كان نبينا عيسى عليه السلام نموذجًا فريدًا في البشرية أن يخلق بغير أب، قد جاء في القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدم خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ (آل عمران 59)، وكانت مريم ابنة عمران امرأة صالحة تقية، واجتهدت في العبادة حتى لم يكن لها نظير في النسك والعبادة، فبشرتها الملائكة باصطفاء الله لها: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ﴾ (آل عمران 42)، ثم بشرت الملائكة مريم بأن الله سيهب لها ولدًا يخلقه بكلمة كن فيكون وهذا الولد اسمه المسيح عيسى ابن مريم، وسيكون وجيهًا في الدنيا والآخرة ورسولاً إلى بني إسرائيل. إن ولادته معجزة كبيرة ربانية حيث ولد من هذه المرأة الطاهرة النقية، دون أن يكون له أب كسائر الخلق. لقد اختارالله سبحانه وتعالى امرأة طاهرة نقية عابدة زكية، وهي مريم ابنة عمران، لم يذكر القرآن الكريم امرأة باسمها على الإطلاق سوى مريم، قد جاء الملك جبريل إلى السيدة مريم وهي تتعبد، حيث بشرها بأنّها ستلد ابنًا له قدسية، وأنه سيكون رسولاً من رسل الله ونبيًا من أنبيائه دون أن يكون له والد، وهذه هي المعجزة بحدّ ذاتها، فعيسى لم يولد كما ولد باقي الناس، بل كانت ولادته استثنائية، وكان حمل والدته به أيضًا استثنائيًا. إن ولادة لنبينا عيسى عليه السلام معجزة إلهية منذ أن حملت به والدته البتول مريم إلى ولادته إلى حياته كاملة، ذهبت مريم إلى قومها ولما رآها كهنة اليهود تحمل طفلا وهي عذراء، تعجبوا ووجهوا لها العديد من الأسئلة لم تجبهم مريم، وأشارت إلى عيسى، فقالوا لها كيف نكلم طفلا رضيعا، وتكلم عيسى، وقال لهم أنا عبد الله ونبي. ولما كبر عيسى وبلغ الثلاثين من عمره أنزل عليه الوحي وأعطاه الله الإنجيل وكان عيسى رسولا لبني إسرائيل فقط. ومن معجزات عيسى احياء الموتى بأمر الله وكان يشكل من الطين هيئة الطير وينفخ فيه فيصبح طيرا به الروح وكان يشفى الأعمى والأبرص «مرض يصيب الجلد عندما طلب عيسى عليه السلام من الحواريين الصوم لمدة 30 يومًا، بعد أن صاموا طلبوا منه إنزال مائدة من السماء عليهم ليأكلوا منها وتكون لهم عيدًا يوم فطرهم، فدعا عيسى عليه السلام ربه أن ينزل عليهم مائدة من السماء. إن نبينا عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وهو الذي بشر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، آتاه الله البينات وأيده بروح القدس وكان وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، كلّم الناس في المهد. دعا المسيح قومه لعبادة الله الواحد الأحد ولكنهم أبوا واستكبروا وعارضوه، ولم يؤمن به سوى بسطاء قومه، فرفعه الله إلى السماء وسينزله حينما يشاء الله إلى الأرض ليكون شهيدًا على الناس. *كاتب المقال الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها