قصة قصيرة بعنوان "على جنب يا اسطي" .... بقلم وائل مصباح عبد المحسن

والشمس تستعد للرحيل بعد عمل يوم شاق من أحد أيام شهر أكتوبر,وفى إحدى إشارات المرور ثقيلة الظل,وأصوات ضجيج السيارات تعزف لحنا غير متناغم التفت إلىّ وقال:أنت مع مين؟
_ ههههه..أنا مع الحق.
_ أنت إخوان؟
_ ههههههه..لا تعليق.
_ لا تعلق!!..ليه علق..!!
_ مابلاش.
_ لا..عايز اسمع وادينا بنتسلى.. على الإشارة ما تفتح.
_ طيب ما تيجى نحسبها بالورقة والقلم.
_ هو ده..أدى الورقة..واد القلم.
_ السيسى بقاله كام يقوم بيحكم.
_ حوالي 100 يوم..ويوم.
_ جميل..هل إحنا بقينا..في عصر ألف ليلة وليلة معاه.
_ لا طبعا..هو ممعهوش عصا سحرية عشان يحول الفسيخ لشربات.
_ طب ليه مقلتوش الكلام دا قبل كدا.. والكل سن سنانه لمرسى بعد ال 100 يوم
الأولى.
_ انت كدا بتاخد الحوار لسكة تانية.
_ ماشى..تعلى نشوف انجازات صاحبنا..عزل أول رئيس مصري منتخب.
_ هههههه .. منتخب حتى واحدة.
_ نعم منتخب.
_ طب ما هو فريق..وفريق أول كمان.
_ أنت كدا اللي بتاخد الحوار شمال.
_ والله من همى يا أستاذ..أنت مشفتش المنتخب أمبارح حصل له إيه في غانا؟
_ سيبك من المنتخب دلوقتى..وخلينا فى الانجازات.
_ معاك..انزل بالانجاز التانى.
_ إلغاء أول دستور يكتبه الشعب..بجمعيه تأسيسه منتخبه..واستفتى عليه الشعب ووافق عليه بنسبه 63% .
_ أنا موفقتش عليه.
_ مفيش مشاكل..كان معاك وزيك حوالي 37 % .
_ انزل بالانجاز التالت.
_ إلغاء مجلس الشورى المنتخب.
_ هههههه..هو أنت عليك عفريت اسمه منتخب؟!!
ومع ارتفاع أصوات ضجيج السيارات ليعلن عن فتح الإشارة انتهى حواري مع سائق التاكسي والذي بدأ في تحريك مؤشر المذياع لتتوالا الأخبار
حصول مصر على المركز الاخير فى مستوى المعيشة.
حصول مصر على المستوى الاخير فى جوده التعليم الاساسى.
إلغاء زيادة المعاشات وإلغاء كادر الأطباء وإلغاء كادر المعلمين
تبسمت واكتفيت بتبادل النظرات معه ولم اعلق مما جعله يغلق المذياع بعصبيه شديدة متمتما ببعض الكلمات غير المفهومة ضاغطا على دواسة البنزين بعنف مما جعل السيارة تزمجر اعتراضا على هذا التصرف المفاجئ وأنا بدوري انشغلت في قراءة عناوين الجريدة.
قتل ما لا يقل عن 6000 ألاف شخص غير المفقودين.
اعتقال ما لا يقل عن 100 ألف شخص بعد أن طالت الاعتقالات كل الفئات العمرية بسبب وبدون سبب وبعضها لنغمه موبايل وبعضها لرفع شعار علامة الأربع صوابع أو ارتداء قميص عليه علامة رابعة.
وما هي إلا دقائق وبدأت السيارة تبطء من سرعتها حتى توقفت تماما مما جعلني اترك القراءة وانتبه..انه كمين!!
وهنا بدا السائق يسب ويلعن العيشة واللي عيشنها واكتفيت أنا بمتابعته ما سيحدث.
أمين شرطة يحمل في يديه علبتي سجائر مالبورو يقترب من السائق ببطء وينظر له من تحت نظارته الطبية باشمئزاز ويشير له بيديه ليعطيه السائق الرخص لينظر فيها بطرف عينيه ثم ينظر لذقني الطويلة شيئا ما ويهز رأسه بطريقة تمثيلية قبل أن يقول:رايحين فين.
فصحت:حضرتك ممكن تسال عن الرخص..أو ما شابه ذلك..لكن رايحين فين دى جديدة.
لينفجر أمين الشرطة ضاحكا قبل أن يقول باستهزاء:
هو حضرتك متعرفش إن في دلوقتى قانون طوارئ..وفى كمان حظر تجول..و
_ قاطعته بحزم:حظر التجوال لسه أدامه اكتر من 3 ساعات.
بدا أمين الشرطة يهرش في رأسه وقبل أن يهم بالكلام اذ بنداء يخرج من جهاز اللاسلكي الذي يحمله في جانبه مما جعله يلقى بالرخص في وجه السائق بسرعة ويشير له بيده بطريقة متعجرفة بالانصراف.
ومع انطلاقة السيارة بسرعة ينظر إلى السائق نظرة ذات مغزى صائحا:
هو حضرتك بتشتغل إيه؟
_ ليه؟.
_ ردك على الأمين بقوة وثبات بيؤكد انك واصل.
_ واصل يعنى إيه يا اسطي..هو اللي مرتشي..وإلا ما كنش مسك في ايده علبتين سجائر ثمنهم 36 جنيه!!!
_ لا .. بس أنت مسنود.
_ نعم يا اسطي..أنا فعلا مسنود..على الكبير.
_ الكبير؟!!..
_ الله..الله اكبر من أي حاجة..وكل حاجة..الله..مش كدا ولا أيه؟
_ طبعا ونعم بالله..ولكن.
ضحكت بشدة قبل أن أقول:لكن تانى.
_ تانى وتالت ورابع..انتم ليه بتخلطوا الدين بالسياسة.
_ انتم مين؟!! مين المقصود انتم؟!.
_ أنا عارف..إذا كنتم أحناف ولا إخوان..ولا شيعة ولا سلفيين..ولا ولا..الواحد ما عدش عارف ليكم ملة..الحرب مش على الإسلام ذى ما انتم متصورين..
_ قاطعته بحزم وانأ اضغط على مخارج الألفاظ:يعنى لما الانقلاب..يغلق 17 قناة إسلامية..ويعطى ترخيص ل 50 قناه نصرانيه..دا يبقى دا اسمه ايه؟!!..يعنى لما نقعد نتريق على صلاة الرئيس..وبتتكلف أد ايه حراسة..ونهمل خالص طيارات الانقلاب اللى بتلف الجمهورية..وبترمى هدايا..واحتفال 6 اكتوبر اللى اتكلف 136 مليون جنيه..
قاطعنى بانفعال:طب وقناة السويس اللي انتم..كنتم عايزن تبيعوها؟
_ بهدوء يا اسطى..من يومين بس تم الإعلان رسمي..عن بيع أراضى مشروع قناة السويس..بحق الانتفاع للإمارات.
برقت عينيه من هول المفاجأة قبل أن يقول:أنت بتتكلم جد.
_ نعم.
_ بس..
_ متبسبس..ولا حاجة..قارن بين رغيف العيش في عهد مرسى والرغيف الآن.
_ طب والنور؟!!.
_ضحكت قبل ان اقول:هو النور خلاص معتش بيقطع.
_ لا .. بس ..
_ بس ايه؟!!
_ م الاخر ..على قلبنا زى العسل..ماشى..ملكوش دعوه..اطلعوا منها.
_ مفيش فايدة..على جنب يا اسطي.
بقلم وائل مصباح عبد المحسن
فيلسوف الثورة المصرية