بقلم د. سهير عيد لا يلبث الصحفييون أن يستردوا أنفاسهم بعد حوار مع فنانة ارتدت الحجاب ، حتى يهبّوا من أماكنهم مسرعين فزعين ، كي يسجلوا حواراً آخر مع فنانة أخرى خلعت الحجاب . ما هذه الأزمة التي تفتعلها من ترتدي الحجاب من نجمات الفن ، فهذه كانت ترى في الفن رسالة عظيمة ،ثم ما لبثت أن حرمت الفن و أمواله بعد أن ارتدت الحجاب ، و ما هي سوى لحظات حتى تعود للفن من جديد رافعة راية الدعوة و الإرشاد ،و تلك أخرى تعلن اعتزالها و تبرأها من أعمالها ، ما بالهن يربطن كل شيء بارتداء الحجاب ؟، و لماذا هذه الضجة الإعلانية كلما ارتدت إحداهن الحجاب ؟، ألم تكن إحداهن تصلي أو تصوم ؟ هل الصلاة أو الصيام أو الزكاة أو الحج يبيح الفن و الحجاب يحرمه ؟! ، ألم تكن إحداحن مسلمة ؟! لماذا يختصرن الإسلام في الحجاب ؟!. دائما يربطن الخير بارتداء الحجاب ،يا ترى هل فكرت فنانة منهن عمل مؤتمر صحفي تعلن فيه أنها تصوم رمضان أو ستحج البيت الحرام؟ ،لكنها الأضواء ، فمن تعود الحياة تحت الشمس يصعب عليه الحياة في الظل ،حتى و إن أحرقه لهيبها . و تستعر النار و يشتد لهيبها بين المحجبات المعتزلات أو العائدات و بين الفنانات غير المحجبات ، تبريرات لا حد لها يبثها الطرفان ، و هجوم و صد و رد و اتهامات باطنها القذف و السب و ظاهرها النصح و الاستهجان ، حرب لا تتوقف و استفزاز لا ينتهي ، و كأن كل طرف يعتنق اسلاماً غير الذي يعتنقه الآخر ، و كأن في الإسلام قوانين تخص المحجبات و أخرى لغير المحجبات . و دون سابق إنذار تتحول الفنانة التي ما لبثت أن ارتدت الحجاب من أفلام الدلع و مشاهد القبلات الحارة إلى أفلام و مسلسلات روحانية ملائكية ، و من مشاهد الرقص الخليع إلى مشاهد مكللة بنور الهداية ، الرأفة يا سيدتي بقلوب الجمهور ، دعيه ينسى أو حتى يتناسى . أنا لست ضدهن و لكنني أعجب من الصخب الإعلامي و من التعليقات غير المقنعة التي تبثها من المعتزلات العائدات ، و أعجب من أدوار الملاك الطاهر الذي تتقمصه جميع من ارتدت الحجاب ، يا سيدتي إنني أعرف الكثير من المحجبات ، فأنا و أختي و جارتي و .. و .. كلنا محجبات ، لكننا لم نتحول لداعيات و لم ندعي أننا أنبياء و أننا سنخلص الناس و سنهديهم لسواء السبيل ، فكل ابن آدم خطاء و خير الخطائيين التوابين ، حتى الأنبياء يخطئون ،فكيف تتقمصن أدوارا تناقض العقل و المنطق و الدين . أم أن خلف الستار ستار ؟