ستكون الخيمة مزعجة في الليلة الأولى، ثم في السنة الأولى ، بعد ذلك ستصير ودودةً كواحدٍ من العائلة ، لكن حاذر أن تقع في حبها ؛ كما فعلنا لا تبتهج إن رأيتهم يقيمون لكم مركزاً صحياً ، أو مدرسةً ابتدائية ، هذا خبرٌ غير سارّ أبداً !وإيّاك أن تتورط بمطالبات غبية مثل بناء بيوت بسيطة بدل الخيام ، أو بخطوط مياه وكهرباء ، ذلك يعني انك بدأت تتعايش وهنا مَقتل...ُ اللاجئ ، وهنا أيضاً مَقبرته ولا تُدرّب أولادك على الصبر، الصبر حيلة العاجز، وذريعة مَن تَخلّى ، واللاجئ يموت إن لم ينظر خلفه مرّتين في اللحظة الواحدة أنت لستَ ابن " هناك " ؛ تَذَكّر هذا دائماً ؛ أنت لك " هنا " جميل ولا يُخان ، ..لا تنم ليلةً دون أن تُعدّد محاسنه لأطفالك ، واقرأ عليهم كيف مات الناس، وكيف ذُبحوا على شاشات التلفزيون لأنهم لم يُصفّقوا للخِطاب ، وقل لهم أنك تنام بين أشجارٍ غريبةٍ ، لأنك لم تشأ أن تُلدغَ من " أسدٍ" واحدٍ مَرّتين ! سيبيعك الناس لبعضهم ، تلك هواية السياسيين ، وسيجيؤك المتضامنون من كل البلاد ، ستصير أنتَ شعارهم الانتخابي ، ويتقربون بك إلى الله ، وستزداد همّة الناس في تفقّدك في "رمضان" وفي الأعياد والمناسبات الدينية ! والبعض سيصوّر أطفالك منهكين وجائعين وزوجتك النائمة الآن في الظلّ ل تكون موضوعاً لصورةٍ تفوز بجائزةٍ دولية ! ستتعلّمون لغات جديدة ، ومشاعر جديدة ، وستنشأ علاقةٌ مُلتبسةٌ مع المنفى ، وقد تشعر في ليلةٍ ماكرةٍ بأنه لا ينقصهُ شيء ليكون كافياً كوطن؛ لكنك سرعان ما ستنتبه : الأشجار هنا لا تخضرّ كما يجب ، والملح ليس مالحاً ، والذين ماتوا لن يغفروا لي ، وتعود تنظر للوراء مرّتين ! وهنا سيتقدمُ ابنك الذي صار رجلاً دون أن تنتبه - ليحمل عنك الذاكرة ، .. ويحمل حُلمك الذي أنقض ظهرك ! ربما يا صديقي أن الأمر سيبدو مُعقّداً في البداية ؛ لكنّه واضحٌ : أنت "هناك" لأن ال " هنا " متوعكةٌ ، وقد يطول غيابك ليلتين ، لكنك لستَ في رحلةٍ للبحث عن هويّة جديدةٍ ، ولن تُفكّر حتماً في مدّ سلك كهرباء الى الخيمة ؛ .. تلك خطيئتنا نحنُ ، حين قُلنا : الخيمة ضيّقةٌ ونحتاج خيمتين إضافيتين ! واسمعني، فانا أفوقك خبرة ب 63 عاماً في هذه "المهنة": لا تلتقط الصور التذكارية مع سفراء النوايا الحسنة، ولا تشكو لهم من الحصى في الخبز وحاذر أن تطالب بخيمةٍ أفضل ، ليس ثمة خيمة أفضل من خيمة