بالصور.. وصول شحنة إغاثة باكستانية جديدة إلى مطار العريش لدعم غزة    بدء الصمت الدعائى الثانى بانتخابات الإعادة بمجلس الشيوخ 12 ظهرًا.. والتصويت بالخارج غدًا    بدءًا من اليوم.. فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة للعام الجديد    أسعار الذهب اليوم الأحد 24 أغسطس 2025    أسعار الدولار اليوم الأحد 24 أغسطس 2025    الضغط يتزايد على نتنياهو للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة    كوريا الشمالية تختبر صاروخين متطورين مضادين للطائرات    يصنع منها أجود العطور.. زهور الياسمين تسبق «مو صلاح» إلي أوروبا (كلمة السر نجريج)    ننشر أسعار الأسماك والخضروات والدواجن.. الأحد 24 أغسطس    45 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «طنطا - دمياط».. الأحد 24 أغسطس    الرئيس الفنلندي: صبر ترامب بدأ ينفد بشأن التسوية الأوكرانية    تفوقت على زوجة ميسي وبيكهام، رقم لا يصدق في عدد متابعي جورجينا بعد خطبتها من رونالدو (صور)    ضبط كيان تعليمي بدون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين بالجيزة    خلافات مالية وراء اعتداء صيدلى على عامل خلال مشاجرة فى أبو النمرس    حظك اليوم الأحد 24 أغسطس وتوقعات الأبراج    "سيد الثقلين".. سر اللقب الشريف للرسول صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده    في ذكرى المولد النبوي.. أفضل الأعمال للتقرب من الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم    لقطة انسانية.. تامر حسني يحرص على الغناء لطفلة مصابة في حفله بمهرجان مراسي (فيديو)    "في الظهور الأول لوسام".. كولومبوس يتلقى الهزيمة من نيو إنجلاند بالدوري الأمريكي    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. كليات التجارة و التربية ومعاهد الفني الصحي المتاحة تجاري 3 سنوت (قائمة كاملة)    تحذير خطير من تأثير الملح على الدماغ وعلاقته بالموت المفاجئ    مصر تنافس بقوة في جوائز LMGI العالمية عبر فيلم "Fountain of Youth" للمخرج جاي ريتشي    انتشال جثمان طفلة من أسفل أنقاض منزل بسمنود بعد انهياره الجزئي    «روحي سميتها بيروت».. محمد رمضان يفاجئ جمهوره بأغنية عن لبنان (فيديو)    شديد الحرارة ورياح.. بيان من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارة جنوب مخيم المغازي وسط قطاع غزة    دعاء الفجر | اللهم يسّر أمورنا واشرح صدورنا وارزقنا القبول    إعلام فلسطيني: سماع دوي انفجارات ضخمة جراء تفجير روبوتات مفخخة في مدينة غزة    ملف يلا كورة.. تغريم الزمالك.. صفقة كهربا.. وأزمة السوبر السعودي    شيكابالا يتحدث عن.. احتياجات الزمالك.. العودة لدوري الأبطال.. ومركز السعيد    وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى اندثار بعض الوظائف.. والحل التوجه لمهن جديدة    تنسيق المرحلة الثالثة، الأخطاء الشائعة عند تسجيل الرغبات وتحذير من الرقم السري    الاحتلال الإسرائيلى يقتحم بلدتين بالخليل ومدينة قلقيلية    «عقلي هيجراله حاجة».. حسام داغر يكشف سبب وفاة الممثل الشاب بهاء الخطيب    مروة ناجي تتألق في أولى مشاركاتها بمهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية    محمد رمضان يحيي حفلًا غنائيًا بالساحل الشمالي في هذا الموعد    في 12 مقاطعة ب موسكو.. الدفاع الروسية تُسقط 57 مسيرة أوكرانية    خسوف القمر الكلي.. مصر على موعد مع ظاهرة فلكية بارزة في 7 سبتمبر.. فيديو    انقلاب سيارة محملة بالزيت على الطريق الدولي ومحافظ كفر الشيخ يوجه بتأمين الطريق    حكام مباريات يوم الإثنين فى الجولة الرابعة للدورى الممتاز    شاب بريطاني لم يغمض له جفن منذ عامين- ما القصة؟    وزير الصحة: نضمن تقديم الخدمات الصحية لجميع المقيمين على رض مصر دون تمييز    خلال اشتباكات مع قوات الأمن.. مقتل تاجر مخدرات شديد الخطورة في الأقصر    مصرع طفل وإصابة 2 آخرين في انهيار حائط بسوهاج    في المباراة ال 600 للمدرب.. ويسلي يفتتح مسيرته مع روما بحسم الفوز على بولونيا    رسميًا.. موعد المولد النبوي 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة للقطاع العام والخاص والبنوك    لا صحة لوقوع خطأ طبي.. محمود سعد يوضح تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام    تاليا تامر حسني: التنمّر ليس مزحة.. إنه ألم حقيقي يدمّر الثقة بالنفس (فيديو)    «المصري اليوم» في جولة داخل أنفاق المرحلة الأولى للخط الرابع ل«المترو»    مستثمرون يابانيون: مصر جاذبة للاستثمار ولديها موارد تؤهلها للعالمية    وزير الإسكان يتابع موقف عدد من المشروعات بمطروح    برشلونة يقلب تأخره لفوز أمام ليفانتي بالدوري الاسباني    «قولتله نبيع زيزو».. شيكابالا يكشف تفاصيل جلسته مع حسين لبيب    محافظ شمال سيناء يوجه بتشغيل قسم الغسيل الكلوي للأطفال بمستشفى العريش العام    إحالة المتغيبين في مستشفى الشيخ زويد المركزى إلى التحقيق العاجل    «أوقاف المنيا» تعلن بدء احتفال المولد النبوي غدًا الأحد 24 أغسطس    تعرف على استعدادات تعليم كفر الشيخ للعام الدراسي الجديد    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأبّطَ أزمةً..!
نشر في الواقع يوم 25 - 03 - 2011


بقلم د. رفيق حاج
هنالك العديد من ردود الفعل التي يقوم بها الأناس الذين يقعون في أزمة , فمنهم من يتقوقع في البيت ويلزم الاعتزال ومنهم من يتديّن ومنهم من يحاول المضي قدما. هنالك العديد من الطرق للتعامل مع الازمة كالبحث عن مسار جديد, او التجاهل والتقزيم والاقصاء. في الازمة تختبئ بذور الحل.
اعذروني على الاستعارة المؤقتة لكلمة "تأبط" المشتقة من المصطلح العربي المعروف "تأبط شرّاً" والتي عادة يوصف بها من ضمر الشر ونوى العداء. وفي المعاجم اللغوية " تأبط الشيء" أي وضعه تحت ابطه لكن المعنى الاوسع والاشمل له هو: حوّله الى شغله الشاغل وجعله دينه ودنياه. و"تأبط أزمة" هو مصطلح من اجتهادي الخاص ويعني ان نجعل الأزمة التي ألمّت بنا محور حياتنا وموضوع حديثنا ولون ملابسنا وكحل اعيننا. الأزمة هي حالة انفعالية تجعل الفرد أو الجماعة يخضعان لعوامل تأثير ضاغطة، عادة ما تكون سبباً في بروز ردود فعل غير متزنة ولا مدروسة، حيث تتشابك عوامل تأثير متعددة في صياغة الأزمة وتحديد أبعادها. ما قد يجهله البعض منا ان ضخامة الازمة التي اصابتنا تتعلق اولاَ بنا. فنحن نختار رؤيتها كبيرة او صغيرة, مستديمة او عابره, قاتلة ام طفيفه.
هنالك العديد من ردود الفعل التي يقوم بها الأناس الذين يقعون في أزمة وهي تختلف من شخص الى شخص ومن مجتمع الى مجتمع ومن نوعية الازمة وحدتها واهميتها لكينونة وصيرورة صاحبها. منهم من يقم بالتقوقع بالبيت والابتعاد عن الناس والمجتمع والامتناع عن الظهور خشية من مصادفة أعين الناس اللائمة او المُدينه او المشفقة عليه, وكما تعرفون ان غالبية المنقطعين عن مجتمعاتهم وذويهم يصابون بالكآبة , إضافة للشعور بالاحباط وفقدان الحيلة من الأزمة نفسها. بعبارة أخرى الانعزال والانقطاع يزيدان ازمتهم تاججا ووجعا, وقد تجد قسما منهم قد هزل جسمه وشحب وجهه واصبح شبحا بصورة انسان. هنالك بعض المأزومين من يقومون بالهرب من البيت او البلدة او الدولة ويبحثون عن بدايات جديده, ومنهم من يقومون بإيذاء انفسهم او إيذاء غيرهم او حتى الانتحار. ما لا شك به ان الازمة تشكّل عبئا ثقيلا على كاهل صاحبها الذي سيبحث عن طرق متنوعة للتخلص منها.
طبعا كل ردود الفعل التي ذكرت آنفا واردة بالحسبان ولكنها ليست موضوع حديثي. ان التقوقع في البيت او الهرب من البلاد او القيام بالانتحار هي امور في غاية التطرف والخطورة والتي قد تسببها مصائب كبيرة الشأن ولا استطيع هنا ان اسدي النصيحة لأحد , فمن وصل الى هذه الدرجات من الاحباط لا يمكن ردعه. ان الموضوع الذي اريد طرقه هو سلوكيات الاشخاص الذين يستمرون في حياتهم وعملهم وتربيتهم لأولادهم بعد الأزمة التي انتابتهم حيث نشاهدهم واجمين, حانقين, مكفهري الوجوه. متشائمين, فاقدي الثقة بانفسهم وبالناس, ساخطين على من كان السبب وراء تعاستهم وانزالهم عن عرشهم.
اود ان اهمس في اذان من قرروا مواصلة المسيرة, رغم الازمة التي انتابتهم وجعلت حياتهم جحيما لا يطاق , من فرط الشعور بالسخط او الذنب او الرغبة بالانتقام او الخجل مما المّ بهم , أن هنالك الكثير من الطرق المؤدية الى تخفيف ألامهم ومعاناتهم, واهمها البحث عن مسار جديد للعمل والانتاج والعطاء, فالمحامي الذي سُحبت رخصة عمله إثر قيامه بتزوير مستندات رسمية او الطبيب الذي مُنع من مزاولة عمله بعد قيامه بعمل جنائي يستطيعان البحث عن مسار عمل جديد معتمدان على ثقافتهما العالية وقدراتهما الشخصية, والطالب الجامعي الذي فشل بالحصول على الشهادة المرموقة بعد تسع سنين في الغربة يستطيع ان يبدأ مسارا تعليميا جديدا يلائم قدراته وكفاءاته واهواءه.
هنالك طرق أخرى للتخفيف من وطأة معاناة المأزومين كتجاهل الازمة او تقزيم حجمها, فقد يقول المأزوم لنفسه صحيح انني خسرت كل اموالي بالبورصة لكن لدي أملاك أخرى تعوضني عن ذلك. صحيح ان رِجلي اصيبت بعاهة مستديمة إثر حادث طرق لكني أملك ذراعين قويتين وعقلا نيرا. صحيح ان زوجتي تركت البيت ولم تَعُد ولكنها "ريحتني منها ومن بلاويها". هنالك طريقة اخرى للتعامل مع الازمة وهي المقارنة مع ازمات أخرى اشدّ وقعا من ازمتنا والتي اصابت الآخرين. هنالك شعور من الراحة الوهمية الذي يغمرنا عندما نجد ان أخرين يعانون من أزمة اشد هولاً من أزمتنا. أنا خسرت نصف اموالي اما فلان فقد اضاع كل ثروته وبات فقيرا مدقعا. أنا فصلت من مكان عملي لكني استطيع ان اجد عملا بديلا اما فلان من سيقوم بتشغيله في هذا السن؟ وهنا لا بد من ذكر نهفة طريفة في هذا الصدد- حينماعثر احد الازواج على صورته المؤطّرة ببرواز في "جزدان" زوجته, حيث اصيب بالذهول من ذلك فهو يدرك تماما انها لا تطيقه بالمرة وانها اعتادت ان تشخط به ليل نهار, وعندما سألها عن سبب احتفاظها لصورته في "جزدانها" فأجابت ان النظر الى صورته تساعدها كثيرا بالتخفيف عن معاناتها فعندما تقع في ورطة او مصيبة تنظر الى صورة زوجها وتهمس لنفسها "كل المصائب تهون قبال هذه المصيبة.."
طريقة اخرى للتعامل مع الازمة هي اقصاؤها وازاحتها من ساحتنا. ان من حُكم عليه بالسجن بتهمة حيازة المخدرات هو والدي او اخي او ابن عمي وليس أنا. لماذا اتبنى أزمته؟ فلي ما يكفيني. ان من سقط في اختبار القبول لنقابة الاطباء للمرة العاشرة هو ابني وليس أنا. ان الذي وصل الى جيل الاربعين دون ان يجد شريكة حياة أو طلّق زوجته او ضُبط في حالة خيانه هم آخرون وليس أنا.
يُقال أن الازمة توقف المعاناة وتحمل في ثناياها بذور الحل, والمثل العربي يقول في هذا "اذا ما خربت ما بتعمر..". قد تكون الازمة هي علامة لنهاية المعاناه وبداية الفرج ومن يرى بها كذلك يستطيع ان يتخطاها ومن يرى عكس ذلك ويتأبطها فهو يدعها تدوسه وتطحنه تحت عجلاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.