الدقهلية، تلك المحافظة التي طالما كانت منارة للعقول وقلعة للكرامة، أصبحت في السنوات الماضية شاهدة على زمن ثقيل، سلبت فيه المصلحة العامة باسم التنمية، وشوه وجهها الجميل بخرسانة صماء، لا روح فيها ولا حياة. زمن كان فيه بعض نوابها وقودا للباطل، وأداة في يد من جعل المحافظة كتلة من الإسمنت، لا يعرف فيها الإنسان موطئ ظل أو نسمة حرية. إن التاريخ لا يرحم، والناس لا تنسى. ففي الوقت الذي كان فيه أبناء الدقهلية يئنون من قرارات ظالمة وسياسات عمياء، اختار بعض نوابها أن يكونوا شهود زور، بل شركاء في الصمت المريب. بعضهم هلل وصفق للمحافظ السابق ، وبعضهم اكتفى بالسكوت، وكأن الصمت في وجه الظلم حياد، وليس خيانة. أما القلة التي واجهت وانحازت لأبناء المحافظة، فقد سجل لها التاريخ موقفا مشرفا لا يمحى. واليوم، ونحن على أعتاب انتخابات جديدة، يقف الناخب الدقهلاوي أمام امتحان الضمير. فإما أن يجدد الثقة في من خان الأمانة، أو يكتب سطرا جديدا في تاريخ من الكبرياء والعزة. لا تلدغوا من الجحر مرتين؛ فمن ساند الباطل مرة لن يتورع عن أن يبرره مرات ومرات متى ما لاحت له مصلحته. هؤلاء الذين باعوا صوت الشعب مقابل رضا السلطة، لا يستحقون أن يعودوا إلى مقاعد القرار. من كان بالأمس شريكا في الخراب لا ينتظر منه غدا إعمار. ومن لزم الصمت حين كانت الدقهلية تستغيث، لا يحق له أن يتحدث اليوم باسمها. يا أبناء الدقهلية الأحرار، الانتخابات ليست احتفالا بالأسماء، بل اختبار للضمائر. لا تضعوا أصواتكم في يد من باعكم بثمن بخس. اختاروا من حمل همكم، لا من حمل حقيبة مصالحه. ولتكن كلمتكم هذه المرة: "كفى"… كفى صمتا، وكفى خداعا، وكفى وجوها أرهقتنا بوعود كاذبة وشعارات جوفاء. فالدقهلية تستحق الأفضل، وتاريخها لا يكتب بأيدي المتخاذلين.