في إحدى الاستشارات انتبهتُ إلى قضية بالغة الأهمية، عنصرٍ تقوم عليه ديمومة العلاقات بين الأفراد في هناء وسرور. ومن هنا بدأت الحكاية... روَت ليلى أنها كانت تقول دائمًا لزوجها: "يكفيني أنك تحبني"، وكانت تبتسم حين يرسل إليها الرسائل الطويلة كل صباح. لكن في ليلةٍ ما، وفي لحظة غضب، قال لها كلمة كسرت شيئًا عميقًا في قلبها. ولم يعتذر، لأنه كان يعتقد – كما يظن كثير من الأزواج – أن الحب يغفر كل شيء. ومضت الأيام، والحب ما زال حاضرًا، لكن ليلى لم تعد تشعر بالأمان مع زوجها، ولم تعد عيناه ملاذها كما كانتا من قبل. فقد كانت الكلمة التي أهانتها أثقل من كل الهدايا والذكريات. وهكذا أدركت ليلى، وكل من سمع قصتها، أن الحب بلا احترام يشبه بيتًا بلا جدران، تدخله الرياح وتقتلع دفء القلب. ومن هنا أقول لكل من يقرأ كلماتي: إن الحب زهرة، لكن الاحترام هو التربة التي تحمي جذورها. قد يغدق عليك أحدهم حبًا غزيرًا، لكن إن جردك من الاحترام، جفّت الزهرة مهما كانت نضرتها. أما الاحترام بلا حب، فهو كأرضٍ خصبة تنتظر البذرة؛ قد يبدو ساكنًا في البداية، لكنه يمنحك الأمان الذي تنبت فيه المودة. في النهاية، قد يُغريك الحب في أوله، لكن الاحترام هو من يحفظه في آخره. وإذا اضطررتَ يومًا للاختيار بين إنسان يحبك لكنه لا يحترمك، وآخر يحترمك وإن لم يحبك، فاختر الاحترام؛ لأنه إن بقي عاد الحب يومًا ما، أما إذا رحل، أخذ معه كل شيء. أيها الأزواج، لا تقتلوا حبكم بقلّة الاحترام. وأيها الآباء والأمهات، اعلموا أن حب الأبناء من دون معاملتهم باحترام هو بداية طريقهم نحو العقوق والانحراف. وليدرك الجميع أن ديمومة زهرة الحب، بلونها الزاهي وعطرها الفواح، لا تكون إلا بسقيها بماء الاحترام. **كاتب المقال كاتب عراقى أكاديمي ومدرّب