لقد وقع من الظلم والقهر علي الفلاح المصري ما جعله جسة هامده إضافة الي الفقر والجهل وتصدر طبقة كبار الملاك الزراعيين لقيادة العمل التعاوني وغالبيتهم ان لم يكونو جميعا أعضاء في الحزب الحاكم بذا ترك الفلاح المصري يتيما لا يدافع عنه احد اللهم الا اصوات وطنيه هنا وهناك تعاني من القهر السياسي وحظر الشرعيه عنهم ومن ثم فهم غير قادرين لظرفهم الشخصي وللظروف الموضوعيه المحيطه علي رفع الظلم عن كاهل الفلاح المصري ودعوني اضع بين يدي حضراتكم بعض ما يعاني منه الفلاح المصري 1- زيادة عدد السكان وثبات الرقعه الزراعيه داخل الوادي والدلتا قلل من مساحة الارض الزراعيه المخصصه للفلاح الواحد لزراعتها سواء بالتملك او الاستئجار وارتفع سعر الفدان الزراعي ارتفاعا جنونيا ففي منطقه زراعيه محدده في شمال الدلتا كان سعر الفدان حوالي 50000 الف جنيه مصري منذ 4 اعوام الان نفس الفدان وصل سعره لاكثر من 200000جنيه ولم تحدث نفس الزياده في انتاجيته فالارض مازالت تزرع بنفس الطرق القديمه,اما الاراضي الجديده فقد كانت تعطي خلال العقدين الماضيين للخريجين للتهدئه السياسيه وهبات لضباط شرطه وكبار الموظفين وضباط جيش لكسب الولاء للحكومه بينما ترك الفلاح المعدم دون اي مساعده هذا الحصار المضروب حول الفلاح لم يجعل امامه من طريق لتكسب الرزق الا ان يعمل اجيرا او ان يزرع في مساحه محدوده لا تكفي لتغطية حاجاته وتوفير حياه كريمه له 2 -اما الفلاح الذي يمتلك مساحة ما من الارض وتضطره ظروفه للاستدانه مما يسمي ببنك القريه فتمارس عليه عملية ربا فاحش ,يعطي بنك القريه قروضا بفائده في حدود 10 % لكن عمليا يدفع الفلاح ما يقارب 30 % ارباحا ربويه علي قرضه وادعو المتخصصين لاخذ عينه عشوائيه من قروض بنك تنمية القريه ودراستها للوقوف علي مدي الظلم والاستغلال الذي يمارس ضد الفلاح 3 -لا يقوم ما يسمي باتحاد الفلاحين بحماية الفلاحين من الكيانات الرأسماليه الكبيره التي تتعاقد مع الفلاح واوضح مثال علي ذلك هو تعاقدات تعاقدات مصنع بنجر السكر في محافظة كفر الشيخ مع الفلاحين,حيث كل البنود لصالح شركة السكر ويقع الفلاح تحت رحمة الشركه عند الحصاد فقد تترك محصوله من البنجر دون نقل الي المصنع حتي يفسد دون ادني مسؤليه علي الشركه حسب بنود العقد ,وهنا يستجدي الفلاح مندوبي الشركه لنقل محصوله الي المصنع وتحدث مهازل خلال هذه الفتره 4-مازلنا نحن فلاحي مصر لا يتوفر لنا مياه الشرب النقيه بينما تقوم البلديات في المدن ببناء النافورات امام مباني المحافظه وفي شوارع المدن حيث يعيش علية القوم للمحافظه علي الجمال وما يسمي بالمظهر الحضاري 5-يتم ارغام الفلاحين علي دفع تكاليف مشاريع فاشله مثالا علي ذلك ما يسمي بمشروع الري المطور وهو احد المشاريع التي تقف امامها مندهشا من مدي العبثيه وعدم معرفة ظروف الزراعه المصريه الي حد ان هذا المشروع لم يشغل اطلاقا واذا ذهبنا الان الي الحقول سنري بقاياه مهمله لا فائدة منها اطلاقا ومن قبل هذا المشروع دفع الفلاح تكاليف مشروع الصرف المغطي وللحق اقول انه كان جيدا في بعض الحقول وسيئا بل وضارا في حقول اخري حيث لم يركب بطريقه صحيحه لتلاعب المقاولين واهمالهم وعدم جودة الرقابه الحكوميه عاش الفلاح المصرى وقبل ذلك .. وبعد تواطؤ بعض كبار الملاك الزراعيين مع الاستعمار وخيانتهم للثورة العرابية، لم يجد عبد الله النديم -داعية الثورة وشاعرها ولسانها الشعبي- الحماية والأمان والقدرة على مواصلة النضال إلا في أحضان الفلاحين، الذين أُضطهد الكثيرون منهم بل وأُعدم بعضهم (مثل فلاح الغربية يوسف أبو ديّا) وهم مصرّون على حمايته وتمكينه من استكمال مسيرة الثورة بعيداً عن أعين الأعداء. وبعد ذلك .. تواصل نضال الفلاحين وتضحياتهم في كافة المعارك ضد أعداء الوطن، ومن الأمثلة الأخيرة في هذا الشأن : o الشهيد سيد زكريا خليل .. الشاب الصغير الصعيدي الذي أفنى -وحده بعد استشهاد باقي فصيلته- كتيبة كاملة من الصهاينة في حرب 1973. الشهيد ميلاد العبيس -الفلاح الفقير من الدلنجات- الذي استشهد وهو يحاول عام 2002 العبور إلى أرض فلسطين الحبيبة ليشارك أخوته الفلسطينيين معركتهم المقدسة ضد العدو الصهيوني المدعوم أمريكياً. فإن التاريخ الحديث والمعاصر يؤكد أن الفلاحين .. لم يكونوا وحدهم. الثورة العرابية، تضع في صدر برنامجها : o إلغاء السخرة التي يفرضها الباشوات الأتراك على الفلاحين. o القضاء على احتكار كبار الملاك لمياه النيل والتحكم فيها. o حماية الفلاحين من المرابين الأجانب. ويؤكد عرابي انتماء ثورته للفلاحين، بل يطلق عليها "حركة الفلاحين". ودخلت الحكومة فى صراع مع الفلاحين بسبب زراعة الأرز. لم تكتف الحكومة بما فعلت ولكنها كانت دائما تبخل على الفلاح بحقوقه وهى تشترى المحاصيل الزراعية بنصف ثمنها.. وقد حدث ذلك مع المحاصيل الرئيسية التى ينتجها الفلاح المصرى. كانت الأزمة الأولى بين الفلاح والحكومة هى أزمة القمح.. أن مصر لا تنتج ما يكفيها من القمح ولهذا تستورد سنويا 8.5 مليون طن لتغطية الاستهلاك المحلى.. ومنذ ثلاثة أعوام ارتفعت أسعار القمح العالمية وهرولت الحكومة إلى الفلاحين وقررت زيادة أسعار القمح لكى تشجع الفلاحين على زراعته. وبالفعل زادت مساحة الاراضى المزروعة قمحا وتجاوزت مصر الأزمة وتم توفير الكميات اللازمة للاستهلاك. ولكن سرعان ما انخفض سعر القمح عالميا وهنا عادت ريما إلى عادتها القديمة ورفضت الحكومة تسلم القمح من الفلاحين وخفضت الأسعار وساءت العلاقة مرة أخرى بين الفلاح والحكومة فقد تراجعت مساحات زراعة القمح واتجه الفلاح إلى زراعة محاصيل أخرى.. ولم يدم شهر العسل على الحكومة طويلا فقد تسببت الحرائق فى روسيا فى وقف تصدير القمح.. وأغرقت الفيضانات المحاصيل الزراعية فى باكستان مما جعل الحكومة توقف تصديره للخارج وكانت السيول فى باكستان سببا فى تدمير أكثر من 500 ألف فدان من القمح و200 ألف فدان من الأرز و700 ألف فدان من القطن، وأمام نص الإنتاج العالمى هرولت حكومتنا الرشيدة إلى الفلاح مرة أخرى تطلب الصفح والغفران وتسليم ما لديه من محصول القمح. لم يكن القمح هو الضحية الوحيدة فى سلسلة ضحايا الزراعة المصرية لقد كان القطن من أهم المحاصيل التى تعرضت لأزمات كثيرة.. كان القطن فى يوم من الأيام تاج الزراعة المصرية وكان يتمتع بسمعة دولية فى الأسواق خاصة القطن طويل التيلة ولا ينتجه فى العالم غير مصر وأمريكا هذا بجانب أنواع أخرى قصيرة ومتوسطة التيلة.. لقد أهملت الحكومات المتعاقبة محصول القطن وتراجع فى قائمة الصادرات المصرية واستوردت الحكومة أنواعا سيئة من البذور منها الأحمر والأصفر وكانت جميعها تجارب فاشلة.. ولم يكن غريبا أن يهرب الفلاح المصرى من زراعة القطن فلم يعد هذا المحصول يغريه فى شىء.. إن أسعاره لا تغطى تكاليف زراعته كما أن الحكومة شجعت المصانع لاستيراد أنواع رخيصة من القطن.. وفى إطار اتفاقية الكويز بين مصر وإسرائيل فإن مصانع المنسوجات المصرية كانت تستورد القطن من الخارج لأن أسعاره أقل من القطن المحلى.. وانخفضت مساحات القطن من مليون فدان إلى 300 ألف فدان فى السنوات الأخيرة.. وفى حالات كثيرة بقى محصول القطن فى بيوت الفلاحين بعد أن رفضت الحكومة أن تشتريه الموسم التالى. وللأسف الشديد أن ما حدث للقمح حدث للقطن فقد ارتفعت أسعاره هذا العام بنسبة 100% ووصل سعر الطن إلى 1300 جنيه فى سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخ صادرات القطن المصرى.. وهنا أيضا هرولت الحكومة إلى الفلاحين الذين طردتهم من جنتها تسألهم الصفح والغفران وتسليم ما لديهم من الأقطان. وكانت الأزمة الحقيقية أن محصول القطن لا يكفى احتياجات الصناعات المحلية وهنا بدأت ثورة رجال الأعمال وأصحاب مصانع الغزل والنسيج تطالب الحكومة بوقف تصدير بوقف تصدير القطن لتوفير احتياجات المصانع التى يعمل فيها عشرات الآلاف من العمال وهى مهددة بالتوقف لعدم وجود الغزل وسارعت الحكومة تطالب الفلاحين بإخراج ما لديهم من القطن وخفضت الجمارك وهيأت كل شىء لراحة رجال الأعمال وأصحاب المصانع. إن السوق المحلية فى مصر تحتاج إلى 4 ملايين قنطار من القطن لتوفير احتياجات صناعة الغزل والمنسوجات وهذه الكميات غير موجودة والأسعار العالمية فى ارتفاع مستمر والحكومة لا تستطيع أن تفرض على الفلاح سعرا وهنا ظهرت الأزمة الثانية مع محصول القطن وأصبحت مصر تواجه أزمتين فى وقت واحد فى محصولى القمح والقطن وهما من المحاصيل الرئيسية. أمام التخبط والعشوائية والارتجال فى السياسة الزراعية فى مصر جاءت الأزمة الثالثة مع محصول الأرز.. أن مصر من الدول المهمة فى إنتاج الأرز والشىء المؤكد أن للأرز المصرى أسواقه التى تحرص عليه خاصة فى الدول العربية.. وقبل هذا فإن الأرز هو المحصول الوحيد الذى يحرص الفلاح المصرى على تخزينه.. وفى السنوات الاخيرة زادت صادرات الأرز للأسواق العربية بصورة غير مسبوقة وارتفعت الأسعار وزاد الإقبال على شراء الأرز المصرى.. وفى الوقت الذى كانت فيه أسعار الأرز تشهد ارتفاعا كبيرا وإقبالا فى السنوات الماضية كانت العلاقة بين الفلاح وسلع أخرى مثل القطن والقمح قد تدهورت. وانخفضت مساحات القطن والقمح لكى ترتفع مساحات الأرز من 750 ألف فدان إلى ما يقرب من مليونى فدان.. وهنا تدخلت الحكومة خوفا على المياه ووضعت ضوابط ومساحات فى كل محافظة لزراعة الأرز ولكن الفلاحين خالفوا هذه **كاتب المقال دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية