المفاجأة كانت أقوى من التفكير او اتخاذ قرار ، بلا شعور أغلقت الباب ، لم أركض لاستل سكينا من المطبخ ، او أصوب مسدسا ، جمعت ثيابي في حقيبة لملمت بعض الصور ، وهمتُ في الطرقات والأزقة ، أبحث عن الأسباب ، أفتشُ عن جواب ، لماذا ...!!؟ لم أرتكب جريمة شرف ..! لكني قضيت عقوبة التشرد والأشغال الشاقة في مدن غريبة ، كئيبة ، أغسل ، أكنس ، أتسول ، أجوع ، لأكمل الدراسة الغربة تصقل الرجال لم تصقلني. بت أكثر تحجرا ، قسوة ، وزير نساء متلبد المشاعر .. الأخبار تأتيني من ذلك الرجل البسيط ، تحمل أفراحا وأتراحا فاتعلل بضيق الوقت ، العمل ، وصعوبة السفر . أمك اعتمرت ، أمك تحجبت ، أمك أدت فريضة الحج ، أختك الكبرى تزوجت ، أردد المثل ( طب الجرة ) ، أخوك تخرج مهندس ميكانيك ، أختك الصغرى أولى جامعة ، تعبتُ ياولدي متى تعود لتجد ابنة الحلال ، ونفرح بك ؟ قلبي يخفق بشدة ، نوبات ندم تعتريني ، قدماي لا تحملاني وأنا أصعد درجات المشفى يرافقني حشد من أفراد عائلة كبرت ، تفرعت ، غادرتها مرغما . أمس سمعته يبكي ، أمك في العناية الحثيثة. الأمل ضعيف في نجاتها ألن تراها ؟ اقتربت من الوجه المشع نورا ، الغارق في غيبوبة بين الأنابيب والأمصال ، أتراني تخيلتها رمشتْ ، ابتسمتْ ، وبقلب الأم عرفت اني قد أسامح وأصفح وستفارقنا مطمئنة ؟ مددت أصابعي المرتجفة لأغمض عينيها ، لمحت يدا رأيتها يوما تلامس وجهها تزاحمني ، وتزاحم الاسرة في قلبها ، سحبت يدي ، وعدت للتشرد ..!