بقلم د.عصام شاور لم أتصور أن تنزل صاعقة الانتخابات المصرية على رؤوس اللادينيين من علمانيين وليبراليين وغيرهم بهذه القسوة، ولم أتصور كذلك أن تبلغ وقاحتهم إلى حد يشبهوا فيه شعبا مسلما يختار رئيسا إسلاميا من بين أبنائه بالبقر والحمير، "كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا". كاتب بائس يائس يوشك على الانتحار حاول المساهمة في تفسير فوز المرشح الإسلامي الدكتور محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية فذكر مقولة بسمارك :" إن الكثرة العددية لا تعني شيئا، ولا تترجم صحة الموقف دائما،لأن عشرة حمير لا تفهم أكثر من إنسان واحد"، ثم جاء آخر _ لم أسمع به من قبل_ ليقول: " لأنه لو كان عندنا مئة مليون رأس بقر يحق لها الانتخاب ومليون مفكر عظيم من البشر، لكانت النتيجة ما تقرره البقر"، حسنا، هم بأقوالهم أثبتوا حقيقة لم تغب عنا ليوم واحد، وهي أنهم ظلاميون إقصائيون يكرهون الإسلام والمسلمين، أما مسألة الانتقاص من قدر المسلمين فسنأتي على ذكرها لاحقا انتصارا للشعوب المسلمة، وخاصة الشعب المصري العظيم. الديمقراطية ومنها طريقة الانتخاب هي مجرد وسيلة لاختيار ممثلين عن الشعب، وليست هي الطريقة المثلى التي نؤمن بها، فالأصل أن يقوم أهل الحل والعقد من علماء المسلمين ومفكريهم وأهل الاختصاص باختيار خليفة المسلمين، أو حاكم الدولة، ولكن الظروف الحالية التي لا يحتل فيها العلماء مواقعهم الحقيقية واختلاط الصالحين منهم بعلماء السلاطين، والمؤامرة العالمية على الإسلام والمسلمين تضطر المسلمين إلى الاستعانة بقوانين وأنظمة وضعية لا تتعارض مع الإسلام للوصول إلى الحق وإلى الحكم، فغالبية المسلمين ترتضي حكم صناديق الاقتراع بشرط أن يكون للشعب مطلق الحرية في اختيار من يمثله أو يحكمه، ولكن من الواضح أن من يدعي الايمان بالديمقراطية والحرية هم ألد أعدائها، وإن تذرَّعوا - كاذبين - بأمية الشعوب العربية أو تخلفها إلى درجة وصفهم بما ذكرناه آنفا. يقول الله عز وجل في محكم تنزيله: " أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا"، كالأنعام أو البهائم لأنهم لا يسمعون أو يعون ما يعاينون من حجج الله، وأضل سبيلا لأن البهائم تهتدي لمراعيها وتنقاد لأربابها، ولكن الكفرة لا يطيعون ربهم، ولا يشكروه على نعمه بل يعصون من خلقهم وبرأهم (كما جاء في التفاسير)، وهذا ينطبق تماما على الذين يرفضون حكم الإسلام فيختارون علمانيا أو فلوليا لحكم مصر أو غيرها من الدول الإسلامية، ثم يرمون الشعوب الإسلامية بدائهم وواقعهم الذي قرره الله عز وجل. خلاصة القول، فإن على أولئك الكف عن التهجم على الشعوب الإسلامية وعلى الإسلاميين، ولا ذنب لنا بديمقراطية صنعوها ثم رفضوها ورفسوها، وعليهم أن يدركوا بأن الانقلاب على خيارات الشعوب والاستخفاف بهم يغلق صناديق الاقتراع ويفتح أبواب التطرف وسفك الدماء.