أبراج السعودية تتوشح بعلمي المملكة وباكستان احتفاء باتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك    مسؤول أمريكي: مقاتلات إسرائيلية أطلقت صواريخ باليستية من البحر الأحمر في هجومها على قطر    إعلام عبرى: "حكومة الدماء" تسعى لتحويل إسرائيل إلى أوتوقراطية دينية متطرفة    بريطانيا.. حفل خيري ضخم في ملعب ويمبلي دعما للفلسطينيين في غزة    التاريخ يكرر نفسه.. تورام يعيد ما فعله كريسبو منذ 23 عاما ويقود إنتر للتفوق على أياكس    مورينيو: من المدرب الذي سيقول لا لبنفيكا    محمود وفا حكما لمباراة الأهلي وسيراميكا.. وطارق مجدي للفيديو    تصريح بدفن جثة ربة منزل بعد ذبحها على يد زوجها بالعبور    وزير التعليم يعلن تفاصيل النظام الدراسي الجديد للصف الثالث الثانوي (العام البكالوريا) 2025 /2026    السيطرة على حريق شب داخل محل ألعاب أطفال بمدينة نصر    سعر الذهب اليوم الخميس 18-9-2025 بعد الارتفاع القياسي بالصاغة.. عيار 21 الآن بالمصنعية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الخميس 18/9/2025 على الصعيد المهني والعاطفي والصحي    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    بعد تعرضه لوعكة صحية.. محافظ الإسماعيلية يزور رئيس مركز ومدينة القصاصين الجديدة    جمال شعبان ل إمام عاشور: الأعراض صعبة والاستجابة سريعة.. و«بطل أكل الشارع»    مقتل 3 ضباط شرطة وإصابة اثنين آخرين في إطلاق نار بجنوب بنسلفانيا    تصدرت التريند بعد أنباء زواجها بشاب، ماذا قالت إيناس الدغيدي عن الطلاق (فيديو)    وزارة العمل: 50 فرصة عمل لسائقين بمرتبات 10 آلاف جنيه    محافظ شمال سيناء يتفقد أعمال تطوير بوابة العريش وبفتتح مقراة الصالحين لتحفيظ القران الكريم (صور)    فائدة 100% للمرة الأولى.. أفضل شهادة إدخار بأعلى عائد تراكمي في البنوك اليوم بعد قرار المركزي    صراع شرس لحسم المرشحين والتحالفات| الأحزاب على خط النار استعدادًا ل«سباق البرلمان»    قبل أيام من انطلاق المدارس.. تحويلات الطلاب مهمة مستحيلة!    إصابة سيدة فى انهيار شرفة عقار بمنطقة مينا البصل في الإسكندرية    "أوبن إيه.آي" تتجه لإنتاج شريحة ذكاء اصطناعي خاصة بها.. ما القصة؟    أسامة فراج بعد محمد محسوب .. ساحل سليم تتصدر قائمة التصفية خارج إطار القانون من داخلية السيسي    مكافحة الإدمان: علاج 100 ألف مدمن خلال 8 أشهر    لأول مرة.. ترشيح طالب من جامعة المنيا لتمثيل شباب العالم بمنتدى اليونسكو 2025    محمد صلاح يتجاوز ميسي ومبابي ويكتب فصلًا جديدًا في تاريخ دوري الأبطال    أخبار × 24 ساعة.. الخارجية: لا بديل عن حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية    تكريم أمينة خليل.. تفاصيل حفل إطلاق النسخة السابعة من مهرجان ميدفست مصر (صور)    عمرو منسي: مهرجان الجونة مساحة أمل للمواهب وصناعة السينما    الشاعر الغنائي فلبينو عن تجربته مع أحمد سعد: "حبيت التجربة وهو بيحكيلي عليها"    أحمد سعد مداعبا المؤلف الغنائي محمد الشافعي: "بكلم مامته عشان يألف لي"    محمد عدوي يكتب: الخفافيش تعميهم أنوار الشمس    مصفاة "دانجوت" النيجيرية تصدر أول شحنة بنزين إلى الولايات المتحدة    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    90.2 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الأربعاء    نقيب المحامين يكرم400 طالب متفوق من أبناء محامي الإسكندرية    ب 3 طرق مش هتسود منك.. اكتشفي سر تخزين البامية ل عام كامل    هتتفاقم السنوات القادمة، الصحة تكشف أسباب أزمة نقص الأطباء    أسباب الإمساك عند الطفل الرضيع وطرق علاجه والوقاية منه    حكم مباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    نتيجة وملخص أهداف مباراة ليفربول ضد أتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا    موعد مباراة برشلونة ونيوكاسل يونايتد في دوري أبطال أوروبا والقناة الناقلة    "بعد هدف فان دايك".. 5 صور لمشادة سيميوني ومشجع ليفربول بعد نهاية المباراة    بهاء مجدي يحدد مفتاح الزمالك للفوز على الإسماعيلي    سعر الموز والتفاح والمانجو والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 18-9-2025    إنتاج 9 ملايين هاتف محمول محليًا.. وزير الاتصالات: سنبدأ التصدير بكميات كبيرة    إعلام إسرائيلي: ديرمر التقى وزير الخارجية السوري في لندن بحضور المبعوث الأمريكي براك    استشهاد 99 فلسطينيًا في غارات الاحتلال على غزة خلال يوم    بريطانيا: زيارة الدولة الأمريكية جلبت 150 مليار باوند استثمارات أجنبية    مواقف وطرائف ل"جلال علام" على نايل لايف في رمضان المقبل    رئيس جامعة طنطا يشهد حفل تخريج الدفعة ال30 من كلية الهندسة    «الأرصاد» تُطلق إنذارًا بحريًا بشأن حالة الطقس اليوم في 8 محافظات: «توخوا الحذر»    "أصحاحات متخصصة" (1).. "المحبة" سلسلة جديدة في اجتماع الأربعاء    هل الحب يين شاب وفتاة حلال؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكذبُ من جيش الإنقاذ
نشر في الواقع يوم 23 - 03 - 2013


بقلم جواد بولس
كم كنتُ سعيدًا اليوم. مجموعة من طالبات الصف الحادي عشر في المدرسة الثانوية التركية في رام الله جعلن صبحيَ أبهى.
مع معلّمتهن حضرن إلى غرفتي في مركز نادي الأسير الفلسطيني ليجرين مقابلةً في إطار أحد مساقات دراستهن. بدأت أسئلتهن تتوارد كأسئلة خبيرات في علم الصحافة والإعلام وفي قواعد القانون الدولي الإنساني.أرّقتهن مسألة عزل الأسرى الفلسطينيين لمدد فاقت في بعض الحالات العشرة أعوام. سألنَ كيف ولماذا يصمت العالم عن هذه الممارسات الاحتلالية القمعية، وسألن كيف يفلت احتلال إسرائيل من العقاب ودفع ثمن تلك السنوات التي قدّمها شباب فلسطين مهرًا للنور ولخدَّي فلسطين الأسيلين؟
لقائي بهن لم يشبه لقاءاتي بالصحافيين البالغين الموغلين في التجربة أو أولئك الذين يعشقون "التشرّق" على ضفاف الحقيقة ويدمنون البحث عن خدعة وفضيحة. جئن بحثًا عن وجع آدمي. طيبة البراءة الأولى لهنّ مقودٌ، والظلم حافزٌ للاستكشاف ولممارسة دورهن في الحياة كبنات للشمس وللحرية البكر.
على هامش اللقاء،الذي كاد أن لا ينتهي،وقفت سمراء من فلسطين وبفطرة الألم الساكن فيها، تلت بعضًا مما قد يصير، إذا أدمنت الحرف، شعرًا قويمًا سالمًا. كادت الصادقة أن تبكيني لولا "لمى" التي سارعت وأيقظتني متسائلة: بعد هذه العقود، وأنت تجابه الرمادي والدخان وتبحث عن "جيش إنقاذ" وعن "هيئة عربية عليا" ألم تيأس؟ في تلك اللحظة، وهن يحطن بي، سقطت إجابتي من جفني: تعبت نعم، لكنني لم أيأس، فأنا لا أجيد إلا الرقص مع العواصف ولا أنام قرير العين إلّا عندما أمسح دمعة من عين أم معذبة لفراق غواليها.
ودّعتهن. تركن في غرفتي بقايا من فلسطين الأمل ويدًا خفية، أو عساها يد أيمن الشراونة، ابن الجوع والمواجهة، تربِّت على كتفي، تهمس ببعض عزاء وحكمة: "لا يستوي داعي الضلالة والهدى/ ولا حجة الخصمين حقٌ وباطلُ".
يا ليتني بقيت وعالم السنابل الخضراء ولم أعد إلى محجري وفأسي. استعذبت أنفاس صدى مَن تركن الغرفة ونقر صوت "دانيال" الخليلي، الذي بإيمانه وشجاعته واجه الوحش وباستقامة فارس من ذلك الزمن قارع الافتراء والكذب والخديعة. في غرفتي لم أكن وحدي. صوت أيمن في أذني ردّد درس فلسطين الحاضر: لم ننتصر يا رفيقي إلّا وهمًا أو مجازًا ولم ننكسر إلّا مجازًا أو من خيانة.
يجيء الأمل في فلسطين كالحُبِّ بغتةً ومثل الحب نادر. فلسطين كانت موطنًا كالحلم مشتهى ووطنًا "يباع ويشترى". فلسطين اليوم كما في ذلك النيسان من عام النكبة، عشّ عصفور وديع تزحف الحيات إليه وعليه، من فوق، عين العقاب.لا يحبون الحقيقة في فلسطين ولا يحترمون إلا كما يحترم العاجزون على عتبات سلطان. الجحود اليوم سيد. المروءة، من يوم "شموئيل بن عاديا"، لم تعرف لها عنوانًا واستوطنت عالم النسيان. لا يعترف القوم بفرح الإنسان العادي يفلت من جهنّم إلى قطعة منفى أو ربما ما سيكون يومًا حضن وطن. أبطالنا أموات. "عرساننا" شهداء.أكفاننا بألوان عصافير الجنة، ملوّنة إلا بالأبيض، لا يناسبها فهو لون البراءة والطهر وهذه فينا كالعنقاء في التمنّي والنشيد.
في غرفتي أجلس، خفيفًا وبي شوق طائر وأمنيةٌ أن أحلق وأحط بجانب سرير"أيمن". في غزة يستعيد صحّته بعد أن خسر نصفَ وزنِه في إضراب عسير عنيد خطير. في الأيام الأخيرة وصلت حالته إلى حافة الموت. أطباء مستشفى "سوروكا" عاشوا ساعات من الخوف الحقيقي معه وعلى حياته. سجّانوه راوغوا وناوروا حتى اللحظة الأخيرة. في البداية رفضوا التعاطي مع أيّ حلّ ومخرج. أصرّوا كعادتهم على الفوز الناصع؛ على إعادته للسجن لمدة ثمانية وعشرين عامًا. محكمة الاحتلال العسكرية أثبتت مرة أخرى أنها مقبرة لآمال من هم في وضع أيمن، وكانت قاب قوس من إصدار حكمها وأسره مجددًا، بعد أن عاد إلى عائلته واستظل بفيء حرية وبرائحة تراب بلاده.
أزِفت الساعة. على الفرقاء أن يحزموا الأمر:أطباء خائفون يحذّرون من وقوع الأسوأ. محكمة عسكرية تتأهّب لتضرب بسوطها وتقبر حلمًا، سجّانون يصطدمون بإصرار إنسان لا يبحث عن بطولة في أسطورة ولا عن جناحي ملاك، بل عن كرامة في رحم وطن. ينظر إليّ وبصوت مستعدّ للنداء يقول لي: انتظرنا أن يأتي الفرج من العرب ولكن هيهات، انتظرنا أن تنزل البشرى على درجات طائرة ومن جيب رئيس دولة عظمى ولكن هيهات، انتظرنا عدل محكمة لن تعدل وهيهات. ما العمل إذًا؟ أشهادة أم ظلام زنزانة؟ إصرارنا ووقفة أبناء شعبي وأحرار العالم فرضت على السجّان أن يقبل غزة حلّا ومخرجًا.في البداية رفضوا الحلول وراهنوا على سقوطي شهيدًا أو خانعًا. خسروا. لقد اخترتُ الحياة يا أستاذ في وطني وبين أهلي.
لا لوم عليك يا أيمن.لا عتب ولا تثريب. نحن هكذا،كلما سقط فينا "قسطل" نبحث عن ضحية،عن عريس وعن بطل. تاريخنا شعار. فليحيَ الوطن. كأننا لم نقل: الإبعاد جريمة. سجن الأحرار جريمة.. ولكن، أتكفي اللازمة يا منشدين والنص واضح وينضح.في عرس الشعار كنا ولذا أقول اليوم ما لم تقله تلك العرب: "أكذب من جيش إنقاذ"، يوم لففنا عجزنا والهزيمة في أكفان بألوان عصافير الجنة ورقصنا على الجرح. أنتم سادة أسواق المزادات والمزايدات، وفي عرفها نحن لم نهزم إلا مجازًا أو في الرواية.
عُد للحياة يا ابن معدتك، معافى قويًا ولا تأبه يا أيمن للطنين، ألم نتّفق على ما قاله المجرِّب قبلنا:"أوَكلّما طنَّ الذباب طردتُه؟/ إن الذباب إذًا عليّ كريم!". مثلك هم أبناء الحياة وللمزايدين الهوامش كالزبد.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.