نتيجة تنسيق المرحلة الثانية، الاقتصاد والعلوم السياسية 80% والإعلام 74.5%    النزول بسن القبول بمرحلة رياض الأطفال في كفر الشيخ    رواتب مجزية.. بيان من العمل بشأن وظائف الأردن - صور    افتتاح أول معرض للنحت على الممشى السياحي بمدينة العلمين الجديدة    قرار من محافظ الإسماعيلية بوقف ورديات عمال النظافة أوقات ذروة الموجة الحارة    عشرات الشهداء والمفقودين جراء سلسلة غارات إسرائيلية على حيي صبرة والزيتون    محافظ الشرقية ينعى الدكتور علي المصيلحي: نموذج للمسؤول الوطني المخلص    نجم النصر السعودي يوجه رسالة للجماهير بشأن رونالدو    مدرب المنتخب السابق يكشف سر جديد: أحمد حسن زعل من انضمام حسام حسن للفراعنة    الصفقة الثانية.. زابارني ينتقل إلى باريس سان جيرمان    17 مليونًا في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    انتشال جثمان طفل غرق في بحر شبين الكوم بالمنوفية    الداخلية غيرت الصورة مع الناس    أمير محروس يوجه رسالة لأنغام: "حمدلله على سلامة صوت مصر"    هل يجب قضاء الصلوات الفائتة خلال الحيض؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    وزير الصحة يبحث تعزيز البرامج التدريبية للقطاع الصحي والقطاعات الحيوية    مياه البحيرة تكشف أسباب ظاهرة اشتعال الغاز من حنفيات قرية شرنوب    كامل الوزير يترأس اجتماع الجمعية العمومية لشركة السكك الحديدية للخدمات المتكاملة    تعرف على ضوابط الإعلان عن الفائزين بانتخابات الشيوخ وهذه شروط الإعادة    الأعلى للإعلام: 20 ترخيصا جديدا لمواقع وتطبيقات إلكترونية    ترامب ينشر الحرس الوطني ل «إنقاذ» واشنطن.. وهيومن رايتس ووتش تنتقد (تفاصيل)    أشرف زكي وعمر زهران يشهدان ثاني ليالي «حب من طرف حامد» على مسرح السامر (صور)    «جربت الجوع سنين».. عباس أبوالحسن يهاجم محمد رمضان بعد صورته مع لارا ترامب    استمرار مسلسل "Harry Potter" الجديد لمدة 10 سنوات    يرتفع الآن.. سعر اليورو مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025 في البنوك    الماكريل ب220 جنيهًا.. أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم الثلاثاء    وزير الري يستقبل سفراء مصر الجدد في جنوب السودان وكينيا ورواندا    ارتفاع التفاح.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    انخفاض أسعار 4 عملات عربية خلال تعاملات اليوم    قافلة المساعدات المصرية ال13 تنطلق إلى غزة    إعلام فلسطيني: اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي    الأرصاد: استمرار الأجواء شديدة الحرارة وتحذير من اضطراب الملاحة البحرية    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    غرق سيدة وصغير في نهر النيل بسوهاج    منتخب الناشئين يواجه الدنمارك في مباراة قوية ب مونديال اليد    "لوفيجارو": الصين في مواجهة ترامب "العين بالعين والسن بالسن"    جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تكرم المشاركين في ملتقى القادة الأول    26 من زعماء الاتحاد الأوروبي: أوكرانيا يجب أن تتمتع بالحرية في تقرير مستقبلها    الأربعاء.. القومي لثقافة الطفل يقدم أوبريت وفاء النيل على مسرح معهد الموسيقى العربية    وزير الإسكان يعقد اجتماعا مع الشركات المنفذة لمشروع حدائق تلال الفسطاط    3 شهداء و7 إصابات برصاص الاحتلال قرب نقطة توزيع المساعدات وسط القطاع    انتظام امتحانات الدور الثاني للدبلومات الفنية في يومها الرابع بالغربية    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    لجان ميدانية لمتابعة منظومة العمل بالوحدات الصحية ورصد المعوقات بالإسكندرية (صور)    الاتحاد الأوروبي يبحث فرض حظر شامل على استخدام المواد الكيميائية الأبدية    مؤشرات تنسيق المرحلة الثانية، الحدود الدنيا للشعبة الأدبية نظام قديم    لتوفير الميزانية، طريقة عمل صوص الكراميل في البيت    إصابة 30 شخصا إثر حادث تصادم بين أتوبيس ركاب وسيارة نصف نقل على طريق أسيوط -البحر الأحمر    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    4 أبراج «في الحب زي المغناطيس».. يجذبون المعجبين بسهولة وأحلامهم تتحول لواقع    وليد صلاح الدين: أرحب بعودة وسام أبوعلي للأهلي.. ومصلحة النادي فوق الجميع    مبلغ ضخم، كم سيدفع الهلال السعودي لمهاجمه ميتروفيتش لفسخ عقده؟    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    قرار هام بشأن البلوجر لوشا لنشره محتوى منافي للآداب    موعد مباراة سيراميكا كيلوباترا وزد بالدوري والقنوات الناقلة    «مشروب المقاهي الأكثر طلبًا».. حضري «الزبادي خلاط» في المنزل وتمتعي بمذاق منعش    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاخوة الاعداء
نشر في الواقع يوم 07 - 01 - 2012


بقلم د. رفيق حاج
في عالم كعالمنا تغلب به المادة على القيم والمبادئ والاصول, وتغلب به الفردنه على الروح الجماعية لا تستغربوا استشراء الخلافات الشخصية بين افراد العائلة الواحدة. لم تعد العائلة إطارا واقيا وضمانا لعدم نشوب الخلافات بين الاشقاء واولاد العم والآباء والابناء
هنالك الكثير من التغيّرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي حوّلت بلداننا العربية الى تربة خصبة للخصومات بين افراد العائلة. باعتقادي, السبب الرئيسي لذلك هو هيمنة الاعتبار الاقتصادي على كل كل الاعتبارات الاجتماعية والشخصية الاخرى وهذا يتماشى مع مبدأ "ماسلو" الذي يدّعي بأن الحاجة الى تأمين مصدر الرزق أهم بكثير من الحاجة للشعور بالانتماء, بعبارة اخرى, بعد ان يحصل المرء على قُوتِهِ ويلبّي حاجاته الجسدية يبدأ بالتفكير بهويته وانتمائه. لهذا السبب علينا الّا نُصاب بالذهول او الخيبة عندما يقوم فلان من الناس بمقاطعة عائلته التي مسّت بنصيبه بالإرث أو بالمدخول المشترك. بُلداننا العربية تشهد كمية لا يُستهان بها من الاخوة المتخاصمين على النصيب بالارث او الحصة في الغلة او "ذهبات الوالدة" او "التضحية" ببضعة امتار لشق الشارع بينهم. من المعروف, انه بعد ان تقسّمت الارزاق بين الابناء والاحفاد بات شبر الارض يعني الكثير لصاحبه.
هنالك سبب آخر للخلاف بين أفراد العائلة عامة والاشقاء خاصة هو قيامهم بكفالة شقيقهم في البنك لشراء دار او سيارة ويتبين لهم فيما بعد بأنه متورّط حتى اذنيه بديون طائلة لا أول لها ولا آخر للسوق السوداء او للعالم السفلي. كل انسان مرّ بهذه التجربة, إن كان مدينا ام كفيلا يُدرك الجحيم التي تعيشه أفراد عائلته في هذه الحاله. كلنا نُدرك ايضا أن امكانية التورط مع البنوك والمدينين هو أمر وارد بالحسبان, وان التورّط لا ينبع دائما من تدني الدخل وانما من سوء ادارتنا لشؤوننا المالية. في أغلب الأحيان تنتهي "كفالة" الشقيق او ابن العائلة بخلاف لا تمحوه السنون لضخامة الدين الذي يضطر الاشقاء على دفعه دون ذنب اقترفوه, وهنا تحصل القطيعة.
هنالك اسباب أخرى لانتشار ظاهرة الخصومات في العائلة العربية التي تبدو كأنها عوامل اجتماعية محضة ولكنها في الحقيقة تنحدر من اعتبارات اقتصادية. الاول, هو خروج المرأة العربية الى سوق العمل ومشاركتها الرجل في توفير العيش للعائلة. ان الاستقلال الاقتصادي للمراة او للزوجة أدى الى دخول لاعب جديد الى الساحة له رأي يبديه بكل جرأة وصراحة, وبما أن المرأة العربية هي "الدخيلة" على العائله فمن المتوقع ان تكون لها اعتبارات لا تصب دائما في مصلحة العائلة الكبيره والمعتده, ومن المتوقع ان تفضّل مصلحة ابنائها على العيش السلمي مع اشقاء زوجها. أضف الى ذلك ان ادخال لاعب جديد الى الملعب يزيد من فرصة التصادم مع الآخرين. في ايام خَلَت كان صوت الزوجة غير مسموع ولم تشترك بشكل فعّال في حسم القضايا الخاصة بالعائلة الموسعة, اما اليوم فنراها في كثير من الاحيان تؤثر على مجريات الامور وعلى قرارات زوجها بحكم تجربتها الحياتية او شخصيتها القويه. بعبارة أخرى, تحرر المرأة الاقتصادي وتدخلها في شؤون العائلة وايثارها المصلحتها الذاتيه على مصلحة العائلة الموسعة يتبع ايضا للعامل الاقتصادي. سبب ثاني, هو انهيار المنظومة الابوية في مجتمعنا العربي, حيث اضمحلّ تأثير الاب على إصلاح ذات البين بين الاخوة المتخاصمين, ففي العقود المنصرمة كانت تكفي صرخة واحدة من حنجرته ليُلزم كل واحد حدّه وليرغمه على القيام بمصافحة اخيه والغفران له. اذا سألنا عن جذور ضعف سلطة الأب نجد انها ايضا تعود الى اسباب اقتصادية, فالابن يستطيع ان يؤمن مصدر عيشه والوصول الى انجازات اقتصادية منقطعة النظير دون الحاجة الى والده او أشقائه او افراد عائلته, ومن هنا فهو يشعر انه غير مُلزم بالانصياع الى ما تُمليه الاصول العائلية. سبب ثالث, هو عجز لجان الصلح عن حلّ النزاعات بين الاخوة المتخاصمين وافراد الاسرة الواحده, ففي الايام الماضية كان عدم الانصياع لما توصي به لجنة الصلح يعتبر تمردا على العادات والتقاليد ويحمّل صاحبه ثمنا اجتماعيا واقتصاديا باهظا, اما اليوم, وفي عصر العولمة والفردنه, يسمح الفرد لنفسه ان "يكسر بخاطر" اكبر لجنة صلح, وهذا ما ادى الى نُدرة الساعين الى فض الخصومات بين الاخوة "المتصادمين" والى استدامة النزاعات.
هنالك مصدر آخر للخلافات طويلة الامد بين افراد العائلة الواحدة وهو قيام بعضهم بتأييد مرشح لرئاسة السلطة المحلية من خارج الاطار العائلي ضاربين بعرض الحائط ما اجمعت عليه العائلة. هذا طبعا ادى الى حصول شروخ عميقة في العائلات والى نشوب خلافات بينها لكونها خلافات على المصادر. لو تعمقنا في تفسير الامور لوجدنا ان تأييدنا لإبن العائلة لا ينبع بالضبط من اعتدادنا بعشيرتنا وإنما من إفتراضنا بأن مُرشح العائلة ينفعنا ويُسهّل أمورنا أكثر من غيره فباستطاعته ان يُعيّن "خريجنا الجديد" موظفا في السلطة المحلية وان "يعرقل" خطة البلدية بارجاعنا مترا واحدا الى الوراء وان يعمل المستحيل لنحظى بتحفيض في الضريبة البلدية. كل هذه الامتيازات تخصّ العامل الاقتصادي, ولو قام مرشح آخر من عائلة أخرى بتقديمها لنا لن نتورع عن تاييده.
هنالك ايضا عوامل أخرى تؤدي الى "ازدهار" الخلافات بين الاخوة التي تتعلق بالاطباع والخصائص الوراثيه كالجشع والغيرة والانانية التي لا أود الاسهاب بها لسببين- الاول, عدم المامي بها والثاني, اعتقد ان هذه العوامل موجودة في كل المجتمعات وقد قامت بالتأثير على العقول البشرية في كل الامكنه والازمنه, فالخليقة بدأت بقصة نزاع بين الاخوين قابيل وهابيل التي انتهت بجريمة قتل. التاريخ حافل بقصص العداء بين الاخوة. الشر والظلم متواجدان منذ الازل وقد يكون لهما قسط لا يُستهان بها بالخلافات والاحترابات بين الاخوة, لكن ذلك لا ينتقص ولو بذرة واحده من تعاظم اهمية العامل الاقتصادي في التأثير على هذه القضية وخاصة في واقع تستتب به ثقافة الفقر وتتسع به الثغرات بين شرائح المجتمع ..فانتبهوا!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.