رغم تغير الخريطة السياسية في منظومة الحكم في مصر عقب أحداث 25 يناير و30 يونيه إلا أن خريطة نفوذ التيارات السياسية في المحافظات تظل واضحة المعالم مع توقعات باحتمالية تغير طفيف بها في الفترة القادمة. وقد رصد خبراء في دراسات الرأي العام أن تكون محافظات الصعيد منطقة نفوذ لرجال الحزب الوطني المنحل في الانتخابات البرلمانية القادمة، والمناطق الريفية، وغرب الدلتا، للتيار الإسلامي ممثلا في حزب النور، وحزب مصر القوية بينما قوة التيار الليبرالي ستتركز في العاصمة. وقال الدكتور يسرى العزباوي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات، وحدة قياسات الرأي العام، إن الامتداد الطبيعى للقوى السياسية ربما يتغير قبيل الانتخابات البرلمانية، ولا يمكن توقعه بناء على الانتخابات السابقة لأن الوضع تغير. وأوضح الغرباوي أن الانتخابات البرلمانية الماضية لا يمكن البناء عليه، لأن الأوضاع كانت ثورية، وشهدت "تدليس" بعض الشيء، وتصدير فكرة "انتخبوا بتوع ربنا"، وبناء عليه تصدر الإسلاميون المشهد السياسي. وتوقع الغرباوي أن تكون المنافسة في الانتخابات المقبلة شرسة بين قوى الإسلام السياسي المتمثلة في حزب النور، ومصر القوية، وبين باقي التيارات السياسية، وأن تكون أكثر المناطق التي سيحصل فيها السلفيين على أصوات هي غرب الدلتا "مطروح والإسكندرية، والبحيرة". وبحسب الخبير في دراسات الرأي العام، فرغم سيطرة السلفيين على قطاعات واسعة في مدينة مرسي مطروح، إلا أن المنطقة ليست مؤثرة، بسبب قلة عدد سكانها وقلة المقاعد بها، لكن يمكن أن يحصلوا على المقاعد الفردي بشكل كبير. وأوضح أن العنصر الثاني الذي سيحسم المنافسة مع التيار الإسلامي هو القائمة التي تواجههم وقوتها على الأرض. وعن سيطرة فلول وأعضاء الحزب الوطني المنحل على مناطق الصعيد؛ بسبب العصبيات القبلية هناك، يري الغرباوي أن هذا الأمر مازال موجودًا لكن يجب أن نضع في الحسبان أن كثير من مدن الوجه القبلي خرجت في مسيرات تأييد للرئيس محمد مرسي عقب عزله، لكن مازال لرموز الحزب الوطني نفوذ في عدد غير قليل من المناطق بالصعيد. وتوقع أن يسيطر على العاصمة وإقليم القاهرة الكبرى القوى الليبرالية سواء من الأحزاب أو من المستقلين. ومن جهته يرى محمد أبوطالب، الباحث في الشؤون البرلمانية، والخبير السياسي، أن القوى الإسلامية ستحصل على مقاعد المناطق الريفية، التي كان لها نفوذ فيها قبل ذلك، مثل البحيرة والفيوم، وغيرها بينما ستؤول المناطق التي يتحكم فيها العائلات لأعضاء الحزب الوطني المنحل. وأشار إلى أن الحزب الوطني المنحل، لم يكن يعتمد على برامج أو أيدولوجية لكنه كان يعتمد على عائلات كبيرة، كعائلات الغول في الصعيد، والشاذلي، وغيرها في مختلف أنحاء الجمهورية خاصة الوجه القبلى. وتوقع أبو طالب أن يحصل عدد من القوى الشبابية الثورية، على بعض المقاعد خاصة في المدن الثورية مثل السويس والمحلة، وغيرها لكن هذه المقاعد ستكون قليلة نظرًا لعدم وضوح الرؤية لعدد كبير منهم، وتشتتهم وضعف إمكانياتهم المادية. وبالنسبة للتحالفات الانتخابية القائمة الحالية بحسب أبو طالب فإن مستقبلها ضعيف لكثرة وجود أحزاب غير معروفة، ويتوجب عليها طرح أسماء جديدة ولها ثقل في الدوائر الانتخابية، و إلا سيكون مصيرهم الفشل. ولفت أبو طالب إلى أن من مصلحة الأحزاب السياسية أن تدخل في تحالفات واسعة لأنها أحزاب ضعيفة، حتى أن بعضها لا نعرف أسمائها وليس لديها رصيد في الشارع بل مجرد لافتات فقط تعلق في الشوارع.