لا يخفى على أحد بأن مشكلة السكن في العراق مشكلة قائمة منذ النظام البائد والى الآن في وقت تحلم الكثير من العوائل الفقيرة أن تسكن في بيت يحتضنهم من برد الشتاء ولهيب الصيف حالها حال بقية العوائل العراقية ليعيش كل فرد من هذه العوائل مع باقي أسرته تحت سقف واحد. ولكن بقي المواطن العراقي محروما من هذه النعمة التي طالما انتظرها وسرعان ما فقد الأمل بها ليبقى حال الفقراء كما هو عليه وتعتبر أزمة السكن في العراق أزمة مستعصية جدا ولها الكثير من التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية ولم تعالج منذ عقود في وقت يزداد التعداد السكاني وكثرة احتياجاتهم. يقول (أبو حسن) سائق لا أستطيع استئجار بيتا بسبب ارتفاع أسعار البيوت الخيالية ودخلى اليومي أحيانا لا يكفي ليوم واحد ولا أستطيع العمل إطلاقا بسبب ازدحام الشوارع وهذا ما يدفعني للعيش في هذا المكان ويضيف (سعد) 20 سنة قائلا: لا استطيع استئجار بيتا في هذا الوقت الصعب لعدم قدرتي على توفير مبالغ الإيجارات وخصوصا أننى متزوج ولدي طفلان وتسكن معي والدتي وأخي الصغير وتوفي والدي بسبب مرض عضال واعمل في البناء (عمالة) وهو عمل لا أستطيع أن أقول بشكل يومي. وتخبرنا أم سارة عن الظروف التي لعبت بهم وجعلتهم يسكنون في هذا المكان فزوجي قتل في احد الانفجارات ولدي بنتان وطفل صغير وكنا مستأجرين منزلا في احد المناطق وبعد وفاته لم يعد لدينا من يعيننا ولا أستطيع تدبير مصاريف الإيجار فلجأت إلى هذا المكان لأسكن فيه أنا وأولادي. ويتطرق (ابو علاء) إلى عندما تغلق جميع الأبواب في وجوهنا فماذا نصنع خصوصا وأنا لدي أربع بنات ومرهق بسبب المرض فلا يسعني إلا الذهاب إلى تلك المناطق حتى لو كان بيتي من التنك أفضل من أن أمد يدي لطلب المساعدة وإراقة ماء الوجه. ويتحدث لنا (احمد) لا يتجاوز ستة عشر سنة قائلا: تركنا المدينة وجئنا هنا بسبب الحاجة المادية ولقد تركت المدرسة لأعمل في جمع قناني المشروبات الغازية الفارغة ثم أبيعها لجمع مصروف لعائلتي. وتشير (أم سجاد) عدم وجود الكهرباء التي أصبحت عنصر حيوي في الوقت الحاضر ونفتقد أيضا للماء الصالح فالماء هنا ملوث وفيه الكثير من الأمراض وهذا ما يجعلنا مهددين للكثير من الأمراض الخطرة ولكن أتينا هنا هربا من كابوس الإيجار المرتفع لعدم قدرتنا على جمع جزء من إيجار بيت لشهر واحد وأصحاب الإيجارات يطلبون الدفع مقدما لستة اشهر أو سنة أما (زينه) 17 عام تقول: أنا لا أشاهد التلفزيون أحيانا لمدة 3 أيام أو أكثر لضعف القوة الكهربائية في المنطقة لأنها غير مدعومة حكوميا وهذا ما يجعلني ابتعد عن المجتمع وافتقد للكثير من الأشياء المهمة بالنسبة لي وأتمنى أن أشاهد المسلسلات اليومية. وتقول (إيمان) طالبة في مرحلة الإعدادية عند ذهابي إلى المدرسة اخجل كثيرا عندما تراني بقية الطالبات وأنا اخرج من منزلي البسيط والمتجاوز وخصوصا عند احتكاكي معهم في أوقات الدوام أو عند توجيه السؤال لي عن مكان منزلنا وأحيانا تقوم بعض الطالبات من المناطق السكنية بالسخرية مني كوني اسكن في هكذا منزل وأحيانا أفكر بترك الدراسة لهذا السبب. وتبقى هذه العوائل الفقيرة والمتعففة تنتظر الالتفاته الكريمة من قبل المسئولين لوضع حدا لهذه المعاناة وبناء دور سكنية لهم في أرض العراق الواسعة فلا يعقل بأن تبقى هذه العوائل العراقية بالعيش في هكذا مناطق غير نظامية وملوثة من حيث البيئة والنظام الداخلي لها في حين تبقى أراضي العراق الفارغة تعاني التصحر بسبب الإهمال المستمر من قبل الدولة.