بقلم جلال الهجرسي النقشبندي الملابس من المؤشرات الثقافية الهامة التى نتعرف بها على خصائص مجتمع معين ... الا ان ظروفنا الحالية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قائمة على خلط المفاهيم والتناقض والتاثر دوما بالاخر الدخيل على الارض ... ولو تتبعنا طرز الملابس فى مصر من العصور القديمة سنجد الفارق الجوهرى بين الملابس البيئية وملابس العسكر الدخيل ... فمثلا فرض نابليون على رجال الازهر ان يرتدو البرنيطة الفرنسية الحمراء التى كان يرتديها ... ولكن رجال الازهر رفضوا رغم خوفهم الشديد منه ومن بطشه بهم ... فصمموا العمامة الحمراء بنفس لون البرنيطة للحفاظ على غطاء راس شبيه بالاصلى ... ومن هنا ضاع غطاء الراس الاصلى واستبدل بالمقترح لارضاء نابليون ... والغرض هو الحفاظ على الجبة والقفطان العربى كملبس يميز رجال الدين الازهريين ... عن الجاكيت والبنطلون الفرنسى ... حيث كانت الجبة والقفطان والجلباب هى الملابس المصرية عموما ... واستمر الحال الى الاحتلال الانجليزى فظهرت البدلة والكرافت والقميص الابيض للطبقة المتوسطة والنبلاء الى جانب الفراك وملابس السهرة والتشريفة للاشارة الى الطبقة الاجتماعية ومستوى التعليم ... وانتشر مصطلح ( لابس افندى ) فى هذه الفترة للتفرقة بين الجلباب المصرى الاصيل والجبة والقفطان والعباءة عند عامة الشعب ... وملابس الافندية والبكوات والبشوات... وزاد على الجبة القفطان عمامة نابليون الحمراء لرجال الازهر . من اهل العلم والدين ... واستمر الحال الى ان قامت ثورة 23 يوليو واعلان الجمهورية واصبح اللبس الرسمى هو البدلة الاوربية المتعارف عليها ... وتتطور البدلة بموضاتها المختلفة الا ان الطراز واحد حتى اليوم ... وبعد معاهدة السلام مع العدو الاسرائيلى ظهر الجينز رجالى فى مبتدا الامر ثم رجالى وحريمى وبالتدريج ظهر مسمى الملابس الكاجوال تاثرا بتطور طراز الملابس الاوربى الامريكى ... وعلى الصعيد المصرى العربى كان لسفر المصريين للعمل بدول البترول العربية الاثر فى استيراد طراز الملابس الصحراوية الذى اتسمت به الجماعات الاسلامية المتطرفة ... مع اطلاق اللحية بدوافع شرعية اسلامية واستيراد النقاب الصحراوى لنفس الدوافع الشرعية بحسب الفهم وانتشر الحجاب فى مصر من بعد عام 1975 حتى الان كنمط لبس حريمى اسلامى يقوم على الاحتشام وحجب العورات والاغراء فى جسم المراة المسلمة فى الشارع المصرى ... دون النظر الى اصل طراز المصرى الذى يتسم بنفس المواصفات فى اللبس الواسع الذى يغطى جسم المراة بالكامل وغطاء الراس واليشمك ... وظهرت مفاهيم مثل النقاب فرض ... والحجاب قبل الحساب ... فى مقابل المغالاه فى ملابس الكاجوال التى بدات شبيهة بالملابس الرياضية وتطورت الى تعرية اجزاء من الجسم والبنطلون الساقط والقصير عند الشباب .. والاستوماك والبنطلون الساقط عند الاناث كتعبير عن الثقافة وعلو المستوى الاجتماعى ... الى جانب مماحكات الطبقات الفقيرة فى تقليد هذه الموديلات مع الاحتفاظ بالحجاب .... كل هذا التوليف والتناقض مصدره غياب الهوية والاصرار عليه .. والاصرار على استيراد موديلات للملابس سواء من العالم الشرقى العربى الصحراوى ... او العالم الاوربى الامريكى ... ويبقى الفلاح والصعيدى كما هو فى طراز ملابسه الذى اصبح متحفيا ... وبالطبع تجاوزت انا ايضا وسط كلامى التاثيرات التركية وعالم الطرابيش ... وهو ايضا استيراد من الخارج ... وفى هذا كثير من المعانى التىيمكن قراءتها من بين سطور تلك المعلومات .