بقلم محمد غالية في يوم الحادي عشر من فبراير وحينما أعلن اللواء عمر سليمان تخلي الرئيس السابق عن المسئولية وأن المجلس العسكري هو من سيحكم البلاد خلال تلك المرحلة الحرجة ، فسجدت لله شكراً على رحيل الطاغية ونهاية عصر دام لثلاثون عاماً عشنا فيه سنوات عجاف لم نعرف فيها سوى القمع والظلم والفساد ، وقولت في نفسي الحمد لله قريباً سينصلح الحال وأننا سنبدأ في الجزء الثاني من الإصلاح اصلاح الشريحة الأعظم من الشعب ، فالشعب نفسه استوطن في نفسه الفساد والرشوة والوساطة والظلم والمخدرات والجنس ويحتاج إلى تنقية من الداخل ، نعم لقد غيرت الثورة في داخله حتماً ولكنه تغيير نسبي يشبه ذلك التغيير الذى يحدث حينما ترى موقفا مؤثرا فيجعلك تسير على الطريق المستقيم لعدة أيام ثم سرعان ما تعود إلى سابق عهدك ، ولكن للأسف لم يبدأ هذا فلقد وجدت أيادي تجذبنا إلى حيث الهاوية ، ففي كل يوم نفاجىء بأشياء تشغلنا عن هذا الإصلاح ، وكأننا نتعمد أن نُوجد أشباح لنخوف أنفسنا منها ، او عادة المصريين القديمة حينما نفرح كثيراً سرعان مانردد ( خير اللهم اجعله خير )، تُرى هل نستكثر فرحتنا وما صنعناه ؟! أم أن الأشباح التى نصنعها توجد بالفعل ؟! هل نساهم في قتل فرحتنا ؟ أم بالفعل لازال الطريق طويلاً لنبدأ في الإصلاح ؟!. حالة من الإرتباك والتخبط والتوهان تسود فمفكر كبير يتبنى رأي وأخر يتبنى الرأي المُضاد ، وبمنتهى الصراحة أشعر أننا نحن الطبقة المثقفة المهتمة بالشئون السياسية والإقتصادية والأدبية نعيش في وادٍ والمواطن البسيط يعيش في وادٍ أخر ، نعم لقد استاء الجميع من النظام ورحل النظام ، ولقد سرعان ما بدأت الثورة المضادة متمثلة في المظاهرات الفئوية والضغط على الجيش بطريقة مبالغ فيها ، وسرعان ما ظهرت الإنقسامات في صفوف الثوار فهذا مجلس قيادة الثورة وهذا مجلس ائتلاف الثورة وهذا مجلس أمناء الثورة وهذا حزب 25 يناير وهذا حزب التحرير وما يجهز الأن على اكبر وأوسع ، والناس المشاركين مستائين من اختزال الثورة في تلك الأسماء أو استغلال اسم الثورة فعلى من يريد ان يشارك فليتكلم بأي اسم ولكن لا يحشر اسم الثورة في كل شىء ، لقد اتسعت اللعبة بطريقة اكبر وكل يوم يتضح لنا أشياء جديدة في كل يوم سياسات تخوين جديدة لأصحاب الجبهة الوحدة وإن اختلفنا فأنت ضدي أو اقل شىء سيقال لك ( أنت مضحوك عليك ) .يبدو ان الخطوة الأولى أصبحت اصعب بكثير مما كنت أتخيل ، رجاءا لنتمهل قليلا في أي شىء يقال لنا فكل الاّراء تتحمل النقاش وأن يكون صاحبها مخطىء أو مُصيب مهما كانت خبرته ، لنحكم العقول وننحى جانبا نظرية المؤامرة ولا نتعامل مع حياتنا كلها على انها مجرد مؤامرة .