رفض الرئيس المصري محمد مرسي، أمس، مهلة الجيش التي تنتهي اليوم، بشأن حل الأزمة التي تمر بها البلاد، وسط مطالب ملايين المصريين للرئيس بالرحيل. وطلب الجيش في لغة حازمة، يوم أول من أمس، الاستجابة لصوت الشارع، واستمر كبار قادة القوات المسلحة في «انعقاد دائم» تحسبا للتطورات المرتقبة. وتنتظر البلاد المحتقنة قرارات حاسمة ومصيرية خلال هذا النهار، بينما يحتشد الملايين في شوارع المدن، في مقابل اعتصام لمئات الألوف من مؤيدي الرئيس الذين يطالبون باستمراره في الحكم، بعد عام من انتخابه. وفاقم من الموقف أمس إعلان قيادات إخوانية ل«النفير العام»، أي دعوة أنصارها في عموم البلاد للتأهب ل«الدفاع عن الرئيس». واستمرت أمس الاستقالات في الحكومة والرئاسة، بينما واصل عدد من كبار قادة القوات المسلحة «الانعقاد الدائم» لبحث «أخطر أزمة تمر بها مصر»، وسط مخاوف من مواجهات دموية. وينفذ الجيش اليوم (الأربعاء) خطته التي وعد بها يوم أول من أمس لإنقاذ البلاد من الفوضى، بعد أن فشلت الأطراف المعنية في تقديم رؤية لإرضاء ملايين المواطنين الذين خرجوا للتظاهر في الشوارع منذ يوم الجمعة الماضي حتى الآن، مطالبين بإنهاء حكم مرسي وجماعة الإخوان التي ينتمي إليها، في وقت يواجه فيه الرئيس و33 من كبار قيادات الجماعة تهما بالاستعانة بأطراف خارجية للهروب من السجون أثناء أحداث 25 يناير (كانون الثاني) 2011. ولم يظهر أي من قادة الجماعة الكبار طيلة اليومين الماضيين، بالتزامن مع تكهنات عن وضع بعضهم قيد الإقامة الجبرية. وقالت مصادر الرئاسة إن الرئيس مرسي رفض أمس المهلة التي حددها الجيش لحل الأزمة السياسية، وأكدت أن الرئيس لم تجر استشارته في البيان الذي أصدره الجيش يوم الاثنين الماضي وأعطى فيه مهلة 48 ساعة للاستجابة لمطالب الشارع. ولم يرد الرئيس، الذي بدا منعزلا بشكل كبير، بطريقة مباشرة، ولم يظهر علانية منذ يوم الجمعة الماضي. لكن مراد علي، المتحدث باسم الرئاسة، قال إن الرئيس استقبل أمس الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة، ورئيس الوزراء هشام قنديل، وبث التلفزيون الرسمي «صورة فوتوغرافية» للقاء دون الإشارة إلى المكان الذي التقطت فيه. وسبق ذلك بث مواقع تابعة لجماعة الإخوان صورة لمرسي مع السيسي وقنديل، إلا أن مصادر عسكرية قالت إن تاريخ التقاط تلك الصورة يرجع لأكثر من أسبوع مضى. وأبلغت مصادر في الحكومة المصرية «الشرق الأوسط» بعدم حضور كل من وزير الدفاع السيسي، ووزير الداخلية محمد إبراهيم، وقالت إنهما لم يشاركا في الاجتماع الذي عقده قنديل، وذلك بعد ساعات من إعلان الشرطة المصرية تضامنها الكامل مع بيان القوات المسلحة الذي صدر الاثنين «حرصا على الأمن القومي ومصالح مصر العليا وشعبها العظيم في هذه المرحلة الفاصلة من عمر الوطن». وتلقت «الشرق الأوسط» أمس إفادة بالبريد الإلكتروني عن اجتماع لمجلس الوزراء عقد أمس، جاء فيها أن قنديل أعرب في بداية الاجتماع عن «أسفه العميق لسقوط ضحايا خلال اليومين الماضيين، وقدم تعازيه الخالصة، وكل الوزراء، لأسرهم، والدعاء بالشفاء العاجل لكل المصابين»، وأن قنديل استعرض الأوضاع في البلاد مؤكدا على «ضرورة الحفاظ على مكتسبات ثورة 25 يناير المجيدة، وحقن الدماء وحماية أرواح المواطنين المصريين». وقال البيان أيضا إنه تم تفويض قنديل «برفع توصيات ومقترحات المجلس إلى السيد رئيس الجمهورية للمشاركة في مبادرات الحل السياسي والخروج من الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد في إطار الشرعية الدستورية للتأسيس لدولة ديمقراطية حديثة». وصدر في وقت متأخر من الليلة قبل الماضية بيان منسوب للرئاسة، قال إن بيان الجيش صدر دون التشاور مع مرسي، وإن الرئيس متمسك بموقعه وخططه المعلنة سلفا بشأن المستقبل، خاصة ما يتعلق بتعزيز المصالحة الوطنية الشاملة «بغض النظر عن أي بيانات تعمق الانقسامات بين المواطنين»، في إشارة لبيان الجيش الأخير. وأضافت الرئاسة أن «البيان الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة لم تتم مراجعة السيد رئيس الجمهورية بشأنه»، وأن بيان الجيش احتوى على عبارات «تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب في حدوث إرباك للمشهد الوطني المركب». وفي وقت لاحق وصفت قيادات كبيرة في جماعة الإخوان، التي ينتمي إليها الرئيس، مهلة الجيش بأنها «انقلاب على الشرعية». وجاءت بعد بيان الرئاسة دعوة قيادات في جماعة الإخوان المسلمين لما سمته أمس «النفير العام» لأنصارها للخروج إلى الشوارع من أجل تأييد الرئيس و«الدفاع عن الشرعية» ضد «أي انقلاب عليها سواء كان سياسيا أو عسكريا». ونقل بيان للجماعة، على لسان أنس القاضي، المتحدث باسمها في الإسكندرية شمال غربي القاهرة، قوله إن البلاد تشهد هذه الأيام صراعا بين الثورة التي أسقطت النظام السابق والثورة المضادة وفلول النظام البائد. وخرجت الليلة قبل الماضية ويوم أمس مسيرات مؤيدة للرئيس مرسي في بعض ضواحي القاهرة وفي الإسكندرية ومدن أخرى، شهد بعضها اشتباكات مع معارضين للرئيس. وقال الدكتور عصام العريان، زعيم الأغلبية في المجلس التشريعي، إن الحل هو الاحتكام إلى الانتخابات التشريعية في أسرع وقت. ورفض متحدث باسم الجيش الليلة قبل الماضية محاولة البعض تصوير تحركات الجيش على أنها «انقلاب»، وقال إنه «في ضوء ما يتردد على لسان بعض الشخصيات على وسائل ا ...