تعد مشكلة الضغوط النفسية من أكبر المشكلات التي يمر بها مجتمعنا العربي في الفترة الحالية، ومن كثرة الضغوط الحياتية وما يحدث في المجتمع حاليا من ثورات وحروب ومجاعات وارهاب وبلطجة، بكل هذا لا يوجد شخص إلا ويعاني من أي شكل من أشكال الضغوط النفسية هذا علي مستوي الضغوط الأولية التي يتعرض لها الإنسان، أما عن الضغوط الثانوية التي يتعرض لها فقد يتعرض لعدة عوامل علي المستوي الشخصي كأن يتعرض لحادث أليم ضاغط كفقدان شخص عزيز، أو فشل في أي شيء هام في الحياة كعلاقة عاطفية، أو خسارة وظيفة تكون مصدر للرزق في ظل الضغوط الحياتية والمصاعب الحالية للسعي والبحث عن العيش وكل هذا له آثاره الجانبية علي مجريات الحياة. وسنلقي الضوء علي المرأة خاصة لأنها تمثل نصف المجتمع وعن إصابتها بالسرطان وخاصة أنواع السرطان التي تتعلق بأنوثتها كسرطان الثدي، ففقدانها لجزء هام بالنسبة لها يعد بمثابة الطامة الكبري لها، كما يؤثر علي شعورها بالوجود ويشعرها بالدونية وعدم القيمة وتفقد ثقتها بنفسها مما ينعكس علي حالتها النفسية وتستسلم للضغوط النفسية وتفقد رغبتها في الحياة. وتقول الدكتورة وئام مصطفي "أخصائي الصحة النفسية والعلاج النفسي والمعالج النفسي بمركز الأورام جامعة المنصورة" أن الانسان بطبيعته في صراع دائم لمواجهة هذه الضغوط سواء خارجية أو داخلية وليتحقق ذلك بقول الله تعالي "لقد خلقنا الإنسان في كبد" و"خلق الانسان هلوعا إذا مسه الخير منوعا وإذا مسه الشر جذوعا" ولعلنا أمام موضوع هام وخطير بل ومؤثر بالنسبة للمرأة وهو أثر التعرض للضغوط والأحداث الحياتية، ودورها في مساعدة الخلايا السرطانية الخبيثة في الانتشار، فتصاب بسرطان الثدي والذي يمس جوهر ورمز أنوثتها، وان تعرض المرأة للضغوط الحياتية المتداولة في الوقت الحالي قد يعمل علي إنهيار دفاعاتها النفسية والجسمية الداخلية، ومع ضعف بنيتها النفسية، فتصبح المرأة صيدا سهلا، كما خلقها الله بنية نفسية ضعيفة علي عكس الرجل فمن هنا تصبح المرأة أقل قدرة في مواجهة الضغوط النفسية، وكما أشار الدكتور عادل دنيور "رئيس وحدة الجراحة بمركز الأورام جامعة المنصورة" إلي أن الخلايا السرطانية في حالة نشاط يومي وتظهر يوميا في الجسم، ولكن جهاز المناعة بقيادة الخلايا الانتحارية يقوم بالقضاء عليها أول بأول وذلك من الناحية الطبية، أما عن الناحية النفسية تضيف الدكتورة "وئام مصطفي" بأن التفاؤل والصمود يساعدان علي إزدياد كرات الدم البيضاء لتقوم بوظائفها وتقوية جهاز المناعة ليقف كحاجز دفاع ضد الخلايا السرطانية، ولكن حين تصاب الحالة النفسية بأي اضطراب خاصة الصدمات النفسية والتي ينتج عنها التشاؤم والاكتئاب والقلق والاحباط واليأس، فقد يعجز جهاز المناعة عن القيام بوظائفه فتستسلم المرأة للإصابة بسرطان الثدي. وتؤكد أن اصابة المرأة بسرطان الثدي تمثل ضغطا كبيرا في حياتها، ولعل هذا ما يتضح في طريقة إستجابة المريضات للتشخيص فنجد منهن الرافضات لهذا التشخيص، وأخريات يصبن بالانهيار النفسي وتتحطم ويصبحن في حالة تعجب وتساؤلات منها هل أنا مريضة سرطان بالفعل؟ وكيف حدث ذلك؟ وهل سأموت؟ وتساؤلات عديدة وحالة من الاضطراب النفسي التي تصيب مريضة سرطان الثدي، ومنهن من تري أنه إنتهاك غير مبرر من كائن غريب لجسدهن، بل ولجزء حميم وخاص جدا لديهن، فتذكر إحدي المريضات في وصفها للسرطان بأنه "مثل المياه التي تتسرب تحت المنزل لتهدمه دون أن يشعر أحد ولا المريضة نفسها" وتضيف أن مريضة سرطان الثدي حين يتم التشخيص لها بأنها مريضة سرطان ويقرر لها عملية بإستئصال الثدي فتصبح في حالة من الشك والحيرة والإكتئاب والقلق علي حياتها سواء الخاصة أو الاجتماعية، وتتسائل كيف ستمارس حياتها بعد الاستئصال لجزء يعتبر عنوان أنوثتها فتعتبر صدمة كبيرة تشعرها بأنها ستصبح نسخ لإمرأة، فالمرأة أي امرأة تنظر للثدي بوصفه تعريف لحالتها كأنثي وكإمرأة وكأم فما بالنا إذا فقدت هذا الرمز أو عنوان كينونتها، وتؤكد بأن مريضة سرطان الثدي يصاب بنائها النفسي بالاضطراب والتمزق بعد مرورها بتجربة استئصال ثديها وكيف يجري لها عملية جراحية، وما نوع العلاج التي ستتعرض له بعد العملية وهل سيكون علاج كيماوي أو علاج اشعاعي وتفكر في آثاره الجانبية، وما سيحدث لها من تغييرات في صورة جسمها وما الذي سيحدث لها من أضرار نفسية سلبية. وهذا ما جعل الدكتور "دنيور" يسعي لاكتشافه طريقة حديثة تحافظ علي المظهر الخارجي للمرأة بعد التشخيص بسرطان الثدي وهي إعادة بناء وتكوين الثدي من خلايا ذاتية لا يرفضها الجسم وذلك ما تم عمله، ومن الانجازات التي يقدمها مركز الأورام طب المنصورة والتي يقوم بها فريق الجراحة بمركز الأورام والذي يرؤسه الدكتور "عادل دنيور" الذي يعد أول من اكتشف هذه الطريقة الحديثة التي ساعدت المرأة إلي حد ما أن تحافظ علي المظهر الخارجي لها، وعلي صورة جسمها ومن هنا ساعدت علي نمو الحالة النفسية لها. وتري أنه لابد علي المرأة أن تحصن نفسها من خلال تقوية بنياتها النفسية من خلال بعض المتغيرات الايجابية كالتفاؤل والصمود والمساندة الاجتماعية وتؤكد أن المساندة الاجتماعية بأنواعها لدي مريضة سرطان الثدي "مساندة نفسية ومساندة أسرية ومساندة مادية ومساندة طبية" يعتبرون أفضل منبئ لإرتفاع مستوي التفاؤل والصمود لمريضة سرطان الثدي حيث تري أن لهما دورهما الايجابي في الحفاظ علي الصحة. وتضيف أن الاصابة بسرطان الثدي لا ترتبط بالعمر ولا بمستوي الثقافة الفرعية "مدن أو ريف" لدي مريضة سرطان الثدي أما الذي يثير الدهشة أنه كلما إرتقي مستوي الثقافة لدي مريضة سرطان الثدي لأنه في هذه الحالة تكون المريضة مدركة تماما تتبعات المرض وتكون علي دراية تامة بمدي سرعته وانتشاره وتعلم الآثار الجانبية الناتجة بعد العملية الجراحية من علاج كيماوي أو علاج اشعاعي "نووي"، وهذا ما يجعلها تقف قليلة الحيلة وتشعر بالعجز وتستسلم أمام شبح ألد أعداء الانسان وهو السرطان.