تناثرت بقايا المآذن علي الأرض...تبعثرت أجراس الكنائس..خلت الساحة إلا من نعيق غربان ضلت الطريق...تحولت الأشجار إلي رماد فقد دفئه..صفوف طويلة من الراغبين في الهجرة تلاحقهم عصي غليظة..اختلطت جداول من الدم الغزير ..يتراشق الصغار بالكتب المقدسة بعد هروبهم من مدارسهم ..يتفوه الكبار بمفردات خارجة..تجر النسوة المتشحات بالسواد أقدامهن المتعبة علي أكوام القمامة..تتضاحك من قبحهن فتيات عاريات يبحثن عن المتعة...البائعون يلملمون بضائعهم التي أوشكت علي البوار..صارت السيارات كقطع ليل تفحم..ناي حزين يتسرب صداه ..تنفلت أعيرة ناريه لا يعرف وجهتها..دخان مسيل للدموع يتسربل..لا تري آثار لرجال امن ولا جيش..أقامت الفئران منازل لها في المتحف العتيق..تخرج ما بين وقت وآخر بقطعه ذهبية من هناك..يتلقفها أشباه الفلول الذين حملتهم الجمال إلي الميدان..يتسارع الحاضرون نحو بضع لقيمات و زجاجات ماء تركها السائحون..تصرخ أم فقدت وليدها وسط حريق امتد بعيدا..تستجدي المارة في إنقاذه..لم يسمعها احد..تقرر الدخول.. يزداد اللهب ارتفاعا.. تتوالي صرخاتها ..تختفي..يستيقظ أمين فزعا..يتسلل ضوء الفجر.. يتعالي صوت الآذان.. يقدم له وجيه الذي عاد لتوه من الكنيسة الماء للوضوء..ينظر حوله..يبتسم وقد تحول الميدان إلي ساحة من سكينة