بقلم الكاتب و السينارست والمُعد المصري وائل مصباح المقال التاسع والأربعون الثورة تحتاج جهاز كشف المصرية في حوار بيني وبين ابنة عمى والتي تقيم منذ فترة طويلة مع عائلتها بأمريكا كادت أن تبكى وهى تختم حوارها معي قائلة"دى مصر يا وائل كيف هانت عليكم هكذا..مش كل اللي بيحمل الجنسية المصرية الآن مصري بجد" لذا أطالب فوراً باستيراد جهاز كشف المصرية لتحديد الجينات لنعرف من هو المصري الصحيح ومن هو المضروب أو التقليد!! نحن لا نحتاج مظاهرات،ولا وقفات لا تسمن ولا تغنى من جوع،ولا حتى شعارات خلابة،نحن نحتاج فقط لرجل وعد فأوفي،ترك كرسي رئاسة الجمهورية وعاد مواطناً عادياً بإرادته،لمثل هذا الرجل نحتاج،فمن هو؟ انه المشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب الرئيس السابق للجمهورية السودانية،استلم السلطة أثناء انتفاضة أبريل1985بصفته أعلى سلطة بعد رئيس الجمهورية وبتنسيق مع قادة الانتفاضة من أحزاب ونقابات،في البدء رفض المشير سوار الذهب أن يكون رئيس البلاد لأنه اقسم يمين الولاء للرئيس جعفر النميري،فجاءت الفتوى الشرعية أن مصلحة الشعب فوق سلطة ومصلحة رئيس الجمهورية وان تحلله من يمين الولاء يكون بالصوم ثلاثة أيام،ليلقي بيانه الأول وهو صائم،ثم قام بتسليم السلطة للحكومة المنتخبة في العام التالي_كما وعد يوم استلامه للسلطة_ برئاسة رئيس وزرائها الصادق المهدي،ورئيس مجلس سيادتها احمد الميرغني،وبعدها اعتزل العمل السياسي ليتفرغ لأعمال الدعوة الإسلامية من خلال منظمة الدعوة الإسلامية كأمين عام لمجلس الأمناء. لم يصدق أعضاء الأحزاب السودانية أن المشير سوار الذهب سيبر بوعده،كما لم يُصدق السياسيين وعامة الناس العرب،كما اعتدنا أن يفعل أي رئيس عربي،إذ من سيحاسب الرئيس إذا اخلف وعده،هكذا هي السياسة العربية ممارسة الأمور المكدرة وإطلاق قذائف الكذب من المسئولين على المواطنين لان المحاسبة لا تأتي من العامة المشغولة بكسب رغيف الخبز،وبقي السؤال " لماذا فعل ذلك ؟ " دون جواب،فهل كان يحلم بطريقته العسكرية الخاصة فوضع خطة عسكرية هجومية للقضاء على الدكتاتورية ووضع خطة الانسحاب إلى الديمقراطية من أجل بقاء بلده،ربما،فالبحث عن رئيس دولة عربية صادق كمن يبحث عن حصان عربي أصيل يعود نسبة إلى فصيلة أحد الخيول العربية من أحفاد فرس أبي طلحة المسمى المندوب والذي قال فيه رسول الله( صلى الله عليه وسلم )" وإنا وجدناه لبحرا ". ولد سوار الذهب _ اسم على مسمى _بمدينة الأبيض،وهو ينحدر من أسرة عريقة استوطنت مدينة أم درمان ولها حي كامل يسمى السواراب نسبة لجدهم الكبير في حي ودنوماوي،وقد تلقى تعليمه العسكري في الكلية الحربية السودانية وتخرج منها عام 1955 ،تقلد عدّة مناصب في الجيش حتى وصل به المطاف إلى وزارة الدفاع كوزير معين،حيث تم إبعاده عن الخدمة (تعسفيا) في العام1972 وأرسل لدولة قطر،وعمل بها كمستشار للشيخ خليفة ال ثاني حاكم قطر للشئون العسكرية،ثم عاد بعد الرضا عنه ليعين رئيسا لهيئة الأركان وتدرج إلى أن تم تعيينه1985 قائد أعلى للقوات المسلحة السوداني مع تمديد فترة عمله بالجيش لمدة سنة حسب قرار رئيس الجمهورية،وذلك حتى لا يشغل المنصب من بعده أحد اللوائين (تاج الدين - أو عثمان عبد الله). بعد اعتزل العمل السياسي تفرغ سوار الذهب لأعمال الدعوة الإسلامية والعمل الخيري حيث ترأس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان,والتي كان من أهم إنجازاتها تشييد أكثر من 200 مدرسة ما بين ثانوية،ومتوسطة وابتدائية،بالإضافة إلى إنشاء أكثر من 2000 مسجد في أفريقيا وشرق أوروبا،هذا غير عشرات المستشفيات و مراكز الطفولة والتغذية ورعاية الأمومة وملاجئ للأيتام. ومن عجائب القدر نشأة صداقة وثيقة بينه وبين جعفر النميري الذي عاد إلى السودان وانشأ الحزب المايوي (قوى تحالف الشعب العاملة ) ليصبح من الزوار القلائل الذين يزورونه في مرضه الآن،كأن الحياة السياسية تفرق والهموم الاجتماعية توحد. كان النجم احمد زكى ينوى أن يجسد تلك الشخصية الفريدة على شاشة السينما في فيلم من إخراج حامد حسن ولكن القدر لم يمهله. ويعد المشير سوار الذهب من أبرز الشخصيات الإسلامية ذات الشهرة العالمية،كما يحظى بتقدير عال لمصداقيته في التخلي طواعية عن الحكم برّاً بوعده،ولما قام به من جهود في خدمة الإسلام والمسلمين،فهل المستحيل في عالم السياسة العربية غداً ممكنا؟! ليت المسئولين لديهم ما في قلب المشير سوار الذهب _ حفظه الله فمن خلال اتصال هاتفي مع مدير مكتبه السيد نصر محمد نصر أكد آن المشير بحمد الله قد أخرج من غرفة العناية المركزة منذ قليل وهو الآن بخير_ من ضمير أيماني وحب تجاه شعوبهم،بدلا من مشاهدة بني البشر وقد أشعلوا النيران في أجسادهم. إلى اللقاء في المقال الخمسون مع تحيات فيلسوف الثورة وائل مصباح عبد المحسن [email protected]