- وكأنما كُتب على مصر ألا تخلع السواد ، وأن يسكنها الحزن ، قهرا على مايحدث على أرضها ، وحدادا على مقتل فلذات كبدها بأيد أبنائها ، وبنعوش الموت التي تجري على قضبان وزارة النقل ، وبأيد الغدر والإرهاب ، وبعجز وإهمال مستشفيات وزارة الصحة ، وبالعنف غير المبرر ( لرجال ) الداخلية في تعاملهم مع المتظاهرين . وتكاد أن تلفظ أمنا ( مصر ) أنفاسها الأخيرة حرقة على تفرق أبنائها ، وإختلافهم ، وتناحرهم ، وتمني كل فريق أن تشرق الشمس أو تغرب وقد إنشقت الأرض وإبتلعت الفرق الأخري ، في وقت غابت فيه الحكمة ، وسقط العقل مغشيا عليه من هول ما يرى ، وغادر الصدق عالمنا لعدم وجود مكانا له على أرضنا . وكأنما كُتب على شعب مصر أن يتلق كل يوم مايسوءه كقطع الليل المظلم الذي لا يريد أن ينقشع سوداه ، ويسابق بعضها بعضا ، وأن يصحوا مع شروق كل شمس على ما لايسر النفس، ويدمي القلب ، ويزيد الهم هما ، حتى زادت آلامه وتقيحت جروحه ولم تعد مسكنات الحكومة تجدي نفعا . إتفق الجميع رغم إختلافهم وخلافاتهم بما فيهم حكومة مصر على تمزيق ماتبقى من الثوب الذي يستر جسد ( أمنا ) مصر ، وعلى نهش جسدها المتهالك الذي لم يعد فيه موضعا لجرح جديد . ليس نفخا في النار المشتعلة ، ولكنها محاولة للبحث عن الماء لإطفاء النار ، فلا أحد ضد هيبة الدولة ( الغائبة ) ، ولكن هذه الهيبة لن تتحقق بفرض الحكومة لقانون ( تنظيم ) التظاهر ، وقد أُعد لمنعها بإعطائه الضوء الأخضر لقوات الأمن في كل محافظات مصر بفض التظاهرات ومنعها لمجرد الشك أو الإشتباه ، ولا يفرح رئيس الوزراء كثير ا بأنه نجح في فرض القانون ( قهرا ) . كما لن تتحقق هيبة الدولة بالعنف المفرط ( لأشاوس ) الداخلية مع المتظاهرين وقتلهم أمام مجلس الشورى ، ولن تتحقق أيضا بأحكام القضاء الجائرة التي صدرت على عجل خلال أيام بحبس طالبات الاسكندرية (11) عاما وكأن الأحكام كانت جاهزة وموقعة فقط في انتظار اسم المتهم ، في وقت لاتزال قضايا تحت التحقيق من سنوات ولم يصدر الحكم فيها بعد ، بما يعني أن هذه الأحكام الجائرة للردع وارسال رسائل لم تعد إشاراتها ودلالاتها تخفى على أحد ، وتؤكد في الوقت نفسة أن السياسة بجذورها المتعفنة قد طالت عدالة القضاء وقدسيته وأصابتهما في مقتل . رئيس مؤقت يفوض إختصاصاته الى حكومة عاجزة تحفر قبرها بأيد وزرائها ، وتخسر ما تبقى لها في قلوب المصريين من إحترام بتصريحات جوفاء ، ووعود لاتتحقق ، وقوانين تصدرها تزيد من تمزيق ثوب الوحدة وإنقسام الأمة . قد تتحقق هيبة الدولة إذا إحترمت الدولة تعهداتها وأوفت بها ، وحافظت على حدودها الخارجية من العبث وغزو الإرهاب ، وعلى كيانها الداخلي من التفرق والتشرذم والتناحر . نعلم أن مشاكل مصر مزمنة ، ولن تحل في يوم وليلة خاصة بعد أن تعاظمت وفاقت حدود وقدرات أية حكومة على حلها ، ولكن مطلوب أيضا من الحكومة ألا تضيف هما جديدا الى جبال الهموم القابعة على صدر مصر وشعبها ، وأن تسارع بالبحث عن إيجاد حلول لعجزها وفشلها قبل أن يصدر الشعب الكارت الأحمر لرحيلها غير المشرف . محمد الشافعي فرعون 2/12/2013 .