«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لبابة السر ,,,,,غرابة السؤال …. دهشة الإجابة !! دراسة نقدية للسيدة / ولام العطار.
نشر في الزمان المصري يوم 02 - 02 - 2021


تهريب الحكاية …. ولبابتها !!
كانت لحظات المواجهة ، في قسم الأحكام الخاصة ، صعبة للغاية ، ثمة الكثير من العيون تراقب ، وتتقصى ، وثمة ماكان شوقي كريم يريد البوح به ، لكنه ، وكعادته ، يرسل ضحكاته لكي لايبدد الوقت ،دقائق من الوداع ، دس سجل وتويبع صغير بين يدي دون ان يفوه بشيء ، بسرعة عارفة أخفيتهما بين طيات ملابسي ، كانت عيون الحراس تراقب المتجهين باتجاه الباب ، وكنت حريصة على أبقاء الأمانة ، التي قص شوقي كريم حكايتها قبل مواجهات سابقة ، كان فرحا الى حد وكأنه يكتب روايته الأولى ، الأمانة هي التي جللني بها ، كلما تقدمت خطوة الى أمام ، تحسست السجل وصويحبه ، السجل الذي اعتبرته كنزا ، يتوجب ان لايقع بين أيادي السجانين ، المسافة كانت قاسية بين الباب الأول وباب الخروج الرئيسي ، وجدتني أتلو آيات الحفظ ، وأدعو الرب ان تتم عملية التهريب بسلام ، وهذا ما تم فعلا ، بعد استراحة ساعات قليلة ، ومحاولة الجلوس مع الهدوء والتفاوض معها ، بدأت اقرأ( لبابة السر ) الكلمات قسوة الموقف مصحوبة بقسوة الحياة ، اليد ترتجف ، والسؤال الذي أصابني بالهلع ، ماذا لو وقعت هذه الملحمة بيد جلاديه ؟
ماذا لو احرقا أمام عيني .. ما عساني كنت افعل أو أقول ؟
كانت الكلمات تدفعني الى أمام ، مصحوبة بخوف، لم اعرف مثله من قبل ، حال اكمال القراءة ، اخترت مكانا لا اخفائها ، لن تخرج منه أبدا ، إلا أفرج عن شوقي كريم ، وسلمت الأمانات كلها له ، ومن بينها رواية لبابة السر، كنت كلما جاء ذكرها ، قلت له .. لبابة السر رواية تعمل خارج النمط … وفيها كم من الأسئلة المعرفية التي تبحث عن إجابات أشعرها مختفية ، لكنها موجودة ، من اجل الوصول الى سر الحقيقة… التي تحرك شخوص وعوالم السرد ، مرة ثانية وببطء وهدوء عادت لبابة السر لتكون كتابا مطبوعا ، يوفر متع عقلية وجمالية كبيرة ، لذا قررت أن أدون وابحث بتمعن عن هذه الأسئلة الفلسفية والاجتماعية والعاطفية والسياسية ، تعمد شوقي كريم ، ضخها الى متلقيه ، الذي يعرف الواقع ، لكنه يجهل كيفيات عمل النص ، وانتقالاته من حاضر مأزوم الى ماض مليء بالأزمات !!
تلك هي المحنة الأولى التي تواجه المتلقي الذي يعتقد انه أمام رواية تاريخيه ، لكنه ومع التقدم بالاكتشاف ، يعرف ان العكس هو الحاصل ، وهذا هو السر الأول !!
2
قراءات منوعة اكتشفت السر وأهملت السؤال !!
هذا ما حدث فعلا ، كل الدراسات العميقة والمؤثرة ، والتي اعتمدت الأفكار والبني الجمالية ، حاولت تفكيك الأطر الحكائية العامة ، والجة تلك العوالم التي شيدها الروائي بكل دقة ومعرفية ، خبر الراوي تاريخ العراق القديم وانغمر به كثيرا ، لذا كان ولوجه سهلا ويسيرا ، وطيعا ايضا ، مع جرأة اختيار الملفوظ اللغوي الباني للملحمة بكل أبعادها ، الإهمال غير المقصود تم بتجاوز الأسئلة التي بثها الروائي على أفواه شخوصه ، من المعلم حتى شوقيا نفسه ، تبدأ الرواية الملحمة بسؤال هل اهتز عرش مردوخ ؟
والإشارة في هذا المدخل هو ، ان ثمة اهتزاز ما سيحدث ، اهتزاز قد يغير كل العلاقات التي تشيدت عليها البني بين الالهه والرعية ، حين يهتز عرش مردوخ ، هذا يعني اهتزاز القيم ، والأخلاقيات ، والمبادئ ، وهذا ما تكشف عنه كل المتتاليات السؤالية ، ماالذي أوصل الخطوات الى حتمية بائسة تئز بحطب بوابات المعابد .(ص8 ) ذلك سؤال آت من عمق التاريخ ، أو هو مرحل اليه ، تكمن الإشكاليات في تواه قصدي يتعمده الروائي الذي يريد الإشهار الى ان المعابد بمواقد نيرانها هي التي أوصلت الماضي والحاضر ولربما المستقبل الى ماهي عليه ، مسؤالية المعبد هي التي تحدد الطرقات ومسرات الخطو المحزون ، وهي التي تصيب المتلقي بالغثيان حين يستيقظ من حلم الورد ليجد نفسه محاطا بتلال من الرقم التالفة والنصوص المبقورة البطون ؟( ص11 ) هذا التواجد مع غياب التكامل وعدم القدرة على مواصلة البحث هي التي جعلتنا لانثق بالماضي كثيرا ، ولا نأخذه كمصدر خلاصي ، ثمة الكثير من التزييف والضياع ، والإهمال المقصود ، وهذا ما هو حاضر في زمن القص المرحل ايضا ، يقول شوقيا لمتلقيه ومعلمه الى أين تراها تتجه بنا السنوات ؟(ص12 ) الإبهام مقر إذ لااحد يمكنه الإجابة حتى مردوخ الذي اهتز عرشه ، وغدت المعابد حطبا يستر عري الكهان ، ليس ثمة قدرة لجميعنا بالتكهن ، وأعرن الاتجاه الصحيح للسنوات ، الكثير من الصدف والمراوغات والقوة هي التي تتحكم باتجاه الخطو ، ويظل التاريخ مجرد سجل ، غريب الأطوار لوابل من الدسائس والحكايات والأكاذيب ، مع 300 سؤال متلاحق ، يطلق الروائي عنان غضبه المعرفي ، السؤال كما يقول هو الحياة ، والإجابات لحظات توقف قد تصيب الناس بالصمت ، والخوف ، يعمد شوقيا كلما التقى معلمه ، الى ان يتعلم منه ، كيفيات صناعة السؤال ، يقول كيف أجد نفسي في معبد السلام والجياد تدوس كل معابد السلام ؟ (ص42 ) هذه العلاقة الروحية تبددت داخل النص الحكائي، صارت مجرد إشارات معرفية ، تحتاج فعلا الى إجابات ، هل يمكن للفرد ان احترقت المعابد ، واهتز عرش مردوخ ، ان يعيش بسلام ، ومن يحدد نوع السلام النفسي والروحي اولأ ، تلك عقدة وضع شوقيا نفسه داخلها ، محاولا البحث عن ومض ضوء يبصرة الطريق ، على ذا المنوال وقوة الإشارة ، يطلق شوقيا السؤال الأدق ، والأكثر إرباكا أوتحس ياسيدي أن النهايات مرسومة بوجود الرجال ؟ (ص49 ) كيف وثمة الكثير من يؤكد شوقيا وجودهم وهم يسكنون بعيدا عن مهرجانات الكذب والرياء والخديعة .؟ ما نفع الإجابة أمام مثل هذه الحيرات الباعثة على تفحص المكون البلاغي العام ، في إشارة واضحة يجمع شوقيا بين السؤال بوصفه إشارة معرفية ، والإجابة بوجودها صمتا مابال نبو نيد لايعرف غير طريق الكلمات ؟
عرف شوقيا ان الكلمات وحدها لاتصنع تاريخا ، وان لابد ثمة من فعل مرافق ومحفز لها ، لهذا يصرخ لاحقا ، لم نبحث عن عطف واسترحام بين ركامات من جماجم ودم ؟(68؟ الى ماذا يشير شوقيا ، مادامت الثورة والتغيير لاتاتي من كلمات فقط ، ولا تاتي من معابد محروقة ، واله اهتز عرشه ، وحيرة التاريخ الذي يتامل رقمه الفاسدة والمخرومة ، كيف يمكن للمتلقي الذي يشتغل شوقيا واياه ، ان يصنع تاريخا مغايرا وهو الذي لايتوافر على خير الدم والجماجم ، تلك واحده من الدوافع التي منحت لبابة السر ، دفقا عذبا من التحديات، لم بابل دون غيرها تتحمل المهانات.. لم بابل دون غيرها تتعرض لعسل الدم.. لم بابل دون غيرها تتحمل غضب ايرا ؟ (ص79) هذا الدفق من الاسئلة ، لابد وأن تدفع بالمتلقي الى البحث والتقصي ، الى ضرورة الكشف عن اجابات اهملتها لبابة السر عن قصد ، لايريد شوقيا عبر الاسئلة الصعبة ، وضع متلقيه ، داخل رخاوة الاجابات ، اهملها كليا ، لم يقرأ المتلقي اجابة واحدة قط ، كان اقصاء الاجابات متعمدا ، لانه يدفع بالمتلقي الى عدم الاكتراث والبحث ،في لحظة حسم دقيقة ، يقف شوقيا عند باب معلمه ليسأل .. معلمي .. متى تملأ المعابد بطونها بصدق الدعاء؟ ( ص127 ) هذه المتى توثق المعلم في حيرة القول ، فيظل مدمنا على البحث والتقصي عله يعرف او يتعرف على الاجابة التي تقنع تلميذه الغريب الاطوار والكثير الشرور،في المرة القابلة التي ارادها شوقيا حادة كاشفة ، يقول تسأل الامهات عيون الحقائق . علام هذا الضجيج ؟ علام كل هذه المواجع والمدافن والنعوش التي لاتستريح ؟ علام كل هذا الضياع ؟ علام كل هذه الاوبئة وهذه الاسئلة .علام كل هذا اللهاث وراء بذر الكلام المحمل بالخراب ؟ (( ص135 )تكرار الاسئلة على هذا المنوال يدفع بالمتلقي الى اتخاذ موقف حاسم ومعلن ، ان لابد ثمة من متغيرات يجب أن تحدث ، ولكن شوقيا لا يضع امام متلقيه كيفيات هذا التغيير وماهياته ، يتركه معلقا متابعا دل الاتي من المسرودات غير المبهجة ، ثمة الكثير من الدسائس الابدية ، والعبث غير القادر على الازاحة ، والخوف من مواجهة السيف والجلاد بكلمات وصراخ ، يحدد شوقيا الاتجاه موضحا ، ان الزمن نابض بالاكاذيب ؟ هو لايشير الى زمن محدد ، ولا الى لحظة تاريخية ، ربما الزمن بإطلاقه هو المبني على الاكاذيب ، وهذه حقيقة لايمكن تجاهلها ، يقول جيمس جويس ( في عوليس ) ان التاريخ حكاية اما الحاضر فهو الفعل !!
هذا التحديد كان المدخل الاهم الذي دخله شوقيا ، لكنه مصاب بالحيرة ، وعدوى اصابته ، ماتلبث ان تنتقل الى متلقيه ، يقول ماالذي نريد القيام به.. ولم نحن دائرون في دائرة البحث ؟ (ص 144 ) هذا السؤال الازلي هو المؤطر ربما لفعل قادم ، يخرج من رحم السرد الذي تحول الى تاريخا ، ليجدد معاني الحضور الانساني ، وبحثه عن سر وجوده ، هل انعكست محنة شوقي كريم ، الشخصية ، داخل مغلف السجن ، وضيق الايام ومجهوليتها ، على هذا المدون الغريب ، ربما كان الروائي الذي يسكن شوقيا هو الذي دفع الى التفحص ، والتدوين ، ليعلن بصوت عال ، اننا امام تكرارات لا تعرف الانسانية كيفيات التخلص منها ، اما تكفي حربا واحده ، لعظة الانسان ،؟
اما يكفي قاتل واحد .. ليجعل الانسانية تتامل الحياة وتعتبرها رأس المال الاقدس والاهم ؟
اما يكفي حالم كرسي مدجج بالدم ، لنكون ضد كل القوامع عبر المسيرة الانسانية ، يقول شوقيا لماذا نجد ثمة من يصفق دائما .. ومن يقتل دائما .ومن يفسد دائما .ز اهو اهتزاز عرش مروخ فعلا ، ام هو تخلي مردوخ عن بابل ، ام هو اختبار للحظات تحدد الخلاص، في سؤال مدهش ، يقول شوقيا أونحن الذين كنا نحلم أم تراها الالهة هي التي حلمت اوهامنا النفاذ الى الب الاحلام ؟ (ص159 ) اية كارثة هذه حين يجد الانسان نفسه مطالبا باتخاذ احلام الالهة مسارا لحياته.يعمد السارد الى تحريك الاسئلة ، مصحوبة بالاحداث والثيم باتجاهات عدة ، منتقلا من المعابد وهفواتها التي لاتغتفر ، الى المدونات والرقم الطينية التي ، اعتمدت اساسا للكشف ، ثمة ما حدث ماضيا يجب ان تلحق به ملاحق الحاضر ، وموتاته ، التي تشير الى ان ليس أن ثمة فرق بين سومر وار يدو مادام الحكيم المعلم والتلميذ السارد شوقيا يعرفان حقيقة ما يجري ببابل التي تعيش اسرا دون قدرة في البحث عن الخلاص، يقول المعلم مالذي جعل بابل توزع اشلاءها بصمت ثم تعود فتزج الاحلام فوق الرؤوس التي لاتعرف لها مستقرا ؟( ص159 ) ولأنه سؤال يرتبط ارتبطا بحثيا بالعقل الجمعي ، يندفع شوقيا محاولا الكشف عن الخفايا التي اوصلت بابل الى هذا الامر الذي ما عاشته من قبل ، لكنه يتراجع خائفا مثلوم الروح حين يسال ماذا لو وجدت نفسي دون وجود؟(ص188 ) العلة تكمن بضياع الوجود الذي تعمده المدون السارد جمعيا ، يرتبط بضياع الارواح والانكسارات وسط انكسارات سومر وضياعها الذي اصطدمت احلامها بصخرة الخوف،او هي تجيء ميتة او مؤجلة الحضور ، اشكاليات الوعي الجمعي بدأت تنتق لتقيم لها ارثا عاما ، بعد ان كانت هما فرديا لمغامر يحرص على التعلم بين يدي حكيم عارف ، لكنه لايريد للفرد ان يفعل بعيدا عن الاجماع/ الذي فتته التواريخ والازمنة ، يقول شوقيا لمعلمه الحكيم كيف تعرف الحب وأنت لاتعرف مالكراهية ؟ (ص207 ) تلك الاشكالية الفلسفية تدعو الى التجريب لا اكتشاف دون هاتيك الثنائيات التي تمنح الانسان وعيا وتفهما دقيقا ، مع الاحلام والحب وضده يشير السارد الباحث الى منطلق جمعي اخر ، اكثر دقة وهو كيف ترى للدنيا أن تستمر دون افكار تتصارع فيما بينها ؟ ( ص206 ) يتوقف السرد عند هذا الاكتشاف الدلالي كثير ، يحاول سبر اغوار ما يجب ان يتخذ من افكار تقف بالضد من افكار الكهنة والملوك ورجلات المعابد الذين وجدوا في ضعف مردوه مدخلا للتحكم بالحياة ، واطلاق عبودية الانسان المكبل بسلاسل الفكر الواحد الذي لسوف يدفع الى دمار اشمل ، وخسائر تهدم كل ما كانت تحلم به بلاد سومر وتوابعها ، الحيرو ذاتها توهم المعلم ايضا اذ يقول كنت اوهم نفسي باسئلة غريرة كيف تصل تلك الافكار الى صباحات الكهوف مخترقى كل تلك الحواجز ؟ (ص215 ) لاسبيل امام الاختراق ، وهذه دالة عجز جمعي ما دام العقل المصنع للسؤال لايعرف كيفيات توزيعة وايصاله الى الامكنة التي يجب ان يكون داخلها ، الكهوف المعبأة بالفقر واليتم والقلق المشوب بالانتظار والعجز ، والريبة ، يتصاعد الصراع ، مصحوبا بالاسئلة الكبيرة ، ولكن الفعل يتوقف تماما ، المتلقي حتى اللحظة لايمكن ان يجد فعلا انسانيا وطنيا خالصا ، كل ما يحدث تقرره المعابد والكهنة ، وعلى اهل سومر القبول والرضا ، وقول النعم التي جففت الحناجر ، مع الضعف الدقيق ، يقول المعلم وكيف تكون البداية والطرقات تسدها الجماجم ؟ (ص216 ) هذا ما يحدث فعلا والاحالات التاريخية التي تعمدها السارد تشير الى اكثر من مكان وزمان منذ قبل التاريخ حتى بعده ، حيث يصف صفي الدين الارمودي كيف سدت ازقة بعداد ودروبها عام 656 بجماجم الناس حتى انتشر الهلع والطاعون ، وانكسرت النفوس وضاع كل رجاء بالحياة واستمرارها ، تلك اللحظة امسكها شوقيا المدون ليعود بها الى الحاضر الذي نعيش حيث تكررت ذا الفعلة مع الكثير من القسوة والعدوانية ، ويعود شوقيا ليصرح ، ولكن كيف يكون الاستمرار . ليس ثمة من يستطيع الاجابة ، ولاحتى معرفة الطريق الذي يمكن من خلاله تبديد الصمت ،!!
3
الإجابات محطة قحط معرفي ، لاتوصل الى غير الجفاف ؟ ذلك ما تعرفة الشعوب التي تبحث عن إجابات لوجود لاتثير الأسئلة ، عمد شوقي كريم الى تفتيت حصى الإجابات لأنه ، ان كشف عن واحدة منها ضاعت مساعيه ، وأصبحت هباء منثورا ، ليس ثمة اخطر على الشعوب من إجابات الكهان وأرباب المعابد وسدنتها ، الشعوب الحية ، التي تريد الاستمرار تبحث عن سؤال يتناسل مع سؤال مصحوب بفعل ، أما الإجابات في خسائر لاتؤدي الى غايات ومقاصد الفعل ، يقول ( ارنست فرنس ) ( العقول الفاعلة التي تضيء الحية هي العقول التي تناسل الأسئلة داخل دوارق أفكارها ، لايجب ان نبدأ بالماذا وكيف ومتى فتلك معضلة حلتها الفلسفة ، علينا ان نسأل مالحرية وماهي القواعد التي يجب اعتمادها ، ماهو الحب ومن ان يجيء ، والاهم ماهي الحياة والغايات منها )!!محنة الاجابة ، قد تعطل استمرارية السرد اذا ما عمد السارد ، الى بعض ايضاحاته التي قد يحتاجها متلقيه ، الذي لم يتعود قبلا معرفيا مثل هذا ، اعتادت السرديات العراقية ، تقديم الحكاية بمكونتها الدرامية اولا ، حيث وجود صراع داخل المتن الحكائي مصحوب بالكثير من الحوارات التي يطلق عليها شوقي كريم ، الحوارات السائبة ، في لبابة السر ، تمتنع الاحداث عن الحكي لانها تقدم من خلال الحوارات المشحونة بالفعل ورده ،نموذجا دراميا اشبه بحواريات المسرح ، ومرد ذلك الى ان السارد اعتمد المسرح وقدمه وتاثر فيه ، هذا غير اشتغالاته الدرامية التي جعلته يعتمد المشهدية الدرامية المحملة التصوير، عند انفجار الوعي الجمعي داخل المسرودة ، يقف شوقيا امام المدون نبو نيد ، متسائلا ، أيمكن لمدينة تحترق أن تنهض .. اتنهض المدن أن هي عرت جسدها للغرباء ؟ ( ص 252 ) اهي لعبة المصادفة التي جعلت شوقيا ، يطلق مثل هذا الصراخ المدوي ، ايمكن لقوة التعريض القرائي ان تكون محرضا فاعلا ، في لبابة السر ، كل شيء مكن مادام الماضي قد سرق كل خرافات الحاضر فواجع ، اشتغل السارد شوقي كريم على سردية من طراز خاص يمكن تفحصها عبر الكثير من الاحداثيات والزوايا ، ومحاولة تفكيك دلالاتها ورمزوها المأخوذة بقسرية من الحاضر لتعيش مآسي الماضي ، او تندمج واياه في دورق تاريخي انساني واحد ، تمكن السارد وهو العليم ، من اعتماد لغة الملحمة ، وبناءاتها ايضا ، كان يطمح من ان يجعل لبابة السر ، رسالة بابل الاخيره ، قبل ان يحدث الطوفان الاكبر ، والاشد خطورة ، استحواذ الكهنة ، واهتزاز عرش مردوخ ، وانسداد طرقات الرجاء ، هي المعظلة الكبرى التي اعلنها شوقي كريم ، ويطالب متلقيه بفعل لا باجبة ، وكما اوضحت لبابة السر سردية اسئلة ، لهذا تقدمت المسرودات لتثير الجدل والدراسات ، انها اشتغال تقدم بالسردية العراقية الى امام ، وتحتاج الى ماهو اهم من التحليلات التي ستظل قائمة مادامت قد اصبحت الجزء الاهم من المسرودات العراقية والعربية معا !!
*لبابة السر … رواية للسارد شوقي كريم حسن .. من اصدارات دار الشؤون الثقافية العامة وزارة الثقافة 2020.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.