الرئيس السيسي يهنئ الشعب المصري والأمتين العربية والإسلامية بمناسبة عيد الأضحى    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد المصطفى بشرم الشيخ    الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى داخل 3064 مسجدًا و100 ساحة في قنا    محافظ بني سويف يشهد ذبح الأضاحي بمجزر إهناسيا أول أيام عيد الأضحى    محافظ الجيزة يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بساحة مسجد مصطفى محمود    سعر الدرهم الإماراتى اليوم الجمعة 6-6-2025 أول أيام عيد الأضحى    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات الجمعة أول أيام عيد الأضحى المبارك    أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة اول ايام عيد الاضحى المبارك    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة اول ايام عيد الاضحى المبارك    "واشنطن بوست": انهيار علاقة ترامب وماسك في البيت الأبيض    وزير الدفاع الإسرائيلي: لن يكون هناك هدوء في بيروت ولا استقرار في لبنان وسنواصل العمل بقوة كبيرة    ماسك يفتح النار على الرئيس الأمريكي ويوافق على مقترح بعزله ومراهنات على «الفائز»    بيراميدز يهنئ الزمالك بالتتويج بلقب كأس مصر    بعد نهاية موسم الزمالك.. أحمد سيد زيزو لاعب حر يستطيع التوقيع لأى نادٍ    أهالي القليوبية يؤدون صلاة العيد بساحات وملاعب مراكز الشباب (صور)    محافظ الجيزة يزور مستشفى التحرير ودور رعاية الأيتام لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    مصرع صيدلى فى انقلاب سيارة ملاكى ببنى سويف    وسط أجواء احتفالية.. الآلاف يؤدون صلاة العيد في الإسكندرية    حريق هائل بمصنع سجاد في كفر الشيخ    محافظ بني سويف يؤدي صلاة عيد الأضحى بساحة مسجد عمر بن عبدالعزيز    وفاة الملحن الشاب محمد كرارة (موعد ومكان الجنازة)    محافظ شمال سيناء يؤدي صلاه العيد في مسجد الشباب بالشيخ زويد    محافظ القليوبية يوزع الورود على الزائرين بمنطقة الكورنيش ببنها    آلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى في 214 ساحة بسوهاج (فيديو وصور)    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    بالصور.. آلاف المصلين يؤدون صلاة العيد في المنصورة    محافظ بورسعيد يتفقد مستشفى الحياة عقب صلاة العيد ويقدم التهنئة للمرضى والأطقم الطبية (صور )    بعد صلاة العيد.. شاهد مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى من محيط مسجد مصطفى محمود    فى أحضان الفراعنة ..آلاف المواطنين يؤدون صلاة العيد بساحة أبو الحجاج الأقصري    أوكرانيا تتعرض لهجوم بالصواريخ والمسيرات أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص    الرئيس السيسي يغادر مسجد مصر بالعاصمة بعد أداء صلاة عيد الأضحى المبارك    وعلى أزواج سيدنا محمد.. تكبيرات عيد الأضحى المبارك بمحافظة أسوان.. فيديو    هبة مجدي: العيد يذكرني بفستان الطفولة.. وبتربى من أول وجديد مع أولادي    تدخل عاجل بمجمع الإسماعيلية الطبي ينقذ شابة من الوفاة    «علي صوتك بالغنا».. مها الصغير تغني على الهواء (فيديو)    متحدث الأمين العام للأمم المتحدة: نحتاج إلى المحاسبة على كل الجرائم التي ارتكبت في غزة    عيدالاضحى 2025 الآن.. الموعد الرسمي لصلاة العيد الكبير في جميع المحافظات (الساعة كام)    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    بينها «الفرجة والسرور».. هذا ما كان يفعله رسول الله في عيد الأضحى المبارك    «محور المقاومة».. صحيفة أمريكية تكشف تحركات إيران لاستعادة قوتها بمعاونة الصين    خاص| الدبيكي: مصر تدعم بيئة العمل الآمنة وتعزز حماية العاملين من المخاطر    «زي النهارده» في 6 يونيو 1983.. وفاة الفنان محمود المليجى    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    عبارات تهنئة رومانسية لعيد الأضحى 2025.. قلها لحبيبك فى العيد    وفاة الإعلامية والكاتبة هدى العجيمي عن عمر 89 عاماً    الفرق بين صلاة عيد الأضحى والفطر .. أمين الفتوى يوضح    طرح البرومو الرسمي لفيلم the seven dogs    أحمد سمير: هدفنا كان التتويج بالكأس من اليوم الأول.. حققت كأس مصر كلاعب واليوم كمدرب    مسجد نمرة.. مشعر ديني تُقام فيه الصلاة مرة واحدة في العالم    بعد التتويج بالكأس.. الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على أي انتقادات    رسميا.. نهاية عقد زيزو مع الزمالك    محافظ سوهاج يتفقد الحدائق العامة والمتنزهات استعدادًا لعيد الأضحى    خطوات عمل باديكير منزلي لتحصلي على قدمين جميلتين في عيد الأضحى    صبحي يكشف سبب حزنه وقت الخروج وحقيقة سوء علاقته مع عواد    قطر تهزم إيران بهدف نظيف وتنعش آمالها في التأهل إلى مونديال 2026    جامعة كفر الشيخ ترفع درجة الاستعداد بمستشفى كفر الشيخ الجامعى خلال العيد    في وقفة العيد.. «جميعه» يفاجئ العاملين بمستشفى القنايات ويحيل 3 للتحقيق (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن: واجب الأمة نحو القران الكريم

والقرآن بعضه أفضل من بعض، وثواب قراءة بعض آياته أكثر من ثواب البعض الآخر من ناحية الكم، فالحسنات منها حسنة كبيرة ومنها حسنة صغيرة. أما من ناحية النوع فلا يحصل مختلف أنواع الثواب والنعيم الأخروي لمرتل القرآن إلا من يتلو جميع آياته؛ فنعيم الجنة أنواع كثيرة وليس نوعاً واحداً، وتلك التلاوة ينبغي أن يصحبها التدبر وحضور القلب، وإلا ضاع تأثيرها وقلَّ نفعها، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [ص: 29]، {إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37]، وأما من لا يتدبرون القرآن، قال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} [النساء: 82]، {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 68]، {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}} [محمد: 24].
وكلما ازداد المرء قراءة وعلماً بالقرآن ازدادت مسؤوليته في العمل به والدعوة إليه، بما في ذلك الآداب الخاصة بحملة القرآن. ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار»»، والآناء: الساعات. وأخرج البخاري عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال: من رأى منكم الليلة رؤيا؟ فإن رأى أحد قصه، فنقول ما شاء الله، فسألنا يوماً فقال: هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قلنا: لا.
قال: لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى الأرض المقدسة فإذا رجل جالس ورجل قائم بيده كلوب من حديد يدخله في شدقه حتى يبلغ قفاه، ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك، ويلتئم شدقه هذا فيعود فيصنع مثله، قلت: ما هذا؟ قالا: انطلق. فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة فيشدخ به رأسه فإذا ضربه تدهده الحجر، فانطلق إليه ليأخذه فلا يرجع إلى هذا حتى يلتئم رأسه وعاد رأسه كما هو فعاد إليه، قلت: من هذا؟ قالا: انطلق.
فانطلقنا إلى نقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نار، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، وفيها نساء ورجال عراة، فقلت: من هذا؟ قالا: انطلق. فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم على وسط النهر، ورجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمي في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق.
فانطلقنا حتى أتينا إلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة وفي أصلها شيخ وصبيان، وإذا رجل قريب من شجرة بين يديه نار يوقدها، فصعدا بي في الشجرة وأدخلاني داراً لم أر قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشباب ونساء وصبيان، قلت: طوفتما في الليلة فأخبراني عما رأيت. قالا: نعم. أما الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يحدث الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة. والذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علمه الله القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار، يفعل به ذلك إلى يوم القيامة. والذي رأيته في النقب فهم الزناة. والذي رأيته في النهر آكلو الربا.
والشيخ في أصل الشجرة إبراهيم عليه السلام، والصبيان حوله فأولاد الناس، والذي يوقد النار مالك خازن النار، والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين، وأما هذه الدار فدار الشهداء، وأنا جبريل وهذا ميكائيل.. ارفع رأسك، فرفعت رأسي، فإذا فوقي مثل السحاب، ذاك منزلك. قلت: دعاني أدخل منزلي، قالوا: إنه بقي لك عمر لم تستكمله فلو استكملته رأيت منزلك». فأعظم واجب علينا نحو القرآن أن نعمل بما فيه، والرسول صلى الله عليه وسلم، كما وُصف، كان خُلقه القرآن. غافلون ومهرجون أولئك الذين يزعمون أنهم يقومون بحق القرآن بمجرد التلاوة والتغني به، أو بتعليقه للبركة، أو التلذذ بسماعه أو قل سماع الأصوات، أو الحديث عنه وعن عظمته، ثم بعد ذلك لا تتوقد أنفسهم هداية وعملاً بهذا القرآن،
ولا يظهر لهم سلوك بمقتضاه ولا إذعان وتسليم لأحكامه، ومع ذلك يتلون الكتاب، أفلا يعقلون. أيها المسلمون: أعظم واجب علينا نحو القرآن هو العمل به، والعمل بالقرآن هو العمل بالإسلام، كما أن أعظم واجب علينا نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم اتّباعه والعمل بسنته. نعم، هذه القضايا التي تطمس وتعكس في عصور التمييع فتبقى مظاهر جوفاء مع ترك العمل والاتباع حتى صار القرآن حجة على المسلمين لا حجة لهم، وحتى صار الرسول صلى الله عليه وسلم شاهداً على مدعي محبته لا شاهداً لهم.. ويا ويح كل صاحب زعم باطل وصاحب كل دعوى باطلة إذا ما أبدت الصحف العيوب. ثم من واجبنا نحو القرآن الدعوة إليه؛ دعوة الناس إلى اتباعه والتزام حدوده وبذل الجهد والطاقة في ذلك اتباعاً لطريق المصطفى صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108]،
ومن ذلك دعوة الناس أفراداً ومجتمعات إلى تحكيم كتاب الله عز وجل وإقراره منهجاً للحياة في هذه الأرض، فهنالك واجب جماعي على كل مجتمع وعلى كل دولة تدّعي الإسلام تجاه هذا الكتاب المبين، ألا وهو تحكيمه واتخاذه شريعة ومنهجاً للحياة، الأمر الذي من أجله أنزل الله كتابه كما سبق أن ذكرنا: {إنَّا أنزَلْنَا إلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105]، {وَأَنزَلْنَا إلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ .
وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إلَيْكَ فَإن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ . أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 48- 50]. وهذا الحكم بكتاب الله لا يصح ولا يقبله الله عز وجل إلا إذا كان كتاب الله هو المرجع والحكم في كل شيء وليس في بعض الأمور دون بعضها، وإلا فهو الكفر والخزي في الدنيا والآخرة: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ} [البقرة: 85- 86].
ومن ذا الذي يشك في كفر من أعرض عن كتاب الله المحكم وأقبل على مناهج الشرق والغرب يستمد منها ويطبع حياة الناس ولو في بعض الأمور بطباع أهلها الكفرة الفجرة الذين كرهوا ما أنزل الله، بلى والله إنها الردة السافرة والكفر المبين بإله العالمين ورب الخلق العظيم؛ {إنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ} [محمد: 25- 26]، {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً . وَإذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً} [النساء: 60- 61]. يصدّون.. ويعرضون.. ويزعمون أنهم يتحرّون الأصوب وأنهم يريدون المصلحة والفلاح لشعوبهم، فبالله عليكم كيف يؤمن بهذا القرآن وبالله قوم يبحثون عن الأصلح في غير قول الله وشرعه وحكمه؟ ألا يصبح هؤلاء بفعلهم ذلك متعالين على الله مستجهلين له تعالى الله عن إفكهم وما يفترون. من الذي يعلم الأصلح والأنفع؟ وهل يبقى على دين الله لحظة وهل يستمر في هذه الملة طرفة عين أحد بعد أن يرى أن الأصلح والأنفع ما يدّعيه هو لا ما شرعه الله؟ {أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} [البقرة: 140]، {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 41]،
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]. وإن لم تقم للمسلمين دولة تقوم على القرآن شريعة ومنهاجاً، فسيبقى هذا القرآن مهجوراً؛ ولذا فمن حق القرآن الجهاد في سبيله حتى يبلغ الآفاق ويطبّق حكمه في البلدان، فلا يبقى طاغوت يحول بين الشعوب وأنوار القرآن، {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39]. تلك حقوق القرآن التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الأخيار، ومن تبعهم في السوالف الفواضل من الأعصار، إلى أن خلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون: سيغفر لنا، وارتفع صوت النفاق واضطهد صوت الحق والفلاح، لكن لا بد من انبلاج الصبح بعد طول الظلام.. ونحن واثقون بوعد الله {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِ اللَّهِ} [الروم: 4، 5].
ويبقى بعد ذلك واجب آخر نحو هذا القرآن، ألا وهو توقيره وتوقير أهله العاملين به وصيانته عن أي امتهان؛ كاتخاذه للزينة أو اللعب بكتابته كالذين يكتبونه بخط صغير جدّاً في صفحة واحدة، أو اتخاذه للغناء والتجارة، أو كتابته على الميداليات… وغيرها من الأشياء التي يصعب صرفها عن الامتهان والسقوط أو الدخول بها في الخلاء لقضاء الحاجة، أو الاتكاء عليه أو تركه على الأرض في صورة المهمل،
ونحو ذلك مما يشعر بعدم التوقير، أو اتخاذه رمزاً للكوارث والمصائب في المآتم المبتدعة ونحوها، أو خلطه مع الهزل كما يفعلونه في برامج أجهزة الإعلام وافتتاح الحفلات الماجنة، أو اتخاذه وسيلة لتملق البشر فيستخدم لمدح الفسقة والطواغيت ويتفنن في ذلك من لا يرجون لله وقاراً ولا يقيمون له وزناً، أو يستخدم لإضحاك الناس ولفت أنظارهم كالذين يدخلونه في النكت أو للدعاية لتجاراتهم وصناعاتهم فيقتبسون منه آيات يضعونها على معان فاسدة غير معانيها التي أنزلت لها، كالساعاتي الذي يعلق عنده قوله عز وجل: {إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34]، والحائك
*كاتب المقال
دكتور القانون العام
عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان
مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا
مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية
مستشار تحكيم دولي محكم دولي معتمد خبير في جرائم امن المعلومات
نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي لحقوق الانسان والتنمية
نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا
عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة
عضو منظمة التجارة الأوروبية
عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.