تراجع أسعار الذهب اليوم في بداية التعاملات بالبورصة    أحدث تصوير جوي لمشروع إنشاء محطة الصب الجاف النظيف بميناء الدخيلة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 21 نوفمبر 2025    "وول ستريت جورنال": أوكرانيا عدّلت بندا في خطة واشنطن المزعومة للتسوية    تسوية مالية كبرى لزوكربيرج وقادة في "ميتا" بقضية انتهاك خصوصية مستخدمي فيسبوك    تجارة عين شمس تستضيف زاهي حواس في ندوة عن "المتحف المصري الكبير حكاية لا تنتهي"    غياب القادة عن قمة جي 20 يثير تساؤلات حول قدرتها على الوصول إلى اتفاقات رئيسية    وزير الحرب الأمريكى: لا خطوط حمراء بملف فنزويلا    عاجل.. غلق هذه الطرق بسبب الضباب    هل تنجو «نورهان» من الإعدام؟.. تطور جديد بشأن قاتلة أمها ب «بورسعيد»    تراجع مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    الصحة العالمية: اللاجئون والنساء أكثر عُرضة للإصابة ب«سرطان عنق الرحم»    أستاذ طب الأطفال: فيروس الورم الحليمي مسؤول عن 95% من حالات المرض    دراسة تكشف عن علاقة النوم العميق بعلاج مشكلة تؤثر في 15% من سكان العالم    رجل الأعمال محمد منصور يروي مأساة طفولته: قضيت 3 سنوات طريح الفراش والأطباء قرروا بتر ساقي    محمد منصور يكشف كواليس استقالته بعد حادث قطار العياط: فترة وزارة النقل كانت الأصعب في حياتي    فلسطين.. قوات الاحتلال تعتقل شابًا من طولكرم شمال الضفة الغربية    هشام حنفي: أتمنى تتويج المنتخب الثاني بلقب كأس العرب.. وأحمد الشناوي كان يستحق فرصة في مباراتي الفراعنة    زد يفاوض كهربا للعودة للدوري المصري عبر بوابته (خاص)    أخبار فاتتك وأنت نايم | إغلاق الطريق الصحراوي بسبب الشبورة.. قائمة منتخب مصر في كأس العرب    محمد منصور: عملت جرسونا وكنت أنتظر البقشيش لسداد ديوني.. واليوم أوظف 60 ألفا حول العالم    أبرز مواجهات اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025 في مختلف الدوريات العالمية    البابا تواضروس: مصر واحة الإيمان التي حافظت على وديعة الكنيسة عبر العصور    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    رئيس مياه البحيرة يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات «حياة كريمة»    انهيار جزئي لعقار بحدائق القبة    المؤشر نيكي الياباني يتراجع بفعل هبوط أسهم التكنولوجيا    «المهن التمثيلية» تحذر من انتحال اسم مسلسل «كلهم بيحبوا مودي»    فضل سورة الكهف يوم الجمعة وأثر قراءتها على المسلم    دعاء يوم الجمعة.. ردد الآن هذا الدعاء المبارك    ما الأفضل للمرأة في يوم الجمعة: الصلاة في المسجد أم في البيت؟    عراقجي يؤكد جاهزية إيران لهجوم إسرائيلي جديد بصواريخ مطوّرة    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    نجوم «صديق صامت» يتألقون على السجادة الحمراء بمهرجان القاهرة    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    محمد رمضان يغنى يا حبيبى وأحمد السقا يشاركه الاحتفال.. فيديو وصور    لأسباب إنتاجية وفنية.. محمد التاجي يعتذر عن مشاركته في موسم رمضان المقبل    بعد 28 عاما على وفاتها، الأميرة ديانا تعود إلى "متحف جريفين" في باريس ب"فستان التمرد" (صور)    سرب من 8 مقاتلات إسرائيلية يخترق الأجواء السورية    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    نائب رئيس الألومنيوم يعلن وفاة مدرب الحراس نور الزاكي ويكشف السبب    سبب غياب راشفورد عن تدريبات برشلونة    بنك مصر والمجلس القومي للمرأة يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الشمول المالي وتمكين المرأة    السعودية تعتبر خرق نتنياهو لسيادة الأراضي السورية تجاوزا متعمدا    تجديد حبس المتهمين بسرقة طالب بأسلوب افتعال مشاجرة بمدينة نصر    كاسبرسكي تُسجّل نموًا بنسبة 10% في المبيعات وتكشف عن تصاعد التهديدات السيبرانية في منطقة الشرق الأوسط    بعد علاقة دامت 10 سنوات، إعلان موعد زواج النجمين شين مين آه وكيم وو    ضياء السيد ل dmc: الرياضة المصرية بحاجة لمتابعة دقيقة من الدولة    مستوطنون يشعلون النار فى مستودع للسيارات بحوارة جنوبى نابلس    ستارمر يستعد لزيارة الصين ولندن تقترب من الموافقة على السفارة الجديدة بدعم استخباراتي    "عائدون إلى البيت".. قميص خاص لمباراة برشلونة الأولى على كامب نو    غلق باب الطعون الانتخابية بعدد 251 طعنا على المرحلة الأولى بانتخابات النواب    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    هل عدم زيارة المدينة المنورة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    رئيس الوزراء: مشروع الضبعة النووي يوفر 3 مليارات دولار سنوياً    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب وعدد المترشحين بها    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعترافات أم عاقة
نشر في الوفد يوم 21 - 12 - 2010

يخرج بعض الناس من الدنيا وقد حملوا على ظهورهم مصيبة العقوق، قد عقّوا أباً أو أماً أو الأثنين معاً.
أما أن تكون محصلة البعض عقوقا لثلاثة، فالأمر قد يبدو غريباً ويحتاج إلى المزيد من التوضيح.
قالوا عنى مجنونة، وأنه كان علىّ أن أتوقف وأكتفي بإبن واحد أبثه أحزان عقوقى، لكننى كنت أقول أننى ضممت ابنتين أخرتين بالفعل إلى القائمة، ولم يكن قصدى أبداً تكثير" القتلى فى المشرحة"، إنما كنت أكافح لأجل البقاء، بقاء البناء، والأسرة، آملة أن أحول عقوقى إلى بر.
لم أختر مبكراً وسريعاً الهرب ب" الطلاق" وهو الأسهل، ولكن هيهات، فما رأيته الأسهل وهربت منه، رأى الآخر سهولته فاختاره، ليضع خاتمة لتلك الحياة، التى أخرجتنى بالفعل من جحيمها، ولكنها توجت عقوقى لأبنائي أيضاً.
مسلسل لا ينتهي
فقصة عقوق الواحدة منّا لأبنائها لا تبدأ وتنتهى عندما تسئ اختيارها لأبيهم فحسب، وإنما قد تستمر القصة لما بعد عندما يطلب منها سلب حقوقهم المادية فى مقابل وجودهم معها، فترضي، وعندما يفقدون معنى ومبنى الأسرة، وعندما يتسلل إليهم الشعور بعدم الأمان وهم أعواد طرية قابلة للإنكسار فى زمان صعب، وعندما تصبح لديهم صورة المبادئ مشوهة، غير ناصعة، ولا يستطيعون التمييز بين الكراهية والحب ودواعيهما، وعندما تضيع من بين أيديهم معانى الحياة الجميلة، فيبغضون الذكريات وكأنها خناجر تنكأ جراحهم، فيكبرون بلا ذكريات تستحق الفرح بتذكرها، ويتصالحون مع الحزن رغم غضاضة أعمارهم، فيكبرون قبل الأوان، ويثقل على كاهلهم حملاً أثقل من أوزانهم وأطول من أطوالهم، وأقسي من خبراتهم، وأقدم من أعمارهم.
يستمر العقوق عندما يساورهم الشك فى أنهم أبناء مماليك، بلا جذور ولا أصل، لا يجدون لدى آبائهم ما يفتخرون به، بل لا يجدون آباءهم أنفسهم، وعندما يدركون مبكراً وخطأً أن عليهم أن يدوروا مع "المصلحة"، وأن يتعاملوا مع كل شئ على أنه " شئ " كما فقدوا كل شئ، وكما تحولوا هم أنفسهم إلى مجرد " أشياء " يلقى بها من شبابيك الأسرة، وتلفظ من الأحضان، فلا تعرف معنى الدفء ولا ملمسه.
ويستمر العقوق ولا ينتهي عندما يشعرون بالقهر، وقلة الحيلة، وضياع الأمل فى أن يعيشوا حياة عادية طبيعية كأصدقائهم، وأقاربهم، وجيرانهم، ممن هم فى مثل أعمارهم بين أبيهم وأمهم، من غير أن يتوارى الواحد منهم خجلاً عندما يسأله صديقه عن أبيه، ومن غير أن تختبئ الواحدة منهن وراء دموعها عندما ترى صديقتها ابنة الجيران تركب سيارة أسرتها مع أبيها وأمها للنزهة أو المصيف..إلخ.
ومسلسل العقوق هكذا يدور دورته فيحجبهم عن دخول مدرسة الحب الأولى بين من أنجبوهم، بل يفرض عليهم أن يروا ذلك بين أمهم ورجل آخر هو زوجها وليس أبيهم، ويرون أبيهم مع امرأة أخرى هى زوجته وليست أمهم، يشاهدون ما يمكن تسميته ب" الحب" بين هؤلاء، تماما كما يشاهدون الأفلام والمسلسلات، مجرد غرباء على شاشة، غرباء مع أجزاء منهم مبعثرة على شاشة مؤذية لبصرهم وبصيرتهم، فيتعلمون باختصار فرضية التواصل مع القهر، والرضي بالفقد، أو يتعلمون الغضب، والتمرد، وفى كل الأحوال تتزلزل الأرض من تحت أقدامهم، وقد تزلزلت من قبل مرات ومرات.
العقوق يستمر أيضاً حينما يتحولون إلى فئة من الأطفال تسمي " شياكةً " أطفال الرعاية المشتركة، بينما يجدون أنفسهم أطفال " البهدلة " المشتركة، وأن اسمهم الحقيقي قد أصبح أبناء الطلاق .
ويستمر.. ويستمر.. العقوق عندما يتعلم الأبناء أنه باستطاعتهم عندما يكبرون، وبسهولة، إراقة دماء المواثيق الغليظة، وتضييع الأنفس اللصيقة، يتعلمون أنه لا بأس من ممارسة أكبر الآثام، لا بأس من ال " التضييع " الذى اكتووا بناره، وعانوا حرّه، وتربوا عليه.
ضريبة العقوق
سألنى ابنى ذات يوم، أين غرفتي، وأين أصحابي، وأين بيتي والعنوان؟
ألم يكن هذا المسكن هو الحلم الذى كنتم تجمعون لأجله من غربتكم الأموال، ما معنى أن أصبح أنا وإخوتى من بعد بلا عنوان؟
لم يمل علىّ العقوق إجابة سوي: ستصبحون بخير.. سيصير كل شئ على مايرام، ولن تمكث إن شاء الله طويلاً بلا عنوان، فعاجلنى بسؤال ثان: ماما فى الصين ينجبون طفلاً واحداً يرعاه على الأقل سبعة أفراد، وأنا وإخوتى ثلاثة، فكيف لا يرعانا سواك؟!
أجبته بطمئنة أن الله كبير، يرعانا جميعاً، وهذا ما لا يستطيع فعله السبعة أفراد، ولا أى عدد من الناس، وأخفيت بينى وبين نفسي إجابة أعرفها ولا أستطيع البوح له بها وهى أن هذه يا ولدى ضريبة العقوق!
نعم أعترف أنني عققت أبنائي منذ 15 عاماً، في الأسبوع الثاني من شهر مارس، وهكذا يحتفل الناس كل عام بيوم زواجهم، واحتفل أنا بيوم عقوقي!
ولهذا قالوا عنى مجنونة، وأنه كان علىّ أن أتوقف وأكتفي بإبن واحد أبثه أحزان عقوقى، لكننى كنت أقول أنني ضممت ابنتين أخرتين بالفعل إلى القائمة ولم يكن قصدى أبداً تكثير" القتلى فى المشرحة"، وإنما قصدتهم " ثلاثة " كمتتالية القاعدة الموسيقية المعروفة( 2- 5 -1 ) التي تقول أنه عند عزف النغمة الثانية ثم الخامسة ثم الأولى من أى سلم موسيقى فإن اللحن يأتى جميلاً، متناغماً، أما إذا عزفت النغمتين الثانية والخامسة فقط، فإن اللحن يأتى ناقصاُ، نشازاً، مبتوراً !
وهكذا قصدتهم " ثلاثة " كى أصنع من نغمهم الجميل معاً، لحناً فرحاً يعلو على كل ألحان النشاز المذكورة أعلاه.. لحناً يمحو عقوقى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.