بقلم حسن سعد حسن فى بعض المناطق الشعبية ،وعلى مدار عقود طويلة تتوارث الأجيال فيها جيلاً بعد جيل موروثاً شعبياً من النوع الفريد لا يظهر للعيان إلا فى حالة ( العراك )، والاختلاف فى بعض المسائل اليومية خاصة بين الجيران بعضهم البعض. فرغم أن الجيرة فى تلك المناظق لها احترامها ،وتقديرها، وطقوسها فى التعامل ، وهذا كله ( على العين، والراس)، ولكنه لا يمنع الاختلاف، والنقد ،ولكن بطريقة فلكلورية شعبية تسمى ( الردح) . وإلى الذين لا يعرفون ما هو (الردح) أقول لحضراتكم من باب العلم بالشئ هو استخدام اسلوب الهجاء ،ولا يمنع هذا من أن يكون الكلام المستخدم فى ذلك موزونا، أو نثراً فقد تسمع بعض العبارات التى تشبه الشعر الموزون ،المقفى، أو شعرالتفعيلة الواحدة ،أو بعض العبارات النثرية التى لا تخلو من السجع، والجناس بنوعيه التام ،والناقص ، ولا تخلو تلك الأبيات، والعبارات من الكناية، والإيحاء بالرمز،وتكون الفكرة العامة لكل هذا هو نقد الأب، والأم ،والأجداد إلى اّخر سلالة الخصم . وتتصدر تلك المجموعة التى تقوم بهذا الفاصل من الردح شخصية لها مهابة تتمتع بصوت جهورى منفر، ولكنها تجيد استخدام طبقات صوتها بطريقة تشبه الغناء الأوبرالى،وتكون تلك العبارات ،والأبيات مصحوبة بحركات لا يجيدها إلا أصحاب القدرة ،والمهارة حيث تبدأ باستخدام الكفين ،ثم الذراعين، ثم الذ راع الواحد منتهية با ستخدام الصابع الأوسط ( مهارة عالية الدقة ) على الترتيب ،وجائز بدون ترتيب!! كنت أظن أن هذا (الردح) من باب ( العبط ) لا يوجد إلا فى المناطق الشعبية فقط ،ولكننى فوجئت بأن هذا الأمر قد وصل إلى الحياة السياسية ،ويستخدم نفس هذا الاسلوب بعض السياسيين، وبعض الرموز السياسية طبعاً مع اختلاف الشكل ،والعبارات . وتساء لت أى سياسة تلك؟! وأى نوع من النقد هذا؟! فقد تحولت الحياة السياسية ،وصفحات بعض الصحف بمختلف اتجاهاتها ،وعدد من الفضائيات ،وشبكات الانترنت خاصة ( الفيس بوك) وما أدراك ما (الفيس بوك) !! إلى ساحات للردح، و تبادل الشتائم، والا تهامات (بدون دليل ) قد تصل فى بعض الأحيان إلى اتهامات لا يليق أن تذكر فى هذا المقام. واختفى السياسى المرموق ، الحصيف، العاقل الذى يشار إليه بالبنان الذى ينصت إليه إذا تحدث ،وتدون أقواله ليتعلم منها الكبير قبل الصغير ، وحل مكانه أشخاص لا يتقنون إلا (الردح). الحقيقة أننا لا نعيش حياة سياسية كما كنا نتمنى ،ولكننا نعيش يومياً، ونشاهد، ونسمع سباباً ،وسخرية ،وتنا بزبالأ لقاب وقد يكون استخدام هؤلاء لهذا الاسلوب من باب ( خدوهم بالصوت ليغلبوكم ) حاجة ( عك ) متى يفهم هؤلاء أن السياسة كلمة، وموقف، وعمل، ومبدأ ؟! متى نرى هؤلاء( البعض ) يمارسون السياسة بمعناها الصحيح؟! فقد أصبحنا نتقن( الغلاسة ) ،لا السياسة !! ولله الأمر من قبل ،ومن بعد