بقلم إيمان حجازي هذا المبنى المهيب , هذا المبنى الرهيب ,هذا المبنى الكئيب , كنت أمر عليه فتقبض نفسى بدون سابق معرفة ولم يكن يخطر ببالى أنى سوف أقضى فيه يوما طويلا طويلا قاسيا كلهن تجمعت رغباتهن على الذهاب الى هذا المكان للبحث عن ذويهن , فالأولى تبحث عن أبيها ,والثانية عن خطيبها ,والثالثة عن أخيها, مابين أحاسيس الأمل واليأس , أحاسيس أحلى ما فيها مر منذ أن تطأ قدمك المدخل العام لهذا المبنى _ المشرحة _ تحس بإنقباض غريب , وكأنك تسمع أصوات تنبعث من الهواء , أو تحمله إليك , ورويدا يتجاوزك الصوت باحثا عن غيرك إن لم يجد فيك مبتغاه وسط دموع الدامعين والدامعات , يحملك لهف الأم , وتسمع صرخات قلب الحبيبة , ويجرفك طوفان حنان الأخت , الكل يبحث , يأمل ويتمنى ,, ولكن هذا التمنى ليس ككل تمنى فجميع من يتوجهون الى هذا المبنى يتمنون فى داخلهم أن يخرجو منه كما دخلوه , حتى ولو لم يعثرو على ذويهم فيكون الأمل مازال موجودا فى أنهم على قيد الحياة وياويل من يجد مايريد هنا فى هذا المكان , حيث تنهمر الدموع أنهارا , وتعلو الصرخات وتدوى فى المكان ,وينقبض القلب وتعتصر الروح , وتتولد الأمنيات المعاكسة معلنة ليتنى لم أجدك , يامنى الروح , ياحبة القلب , يانور العين نشر لى هذا المقال في 22/02/2011 تحت عنوان مشرحة زينهم بين اليأس والرجاء ولم أكن أتخيل وقتها أننى سأعاود التواجد مرة أخرى بداخل هذا المبنى , بل وللحق أمر بجواره لأداء بعض أشغالى فلا أستطع التركيز فى عملى , تأخذنى من نفسى ذكرى مؤلمة للقاء الأول مع العديد من الجثث المكتظ بها المكان تعاودنى رائحة الموت الثقيل الذى يطل بصورته القاسية على القلوب فيعتصرها بل يجذبها من الصدور ويلقى بها عند أعتاب باب هذا المبنى فتطأها الأقدام الأكثر قسوة أو اللاهية تبحث عن هويتها وضالتها ربما ترتاح ولكن هيهات للراحة , مع هذه الجثث المحرقة المتعفنة , مع هذه الأرواح الغير مستقرة , مع كل هذا الظلم الذى يفوق قدرة البشر على التحمل , مع إنحسار التخيل عن كيفية التعامل , مع عجز مفردات اللغة عن الإنطلاق والإسترسال وتركت الجوار وأنا أنظر الى المبنى الذى خيل لى أنه يبكى , الذى خيل لى أنى سمعت صوته يئن من كثرة ما حمل به من أعباء وأوزار لم يكن هو من إرتكبها نظرت إليه شاردة متسائلة أترى يا أيها المبنى الكئيب , أيكتب على المرور بك أو الدخول إليك مرة ثالثة ؟؟ وياترى فى هذه المرة سأكون واقفة سائرة على قدمى أم محمولة على طاولة تفارقنى روحى فتضحك منى فى سخرية وتقول لى أتى عليك الدور وتؤكد أن الكل لا محالة آت آت ......... ربما يكون للحديث بقية برغم إنى لا أتمنى ذلك ...... فقد إكتفينا من مشرحة زينهم ومن الدماء والإختناق والموت والإهمال ألا هل بلغت اللهم فإشهد...............