بقلم عماد أبوزيد يبدو أن الواقع المصري الآن قد وصل إلى مرحلة الصراع الكامل والواضح بين تيارين أساسيين في المجتمع, الأول: تيار الثورة والتغيير الذي قام لإسقاط النظام بكل مكوناته الفاسدة وبكل قيمه التي أفقرت شعب مصر ووضعته في ذيل الأمم, والتيار الثاني هو تيار الفلول من المنتفعين والوصوليين والانتهازيين, الذين شكل النظام السابق لهم فرصة ذهبية للسيطرة على موارد البلاد وتسخيرها لصالحهم. وهؤلاء هم من صنعوا الأوهام وأثاروا الفتن والنزاعات والصراعات بين الإسلاميين والليبراليين والإسلاميين والمسيحيين من ناحية أخرى حول مدنية الدولة وقد أعطاهم المجلس العسكرى الغطاء والحماية لذلك، حتى أصبحنا قاب قوسين اوادنى من إنقلاب عسكرى وشيك، إذا صارت الأمور على غير رغبة المجلس العسكرى وهى الفكرة التى تلقى دعما كبيرا من اللوبى "الصيهوامريكى" ودول الغرب بطبيعة الحال ! إذن فماذا يعنى قول "إيديعوت أحرنوت الصهيونية "إن أحمد شفيق من وجهة نظرنا هو الرئيس المناسب. فقد عنده الشجاعة السياسية ليعلن في ذروة الحملة الانتخابية انه اذا دعت الحاجة فلن يحجم عن زيارة اسرائيل. وهذه خطوة جريئة بعد ان أوجد صديقه مبارك ذرائع طوال ثلاثين سنة وتهرب في عناد من زيارتنا الرسمية .. ومن المهم ان نذكر إن كل كلمة زائدة تصدر في الأيام القليلة القادمة تتحدث عن فضل شفيق قد تحرقه. فانهم يبحثون عنه وقد رموه بالنعال. فاذا أثنينا عليه فسنُفسد الأمر على أنفسنا ايضا، ولهذا يجب أن نؤيده وبصمت" وماذا يعنى أن نحو نحو 5 ملايين مسيحى في مصر منهم نحو 2 مليون من لهم حق التصويت فى الإنتخابات أصبحوا يرتجفون الآن خوفا. من المرشح الإسلامى حاصة عندما يُقسم حزب الأكثرية أنه سيصوغ الحياة اليومية بحسب الشريعة الإسلامية فيتبين لهم أنه لم يعد هناك من يعتمدون عليه. وقد غادر الأثرياء وذوو الصلات منهم ويستعد آخرون لاحتمالات الهجرة إذا حُسمت الإنتخابات لصالح الإسلاميين. وهذه هي الاصوات المؤكدة لشفيق في جولة الإعادة لانهم يرونهم حامى الحمى والأخ الكبير الذي سيحافظ على الكنائس واماكن العمل وحياتهم من وجهة نظرة إن مصر التى يحكمها منذ 60 عاما، أي منذ قيام حركة الضباط الأحرار عام 52 التي جلبت للحكم جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، يحكمها رئيسا وليس هو قمة الهرم فحسب بل هو القائد الأعلى للجيش والأجهزة الأمنية والإستخباراتية. وفي الوضع الجديد، وإذا انتخب محمد مرسي، فليس واضحا كيف سيجري هذا العمل، أي من يصدر عنه الأمر. ومن الذين قد يرفضون وماذا سيكون مصير امبراطورية الجيش الاقتصادية التي منحته مكانة مستقلة قوية. وكيف ينظر الإسلاميون إلى العلاقة مع واشنطن والكيان الصهيونى . ومن الذين سيعملون معهم في هذا العالم الكبيرولاسيما بدول الغرب. وهل سيُنحي الرئيس الجديد المشير طنطاوي وأعضاء المجلس العسكري، وحتى تجد هذه الأسئلة اجابة واضحة .. تأتى الأوامر للعسكريين من ضباط ومجندين بجناحيهم الجيش والشرطة بأن يكون الضغط على اسرهم وعوائلهم بضرورة التصويت لأحمد شفيق مرشح المؤسسة العسكرية وإن انكروا ذلك بالطبع. إن البلبلة التي أحدثها إنتشار هذا الوهم إلى إتاحة الفرصة للفلول ليعيدوا ترتيب صفوفهم مستغلين إمكانياتهم المادية الكبيرة والتي سرقوها من الشعب, ومتمتعين بها فى ظل رعاية المجلس العسكري, وسيطرتهم الكاملة على الحكومة والجهاز الإداري للدولة, ويحاولون الإنقضاض على الثورة عبر الآليات الديمقراطية وليس من خلال الجمال والحمير والبلطجية هذه المرة, ليعيدوا إنتاج النظام القديم بصورة عصرية, مع الأخذ بعين الإعتبار أن هذا النظام لم يسقط كاملا وإنما سقط رأسه وبقي جسده يبحث عن رأس جديد. إن ايجابيات المرحلة الحالية أنها تضع على المحك كل الذين تاجروا بشعارات الثورة ومدنية الدولة والحرية, وتضعهم أمام مسؤولية تاريخية وأمام خيارين لا ثالث لهما, إما الوقوف والانحياز إلى الصف الثوري, والعمل على إكمال أهدافها من خلال الحرص على توافق وطني يشمل كل القضايا الخلافية كاللجنة التأسيسية للدستور, وتوفير ضمانات واضحة ومعلنة ترسخ مدنية الدولة وديمقراطيتها, وتشكيل حكومة توافق وطني تجمع كل مكونات الثورة من قوى سياسية وشخصيات وطنية. والخيار الثاني هو الوقوف مع الفلول, ودعم الجنرال شفيق تلميذ مبارك وخليفته الذي يحمل كل سماته من الجهل والاستبداد والفساد, والوقوف إلى جانب الفلول يتخذ شكلين اثنين, الأول هو الوقوف الصريح الواضح, والثاني هو الوقوف الموارب عبر دعوات مقاطعة الانتخابات وعبر الاستمرار في إثارة البلبلة عن هيمنة متخيلة للإخوان واستمرار الحديث والمقارنة بين الفاشية العسكرية والفاشية الدينية, وغيرها من الفزاعات التي تعتبر ماركة مسجلة لكل الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة العربية وعلى رأسها نظام مبارك. أو عبر طروح تعجيزية تحول دون التوصل إلى توافق وطني بين مكونات الثورة. ادعاء البعض أنه لا فرق بين مرسي وشفيق هو نوع من الدعاية السوداء الكاذبة التي تحاول تبرير الوقوف إلى جانب الفلول, وستكون نتيجتها هذه المرة هي إعادة النظام القديم, وعندئذ سيقف الشعب على حقيقة الفلول المخفيين الذين يعملون لصالح إعادة إنتاج نظام مبارك الفاسد, متاجرين بدماء الشهداء والآم البسطاء الواقفين فى طوابير الخبز والبوتاجاز والسولار والبنزين والمعتصمين الآن أمام الدواويين بالمحافظات ..! [email protected] [Share/Bookmark]