من يستطيع أن يسد بالوعة المجارى المتدفقة بالأكاذيب على شكل إسهال مستمر لا علاج ناجعًا له، ما بين صحافة صفراء وبرامج التوك شو اللذين يعملان في اتجاه واحد بتكدير الوطن والمواطن يوميًا، بعدما غابت الضمائر وعميت القلوب عن قول الحقيقة؟ فما يجتاح مصر من أكاذيب يروج لها الإعلام الكاره للنظام الحاكم فاق كل تصور لم ولن نراه من قبل أو بعد، فهؤلاء المروجون للأكاذيب ابتدعوا شريعة خاصة بهم تروج لكل ما هو محبط، نافذين بشكل ناري للعقل المصري في أكبر عملية غسيل مخ يشهدها المواطن المجبر على سماعهم ومشاهدتهم ليل نهار، حتى أصابته التخمة من كثرة ما تتفتح عليه عيناه يوميًا من أكاذيب وافتراءات وإحباطات، فلا ثمة غرابة أن تجد أديبًا مصريًا كبيرًا يكتب مقالًا بعنوان: (الإخوان يُسَمِّمُون مياه الشُرْب لطلاب الأزهر)، في إحدى الصحف التي فاق كذبها كل تصور وأصبح بالنسبة لها القاعدة التي تعمل بها والاستثناء أن تكتب خبرًا صادقًا.. الأديب الكبير، يؤكد أن في الوقت الذي كان الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يتسلم جائزة شخصية العام الثقافية ضمن جوائز الشيخ زايد بالإمارات، اتجه إلى المدينة الجامعية بجامعة الأزهر غرباء، بينهم فتيات، رغم أنها مدينة للطلاب فقط! وقاموا بالتفتيش على صهاريج المياه والمطبخ ورفعوا الغطاءات من فوق الأواني، ثم انصرفوا دون أن يعرف أحد من هم! "آي والله" قال ذلك في مقال له منشور الخميس الماضي في ذات الجريدة المعروفة بترويجها للأخبار الكاذبة باستمرار، ولو أننا في بلد يعرف كل من فيه واجبه وما يجب عمله، لخضع هذا الأديب الكبير للمحاسبة على الفور لترويجه لأكاذيب لا يصدقها المجنون قبل العاقل، وتمت محاسبته قانونًا، فهناك فروق كثيرة بين الكتابة لوجه الله والوطن وبين خلق الأكاذيب وترويج الإشاعات وإثارة البلبلة، فما خطه قلمه يعد عملًا سلبيًا خطيرًا قد يكون له آثاره التي قد تكلف الوطن الكثير من الفرقة والتناحر بشكل أو بآخر، ولم يتوقف هذا الكاتب عند هذا الحد، بل واصل فاصلًا آخر من الأكاذيب بقوله، لم تكن المأساة الإخوانية الوحيدة - يقصد تسميم مياه الشرب للطلاب، بل يقول: يكفي ذهاب الرئيس محمد مرسي للمصانع الحربية وإحضار عمال «كومبارس» للتصفيق، في حين تم طرد العمال الحقيقيين ومنعهم من الحضور.. الكاتب لم يستند لأي مصدر فيما يروجه من كذب بيّن، بل ذكر ذلك عيانًا بيانًا جهارًا نهارًا، دون وازع من ضمير أو خوف على هذا البلد، ولم يكن هذا الكاتب فقط الذي يروج لأكاذيب ظاهرة، فكاتب آخر كتب في صحيفة أخرى بأن أعضاء من حركة حماس، اغتالوا أبناءنا بالمقلاع (النبلة) أيام الثورة، مؤكدًا أن النبلة كان يتم تعميرها بالحديد فتخترق جسد من تطوله، فيلقى حتفه على الفور! هل سمعتم بذلك من قبل؟ (أن النبال التي يلهو بها الأطفال في ريف مصر ولا تقتل عصفورة صغيرة تقتل الإنسان فورًا!!) أترك الإجابة لكم، وما زالت بالوعة المجارى المروجة للروائح النتنة من أكاذيب تزكم أنوف الأمة وتلوث هواءها، تعمل بكل طاقتها وبنفس قوتها بضخها كمية رهيبة من أكاذيبها وافتراءاتها، ولا يجد هؤلاء من يردعهم أو يقول لهم "كفاية حرام"، مرددين دائمًا نغمة حرية الإعلام، وهو قول يراد به باطل، يستخدمونه دائمًا لهدم المعبد بمن فيه، طالما لمرسي كارهون، وعلى جماعة الإخوان حاقدون، ولو فكروا لحظة أن العمل السياسي لا يقوم على الكره والمحاباة والكذب والتضليل، لكان أفضل لهم وأجدى، بل يقوم على الفعل الجاد والإخلاص لله وللوطن، والمساعدة على حل مشاكله دون النظر لمقابل، طالما ارتضى أن يعمل لصالح بلده وأمته متطوعًا، وليس بالعمل على تدمير فصيل من مصري له كل الحق في أن يعمل ويقدم رؤاه لما يصب في النهاية في صالح الوطن والمواطن وتكفل له كل القوانين والمواثيق ذلك، فنحن أمام آلة تعمل دون كلل أو ملل على هدم الدولة، وليتهم سيهدمون النظام وفقط، بل عندما تهب العاصفة لن ترحم رياحها العاتية واحدًا أيًا كان تصنيفه الأيديولوجي، فالمصريون أمام التقدم والرقي أو التراجع والفشل سواء، إلا مَن أراد للسفينة أن تغرق ليسارع بالهرب منها، والأمثلة على ذلك كثيرة، فهم من أفسدوا وأحرقوا وكذبوا ونهبوا، وفى النهاية طاروا بملايينهم إلى الخارج، وبقى المواطن الغلبان يعض أصابع الندم على أنه هتف يومًا باسم هؤلاء، ولكم في المرشح الرئاسي الهارب عبرة، ألم تهتفوا باسمه وتقبلوا صوره؟ أين أنتم؟ وأين هو الآن؟! فما يجرى يبعث على الأسى والألم والإحباط، أن يكون الكاذبون هم المسيطرون وصوتهم الأعلى رغم قلتهم بعد الثورة وازدادوا غيًا وغرورًا بعد نجاح الرئيس مرسي وتوليه رئاسة مصر، ويسوقون أمامهم كثيرين من المغرر بهم، ويضعون أمامهم أخبارهم وتقاريرهم المراد تضليلهم بها، حتى أصبح هؤلاء ألعوبة بيد الصحف والفضائيات المروجة لما تضخه بالوعة المجارى من جيف يزكم الأنوف، حتى بات ما نسمعه ونشاهده ونقرأه ما هو إلا مجرد حزمة أكاذيب مجبرين على ابتلاعها طالما بقوا هم لها مروجين.