقت    "الجبهة الوطنية": دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية تخدم أجندات مشبوهة    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    الإسماعيلية تكشف تفاصيل مهرجان المانجو 2025.. الموعد وطريقة الاحتفال -صور    رسميًا.. دي باول يزامل ميسي في إنتر ميامي الأمريكي    "مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    مستشفى الناس تطلق خدمة القسطرة القلبية الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    روعوا المصطافين.. حبس 9 متهمين في واقعة مشاجرة شاطئ النخيل في الإسكندرية (صور)    سعر الذهب اليوم السبت 26 يوليو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    الجمهور على نار والأجواء حماسية.. انطلاق حفل تامر حسني بمهرجان العلمين الجديدة    تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    شائعات كذّبها الواقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الزمان المصرى)تحاور الكاتب الفلسطينى أحمد أبو مطر
نشر في الزمان المصري يوم 17 - 10 - 2010

المفكر والكاتب الفلسطينى الدكتور أحمد مطر ل (الزمان المصرى):
الإحتلال يجب مقاومته وكل شعب حسب موازين القوى يختار أشكال المقاومة
الإنقسام الفلسطيني الحالي طويل الأمد طالما أثرياء الأنفاق وأمراء الأمن يركضون وراء مصالحهم الشخصية فقط
اللصوص وأثرياء النضال المزيف لن يحققوا هدفا واحدا للشعب الفلسطيني
لسنا أمة عربية واحدة..نحن شعوب عربية مختلفة المصالح والأهداف
لن يتوحد العرب مع تركيا وايران فلا يوجد توحد مع محتلين لمقاومة احتلال
هناك خطر توسعى لإحياء الإمبراطورية الفارسية والخلافة العثمانية
أدعو للدولة المدنية التي تتحقق فيها حرية الأديان والديمقراطية للجميع
حماس وفتح وحزب الله، كلهم يبحثون عن امتيازاتهم وكراسيهم ولديهم شماعة اسمها فلسطين والمقاومة.
الثقافة العربية أحيت من جديد تخلف اسمه ( خلقت المرأة للخلف والعلف) أي للمطبخ والسرير
لماذا مباحثات السادات كانت خيانة، ومباحثات سوريا مع إسرائيل منذ سنوات ممانعة؟
الدكتور أحمد أبو مطركاتب وأكاديمي فلسطيني، مقيم في أوسلو، من مواليد مدينة ( بئر السبع .. فلسطين المحتلة عام 1944 ، حاصل على درجة الدكتوراة في الأدب و النقد من جامعة الإسكندرية بمصر عام 1979 ، عمل مدرسا في جامعة الفاتح في ليبيا ،وجامعة البصرة في العراق ، أصدر العديد من الكتب منها :الرواية و الحرب ..وسقوط ديكتاتور .. و فلسطينيون في سجون صدام والخطر الإيرانى ..وحزب الله الوجه الآخر .له وجهة نظر فى الأحداث الجارية وتحديداً فى حماس وحزب الله والوحدة العربية..(الزمان المصرى ) حاورته
أجرى الحوار:حافظ الشاعر
* · هل لك أن تحدثنا عن نشأتك فى بئر سبع؟
أنا من مواليد بير السبع عام 1944 أي قبل ما أسماه العرب النكبة بأربع سنوات. كنت طفلا ورغم ذلك أتذكر بيوت الشعر التي كانت عشيرتي تسكنها كقبيلة بدوية. أتذكر الجمال والخيول التي كانوا يحرثون عليها الأرض ويزرعون القمح والشعير. المدهش الذي أتذكره هو ما يشبه المساواة الرائعة بين الرجل والمرأة آنذاك، يعملون معا في الحقول والبيوت، ومن الطبيعي أن تلد المرأة البدوية آنذاك طفلها وهي في الحقل بدون ممرضات أو مستشفيات. مساواة واحترام قبل سبعين عاما نفتقده اليوم في ثقافة عربية أحيت من جديد تخلف اسمه ( خلقت المرأة للخلف والعلف) أي للمطبخ والسرير. أتذكر عندما هاجرنا أو هربنا أو نزحنا أو لجأنا إلى مخيم رفح للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة مشياً على الأقدام طيلة ليلتين ويوم. طفولة تعيسة قاسية فقيرة معدمة. سنوات ونحن نعيش على ما تقدمه وكالة الغوث من طحين وأرز وحليب مجفف. ولكن أباءنا وأجدادنا غرسوا فينا مقولة( سلاح الفلسطيني شهادته) لذلك فأسرتي الفقيرة المعدمة بلا حدود خرّجت ثلاثة أفراد دراسات عليا أنا واحد منهم.
* ماذا أضاف لك والدك الشيخ عطيه أبو مطر(المتعلم الوحيد فى عشيرتكم والحافظ للقرآن الكريم)؟
والدي الشيخ عطية أبو مطر رحمه الله، غرس فيّ الاجتهاد والصدق اللذان ينسجمان مع روح الدين الإسلامي قبل أن يلوثه الدعاة المرتزقة أصحاب فتاوي التيك أوي. كان يفتخر بنا عندما نحفظ سورة من القرآن ويشدّ أذنينا عندما نتقاعس ولا نقوم بواجباتنا المدرسية والبيتية. كم كان مثيرا أن تجتمع العشيرة كل مساء في بيتنا في المخيم فيما يسمى ( المضافة) ويبدأون النقاش في كل مسائل الحياة وكأنهم في برنامج الاتجاه المعاكس آنذاك. وعند وقت الصلاة يقوم والدي ليؤم بهم الصلاة، ويفتحون بعد ذلك الراديو ليعيشوا لحظات المجد الخطابية من إذاعة أحمد سعيد في صوت العرب، التي غرّست جذور المبالغات العربية والنضالات الخطابية التي تغذي عواطف الجماهير الغفورة لكل ما يسيء لها ويحتقر كرامتها.
* احكى لنا ما تيسر عن الحياة فى مخيم رفح أيام الصبا والشباب؟
درست في المخيم في مدينة رفح المرحلة الإبتدائية ، والسنة الأولى من المرحلة الثانوية ثم انتقلت لمدينة خان يونس القريبة لإكمال آخر سنتين من المرحلة الثانوية. من يتصور اليوم أنني وأقراني من جيلي كنّا نذهب مشيا على الأقدام كل صباح ثمانية كيلومترات لمدينة خان يونس ثم نعود مشيا على الأقدام. كل ذلك كي ندرس ونحصّل الشهادة الثانوية. في آخر سنّة عملت خادما في مقهى لأكسب ما لا يزيد عن خمسة قروش مصرية في اليوم. ولكنها كانت بقيمة مائتي دولار اليوم. كان الخلاف الفلسطيني والتشرذم مزروعا من ذلك الوقت. فلم أكن أجرؤ أن أقول أنني (غزّاوي)فأنا لاجىء إلى غزة. أتذكر أنّ أعشاب ( الخبيزة) كنّا نأكلها شبه يومي بعد طبخها، لأنها الأعشاب الوحيدة المسموح لنا دخول مزارع وحقول الغزاويين وجمعها، وهي فائدة مشتركة، نحن اللاجئون نجمعها لنأكلها مجانا، وفي الوقت ذاته ننظف لهم حقولهم ومزارعهم مجانا. من يتصور أنني وجيلي أنهينا المرحلة الثانوية ونحن نقرأ على لمبة الجاز إذ لا كهرباء في المخيم حتى بداية الستينيات. صبا وشباب كله فقر وحرمان وتعاسة لكنه علمني التحدي والشجاعة وعدم الخوف في قول كلمة الحق، خاصة تكرار الشيخ عطية أبو مطر رحمه الله لمقولات وأحاديث مثل ( لا يخاف في قول كلمة الحق لومة لائم)، و ( أفضل الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر). من الذكريات المؤلمة أيام العدوان الثلاثي عام 1956 الذي تمّ فيه احتلال القطاع عدة شهور، وانسحبت منه اسرائيل في السابع من مارس 1957 بضغوط الإدارة الأمريكية في زمن الرئيس أيزنهاور، وسمّاه لنا الرئيس جمال عبد الناصر عيد النصرّ!!!.
* تكلم عن دراستك الجامعية و ال17 عاماً التى قضيتها فى مصر؟
تلك المرحلة هي مرحلة التحدي الحقيقية التي لا أصدق ما أنجزته فيها. لا أصدق أن اللاجىء الفلسطيني من مخيم رفح، يصل إلى القاهرة في مطلع العام 1961 بعد حصوله على القبول في قسم اللغة العربية بكلية الآداب ، جامعة القاهرة، في زمن العباقرة الذين تعلمت ودرست ونهلت من علمهم. لا أصدق حتى الآن أنه درّسني عباقرة أمثال الدكاترة والأساتذة: شوقي ضيف، سهير القلماوي، يوسف خليف، عبد المحسن طه بدر، محمد زكي العشماوي ،وعبد المنعم تليمة وآخرون في مستواهم. وصلت للقاهرة لأدرس ومصاريفي من المنحة الدراسية من إدارة الحاكم العسكري المصري للقطاع في زمن الفريق المرحوم يوسف العجرودي، منحة أربعين جنيها في العام الدراسي تكفيني ثمانية شهور، إلى أن حصلت على الليسانس من قسم اللغة العربية بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف الأولى. ثم درست الماجستير في القاهرة، وعملت في الكويت سنوات جمعت ما يكفيني للتفرغ لدراسة الدكتوراة في جامعة الإسكندرية بإشراف المرحوم الدكتور محمد زكي العشماوي، وحصلت على درجة الدكتوراة في منتصف عام 1979 ، وكان موضوع أطروحتي ( الرواية في الأدب الفلسطيني). تعرفت في ذلك الزمن الجميل على زملاء دراسة أصبحوا من مشاهير الثقافة والإبداع المصري مثل الدكتور جابر عصفور والشاعر حسن توفيق وغيرهما. كما زاملت وعرفت عباقرة مثل الشاعر أمل دنقل وأحمد فؤاد نجم وفرج فودة وغيرهم. أيامي في مصر هي أيام الإنتاج والتحصيل المثمر، لذلك أشعر بأنني أنتمي لمصر وثقافتها وابداعها، وهذا ما يجعلني لا أغيب سنة عن زيارة مصر وأحيانا عدة مرات كل سنة.
* لماذا شنّ الهجوم على ايران بهذه الطريقة؟
هو في رأيك شنّ هجوم، في رأيي هو توضيح حقائق يتغافل عنها القوميون دعاة الأمة العربية الواحدة. هذه الحقائق تقول لي أنه لا يوجد احتلال جميل نصفق له واحتلال قبيح نقاومه. الأخلاق والمنطق يقولان: الاحتلال احتلال. فكيف سأسكت على حقائق احتلال إيران للأحواز العربية منذ عام 1925 ، واحتلال إيران للجزر العربية الإماراتية منذ عام 1971 ، وتهديدها المستمر بتدمير دول الخليج العربي إن هاجمتها إسرائيل، وتهديدها بضم مملكة البحرين العربية التي يعتبرونها محافظة إيراينة. لماذا فلسطين أغلى من الأحواز والجزر الإماراتية؟ لماذا نسكت أيضا على احتلال تركيا لإقليم الإسكندرونة السوري منذ عام 1936 ؟ ما هذه الازدواجية العربية؟ لماذا نتجاهل عذابات الشعب العربي الأحوازي من قبل النظام الإيراني التي هي أبشع من عذابات الشعب الفلسطيني؟ قل لي: لماذا تسمح إسرائيل للفسطينيين باستعمال لغتهم العربية منذ عام 1948 ، وخرّجت ثقافتهم العربية في إسرائيل محمود درويش وإميل حبيبي وتوفيق زياد وسميح القاسم وغيرهم، بينما ممنوع على عرب الإسكندرونة والأحواز استعمال لغتهم العربية؟. هل هذا من طرفي هجوم أم كشف حقائق؟ وأي دعم أمريكي أو غيره لكشف هذه الحقائق؟ أنا مع من يدعم نضالات عرب الأحواز أيا كانت هويته. هل سمعت عن إغلاق الجناح المصري في معرض الكتاب في طهران الشهر الماضي لأنهم وجدوا فيه كتابا يذكر اسم الخليج العربي؟ هل سمعت عن منعهم أي طيران يستعمل اسم الخليح العربي من المرور في الأجواء الإيرانية؟ هل هذا هجوم أم كشف حقائق يتعامى عنها القوميون والإسلاميون العرب؟ لماذا يثيرنا بكاء وندبا وعويلا القتلى من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وفي النسيان القتلى في العراق وباكستان وأفغانستان والصومال ودارفور؟ لماذا قتل المسلم للمسلم والعربي للعربي حلال وشرعي بينما قتل الإسرائيلي للفلسطيني هو فقط ما يبكينا. إنها ازدواجية لا تكسبنا احترام العالم.
* تحدثتم فى ندوة جمعية التنمية الإنسانية عن دول الممانعة(سوريا وتركيا وايران)ووضعت جام غضبك عليها..ألا ترى أن رأيكم فيه اجحاف لهذه الدول؟
أعطني فارقا واحدا بين دول الممانعة هذه وغيرها مما يسمى دول اعتدال. هل أطلقت سورية رصاصة واحدة منذ عام 1967 لتحرير جولانها المحتل؟. أنا عشت في سورة تسعة أعوام وكانت تعليمات المخابرات السورية للفصائل الفلسطينية هو ممنوع اطلاق أية رصاصة على إسرائيل من الحدود السورية؟ اية ممانعة هذه؟ ممانعة وفي نفس الوقت مباحثات سورية إسرائيلية منذ سنوات بإشراف دولة ممانعة أخرى هي تركيا؟ اية ممانعة هذه؟ وممانعة أحمدي نجاد ماذا قدمت غير الخطابات الجوفاء بتدمير إسرائيل والعلاقات السرية على ما يرام؟ أية ممانعة وإسرائيل هي التي زودت نظام الخميني بالسلاح أثناء حربه مع صدام؟ أما سمعت بفضيحة إيران جيت؟. أخي أنا لا أتهجم وأقول ليس من مصلحة العرب معاداة إيران وتركيا، ولكنني مع كشف الحقائق بعيدا عن غوغائية العواطف العربية التي تتضامن باللطم والبكاء وبيانات التضامن الانترنتية فقط. لماذا صبّت سوريا جام غضبها على السادات لمفاوضاته مع إسرائيل التي أدت لتوقيع معاهدة سلام نتج عنها انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي المصرية المحتلة التي لم تحررها حرب أكتوبر، بينما سوريا تعلن صراحة لا سلام إلا بعد الانسحاب من الجولان، ومعها ولها كل الحق في ذلك. فقط لماذا مباحثات السادات كانت خيانة، ومباحثات سوريا مع إسرائيل منذ سنوات ممانعة؟
* ماذا تمثل المقاومة ضد العدو الصهيونى لديكم؟
أنا أرى أنّ الاحتلال أي احتلال يجب مقاومته، وكل شعب حسب موازين القوى يختار أشكال المقاومة. بالنسبة للشعب الفلسطيني هو في حيرة من تذبذب قياداته، من مفاوضات لمقاومة مسلحة، وفجأة رائدة المقاومة المسلحة حركة حماس تعرض على إسرائيل هدنة لستين عاما. تخيل هدنة لستين عاما هل ستكون مع دولة موجودة هي إسرائيل أم دولة خيالية؟ وخالد مشعل يعلن للإعلام الأمريكي تحديدا موافقة حماس على دولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967 . هل هذا مقاومة أم اعتراف بإسرائيل؟ وهل سمعت عن طلب اسماعيل هنية منذ شهرين بوقف اطلاق الرصاص على إسرائيل كي لا نعطيها مبررا ثانيا لاجتياح جديد لقطاع غزة. هل هذه مقاومة أم نسميها مقاومة موسمية.
* حماس وحزب الله هما من يحركان المياه الراكدة ضد الإحتلال الإسرائيلى..هل ترى شيئاً آخر؟
نعم أرى أنها تحريك لمياه راكدة ولكن لخدمة مصالح شخصية وتنظيمية فقط. أي تحريك للمياه يسمح بانقلاب عسكري استولت فيه حماس على القطاع من خلال جرائم لا تختلف عن جرائم الاحتلال؟ أي تحريك للمياه يسمح باجتياح حزب الله في مايو 2008 لبيروت وتدمير كل المؤسسات الإعلامية المعارضة له بما فيها مؤسسات شيعية لا تعترف بنظرية ولي الفقيه وانخراط حزب الله في المشروع الإيراني؟ يا أخي أية مقاومة وممانعة تسمح بهذا القتل لبعض شعبك لمجرد الخلاف في الرأي معه؟ وهذا يشمل حماس وفتح أيضا وحزب الله، فكلهم يبحثون عن امتيازاتنهم وكراسيهم ولديهم شماعة اسمها فلسطين والمقاومة. وإلا لماذا اعترف وقال حسن نصر الله صراحة: لو كنت أعرف أن إسرائيل سترد بهذا الشكل التدميري ما أقدمت على خطف الجنديين الإسرائيليين. لماذا لم تطلق مقاومة حسن نصر الله رصاصة على إسرائيل لدعم غزة؟ لماذا لم تطلق مقاومة حسن نصر الله رصاصة لتحرير مزارع شبعا اللبنانية المحتلة؟.
* بالرغم من أن والدك (رحمه الله)كان حافظاً للقرآن الكريم وكتب الفقه..فالمفروض أن نشأتك دينية،ولكننى أراك تدعو للدولة المدنية؟
نعم أنا أدعو للدولة المدنية التي تتحقق فيها حرية الأديان والديمقراطية للجميع انسجاما مع قوله تعالى ( لكم دينكم ولي دين). الدين علاقة شخصية بين الإنسان وخالقه. لم يعط الله توكيلا لأحد بحمل مفاتيح الجنة يوزعها كما يريد. انظر إلى فوضى شيوخ الفتاوي..نتبع من منهم ولم يتركوا شأنا في حياة المسلم إلا وأصدروا فيه فتوى وفتوى مضادة..يتبع من المسلم صاحب الفتوى أو الفتوى المضادة؟ هل يمارس فتوى ارضاع الكبير أم المضادة لها؟. هل يمارس فتوى تحريم تقديم الزهور أم المضادة لها؟
* هل ترى أن هناك خطراً على الدول العربية من : ايران أو تركيا؟
نعم هناك خطر توسعي طالما إيران لا تنسحب من الأحواز العربية والجزر الإماراتية المحتلة، وتنسحب تركيا من إقليم الإسكندرونة السوري المحتل. استمرار هذين الاحتلالين يعني استمرار التطلع التركي لهيمنة في المحيط العربي ، بعد انعدام أمل تركيا في دخول الاتحاد ألأوربي. وكذلك إيران تتطلع لزمن الامبراطورية الفارسية من خلال نظرية تصدير الثورة الخمينية. هذه حقائق هل لديك ما يدحضها عندئذ سأغير قناعاتي هذه. وليتك تقرأ النظرة التركية والإيرانية للعربي في الثقافة التركية والفارسية؟.
* ألم تكن ايران الديمقراطية أفضل من الأنظمة الديكتاتورية فى الدول العربية؟
بالعكس نظام الملالي الإيراني ديكتاتورية أسوا لأنها ديكتاتورية تتسلح بإدعاء التوكيل الإلهي من خلال تبني نظرية ولي الفقيه التي لا إجماع عليها في المذهب الشيعي, الديكتاتورية المدنية نستطيع نقدها ومقاومتها، أما الديكتاتورية الدينية فلا نستطيع نتيجة حملها لتوكيل من الله تعالى، وتذكر فقط ديمقراطية إيران التي تتكلم عنها ماذا فعلت بالمتظاهرين الإيرانيين في المظاهراتن الأخيرة؟ قتل وتدمير وسجن رغم أن من قادة المظاهرات من هم في مستوى آية الله مهدي كروبي..هل هذه ديمقراطية تدعو لها؟
* ماذا لو توحد العرب مع الأجندتين الإيرانية والتركية لمواجهة اسرائيل؟
لن يقوم توحد مع محتلين لمقاومة احتلال. وهل ستتوحد معك تركيا لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي وهي تقيم علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية واستخباراتية مع اسرائيل لا تختلف عن علاقات أية دولة في حلف الناتو التي هي عضو فيه. أم انّ تركيا ستقاوم الاحتلال الإسرائيلي من خلال عسكر حلف الناتو؟ هذه مجرد خطابات وشعارات فارغة لا تصمد أمام حقيقة الواقع الإيراني والتركي.
* ألا ترى أننا شعب واحد من المحيط إلى الخليج فيجب أن نتجمع تحت مظلة الوحدة العربية؟
لا...نحن لسنا أمة عربية واحدة..نحن شعوب عربية مختلفة المصالح والأهداف، بدليل أنّ عمر الجامعة العربية سبعون عاما وما زلنا في تشرذم متصاعد، بينما الدول الأوربية التي لا تجمعها لغة واحدة على أبواب الوحدة الكاملة. لا حدود ولا جوازات ولا تأشيرات بين سبعة وعشرين دولة عريبة، بينما أغلب الدول العربية ممنوع التنقل بينها إلا بفيزا مسبقة وكفيل والعديد من الشروط التعجيزية. لو أقمنا انتخابات حرة نزيهة لصوتت العديد من الشعوب العربية : لا للوحدة العربية..أية أمة عربية واحدة التي تضامن بعضها مع احتلال صدام لدولة الكويت؟ الوحدة العربية القائمة هي فقط الوحدة للتصفيق للمستبدين والديكتاتوريين..فالعرب هم يوحدهم فقط هتاف ...بالروح بالدم نفديك يا....الشعار يقول..بلاد العرب أوطاني..وهو بالنسبة لي...بلاد العرب أكفاني.
* ما هو من وجهة نظركم مستقبل الشعب الفلسطينى؟
أرى واتمنى أن تكون رؤيتي خاطئة أنّ الانقسام الفلسطيني الحالي طويل الأمد ، فهاهو يدخل عامه الرابع، والسبب هو أنّ الصراع بين إمارة حماس في غزة ودويلة عباس في رام الله هو صراع مصالح شخصية وتنظيمية وليس له علاقة بالدولة المستقلة التي يتغنى بها الطرفان. لذلك فالتشرد واللجوء مستمر طالما أثرياء الأنفاق وأمراء الأمن يركضون وراء مصالحهم الشخصية فقط. فقراء ولاجئون مثلي لا يحملون شهادة الثانوية العامة أصبحوا أصحاب ملايين وعقارات ووكالات تجارية..من أين لكم هذا؟ وعلى حساب من جنيتموه؟. من ورّد الإسمنت لإسرائيل كي تبني الجدار العازل؟ من بنت شركاته مستوطنة أبو غنيم؟ اللصوص وأثرياء النضال المزيف لن يحققوا هدفا واحدا للشعب الفلسطيني. فاللجوء والتشرد والعذاب لغالبية الشعب مستمرة، ونهب اللصوص المناذلين مستمر.
* من خلال متابعتى لكتابتكم أرى موازنتكم بين السياسة والثقافة..ما تفسير ذلك؟
نعم..لأنني في البداية تخصصت في النقد الأدبي..وكانت أطروحتي لدرجة الماجستير عن الشاعر الأردني مصطفى وهبي التل المعروف باسم (عرار)، وأطروحتي لدرجة الدكتوراة كانت بعنوان( الرواية في الأدب الفلسطيني ) ، وبعدها صدرت لي عدة كتب ثقافية، في السنوات العشرين الماضي سرقتني السياسة لأن الوضع الفلسطيني والعربي لا يمكن تجاهله والهروب منه، لذلك أحاول في كتاباتي ومتابعاتي الموازنة بين الثقافة والسياسة قدر الإمكان، رغم أنّ السياسة سيطرتها أكثر على وقتي وعقلي.
* لماذا تهاجر العقول العربية إلى خارج حدود أوطانها؟
السبب متعدد الوجوه منها: عدم الاهتمام بهذه العقول، أو عدم وجود مجالات لعملها إلا في أمريكا وأوربا، فإذا عاد مثل الدكتور فاروق الباز والدكتور أحمد زويل لعاصمة عربية، ماذا سيعملان؟. وايضا انعدام الديمقراطية والشفافية وتفشي الفساد والقمع والمحسوبية، لذلك كافة الاستفتاءات المحايدة قال فيها المغتربون العرب: لا للعودة لبلاد العرب أكفاني. ولو فتحت الهجرة لبلاد أوربا والشقيقة الكبرى ماما أمريكا، سيهاجر غالبية العرب في لحظات. ما هو الوطن؟ الوطن ليس الأرض التي ولدت فيها. الوطن هو الأرض التي تعطيك حريتك وكرامتك وأمنك الصحي والاجتماعي. لو نشأ باراك أوباما وهو طفل كيني في عاصمة عربية، ماذا كان سيكون مصيره؟ أترك الجواب لك وللقراء.
بمشاركة: أحمد سمير- هند أشرف
تصوير:محمد جلال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.