تشهد منظومة التعليم المصرية موجة غير مسبوقة من الارتباك، بعد توالي سلسلة من الحوادث والانفجارات الاجتماعية التي انعكست بصورة مباشرة على صورة الوزارة والرأي العام. ورغم أن عاما دراسيا جديدا لم يبدأ إلا منذ أسابيع قليلة، فإن الملفات الساخنة تتكدس بسرعة، حتى بدت كأنها تسرع من نهاية (شهر العسل) التقليدي الذي تحظى به أي قيادة جديدة في الوزارة. الصورة المتداولة والمشورة من الدراسة تلمح إلى أربع قضايا رئيسية تصدرت المشهد، وكل منها كاف بمفرده لإثارة غضب المجتمع.. فكيف إذا جاءت كلها في أسبوع واحد. #أولا: حادث الشروق.. حين يصبح طريق المدرسة طريقا للموت الخبر المتعلق بدهس أم لطالبة في أولى إعدادي-وانتهاء حياتها بسبب محاولة إنقاذ ابنتها-ليس مجرد حادث مروري. بل هو مؤشر خطير على: *ضعف إجراءات تأمين المدارس ومحيطها. *غياب التنسيق بين وزارة التعليم والمحليات. *افتقار المدارس إلى حلول تنظيمية للزحام والتكدسات. *والأخطر أن هذا النوع من الحوادث أصبح متكررا، وكأنه جزء من "مخاطر الذهاب للمدرسة"، وهو ما يثير سؤالا جوهريا: كيف تطلب الدولة من المواطنين احترام التعليم وهي لا تستطيع تأمين أبوابه؟! #ثانيا: المدرسة التي أفقدت التلميذ عينه.. مسؤولية من؟! حادثة فقدان تلميذ لإحدى عينيه في نجع حمادي ليست حدثا عابرا، لأنها تمس مباشرة حقا أساسيا من حقوق الطفل ..الحق في بيئة تعليمية آمنة. هذه الواقعة تعيد فتح ملفات متراكمة منها: *غياب المشرفين داخل الفصول وفي الفناء. *ضعف تدريب المعلمين على إدارة السلوك الطلابي. *عدم وجود معايير واضحة للسلامة داخل المدارس. وهي حوادث – رغم تكرارها – ما تزال تعامل باعتبارها "قدرا" وليست نتيجة مباشرة لغياب الضوابط. #ثالثا: معلمة الإسكندرية.. السخرية وامتهان الكرامة المهنية ظهور فيديو أو واقعة لسخرية من معلمة أو إهانتها -سواء من طلاب أو أولياء أمور – يعيد سؤالا شديد الحساسية..هل لا يزال المعلم يحظى بالاحترام الذي يمكنه من أداء دوره؟! #المعلم اليوم يقف في مواجهة: *تراجع مكانته الاجتماعية. *ضغط نفسي هائل. *ضعف الحماية القانونية من الإهانات والاعتداءات اللفظية والبدنية. هذه الوقائع تقوض الثقة في المدرسة ككيان تربوي، وتؤكد أن الإصلاح لا يمكن أن يبدأ من المناهج وحدها. #رابعا: أزمة "الحافز".. الشرخ الأكبر داخل المهنة أزمة الحافز والتفرقة بين المجموعات داخل نفس المهنة فجرت غضبا واسعا، لأنها ليست مجرد مسألة مالية، بل هي مسألة عدالة مهنية. التمييز بين أبناء نفس المهنة يخلق الآتى: *صراعا داخليا بين المعلمين. *إحساسا بعدم التقدير. *شعورا لدى فئات كبيرة بأن الوزارة لا ترى جهدهم. هذه الأزمة الخطيرة قد تكون الأكثر تأثيرا، لأنها تمس مئات الآلاف داخل الوزارة، وبالتالي لها أثر مباشر على استقرار العملية التعليمية. #النتيجة لماذا هذه القضايا تعجل بانتهاء "وزير التعليم" ..؟ أي وزير جديد يحصل عادة على فترة سماح لدى الرأي العام، ينتظر الناس خلالها رؤية خطته قبل الحكم عليه. لكن في حالة وزارة التعليم، تتسارع الأزمات بدرجة تجعل وزير التعليم الجديد في مواجهةهؤلاء: *غضب أولياء الأمور. *أزمة ثقة مع المعلمين. *مشكلات سلامة متكررة. *ضغط إعلامي متواصل. ومع تزامن الحوادث، يصبح الوزير أمام لحظة فارقة؛إما التحرك السريع لإنقاذ صورة الوزارة، أو مواجهة فقدان الرصيد الشعبي قبل أن يبدأ الإصلاح. #خلاصة_تحليلية ما يظهر في الصورة ليس مجرد نشر أخبار متفرقة، بل هو خريطة لأزمة شاملة داخل منظومة التعليم، تتطلب الآتى: 1- خطة مركزية للسلامة في المدارس. 2- إجراءات عاجلة لاستعادة هيبة المعلم. 3- مراجعة كاملة لسياسات الحوافز والتمييز داخل المهنة. 4- شراكة حقيقية مع أولياء الأمور والمجتمع المحلي. فالتعليم ليس وزارة فقط.. بل هو أمن قومي، وأي تراخ في إدارة هذه الأزمات سيترك أثرا طويل المدى على المجتمع بأكمله.