حاورها: حسن الأشرف * من تكون حنان بديع ؟ - أنتمي إلى الأبراج الهوائية، وفتاة برج الدلو غامضة متناقضة ومليئة بالعاطفة ذات طبيعة فكرية. كشاعرة يفصلني عن الواقع مسافة كافية لأحلق مع الكلمات وأتمرد على الموروثات. * كيف كان مخاض ميلاد أولى قصائدك ؟ - أنا شاعرة الصدفة، إذ جاءتني القصيدة ولم أبحث عنها، كنت عاشقة للشعر ليس أكثر، ولم أخطط لما هو أكثر فلم تكن ولادة القصيدة الأولى متعسرة ولا أؤمن كثيرا بالقصائد التي لا تولد طبيعية فرحة من رحم العاطفة أو إلهام الفكرة. * هل أولى قصائدك كانت شهادة ميلادك كشاعرة ؟ - لم تكن أولى قصائدي، لكنها ربما القصيدة التي تلتها وكانت بعنوان (امرأة المتناقضات) هذه القصيدة، التي اشتهرت بها، كانت في الواقع البداية الحقيقية لميلادي كشاعرة. * هل هناك أية علاقة بين الشعر والمكان؟ - ربما، فللمكان إيحاءاته الوجدانية، لكني لا أتبع المكان عادة في طقوسي، وتأتي القصيدة متى شاءت مع الفكرة على أن نوفر لها اللحظة المناسبة. * هل تؤمنين بالشعر المحلي أم أن الشعر لا وطن له ؟ - الشعر لا وطن له، لكن هذا لا يلغي دور البيئة في اللغة الشعرية السائدة، وأعتقد بالشعر الشعبي لأنه قائم بذاته، والشعر الذي يطرب ويعبر عن قضاياه هو الشعر الحقيقي أيا كان انتماؤه. * كيف تقرئين واقع الشعر العربي حاليا ؟ - الساحة اليوم لقصيدة النثر، وهي ليست تجربة منفصلة، إنما جاء الشعر الحديث ليمثل الثورة على النمطية والشكل التقليدي للقصيدة، إلا أنه كما قال الشاعر محمود درويش باتت تميزه النمطية، وهناك الكثير من الأقلام التي أساءت إلى تجربة الشعر الحديث وخلقت أزمة ثقة بينه وبين المتلقي. * هناك تيار أدبي نقدي يدعو إلى ضرورة التزام الأدب بالمعايير الأخلاقية.. ما رأيك ؟ - لا أعرف ما الذي تقصد بالمعايير الأخلاقية، لكني أفهم أن حدود الجرأة في الفكرة وفي الطرح، هناك شعرة تفصل بين الجرأة والإباحية، وأنا حين أدرك ذلك تماما أستطيع استثمار عناصر الحرية التي انطوت عليها تجربة الشعر الحديث لتكون نقطة بدء لكسر القيود التي تحيط حياة الأنثى بالسرية والكتمان. * يقال أن شعرك تجاوز الأخلاق ونحا منحى الجرأة الزائدة .. كيف تردين ؟ - كثيرون يرون قصائدي جريئة لأننا لم نتعود تذوق إبداع المرأة بعيدا عن القيود الاجتماعية والثقافية، وجرأتي ليست إلا تمردا على موروثات ثقافية ليست تقنعني.. ومن الخطأ ربط الجرأة والصراحة بموضوع الأخلاق ذلك لأن معايير الأخلاق ليست ثابتة، وتبدو نسبية إلى حد ما، وما نراه خطأ قد يكون صوابا في مجتمعات أخرى تراه كذلك. * بالنسبة إلى الإنترنت.. ماذا استفاد الشعر منه ومن أثر في من ؟ - الإنترنت أثر في الشعر، والشعر استفاد منه كثيرا، وتحديدا الشعراء، حيث فتح المجال أمامهم لتواصل أسرع وأسهل وانتشارا، لم يكن متوافرا لمن سبقونا، اليوم نستطيع أن نوصل أحدث قصيدة كتبت في دقائق إلى القراء في كل دول العالم، وهو الأمر الذي يوفر على الشعراء الذين لا يملكون إمكانيات مادية لطباعة الدواوين وعناء التعاقد مع دور النشر لتوزيعها. * كثيرا ما نسمع عن حالات اجتماعية مزرية ولشعراء عرب، لماذا وصلنا إلى هذا الوضع المزري ؟ - هذا يحدث كنتيجة طبيعية لتوجهنا إلى ثقافة مادية بحتة، نحن في عصر لم يعد للشاعر مكانته التي تليق به، ولم نعد أمام قارئ مثقف ومتذوق لمعنى الكلمة، بتنا نبحث عن الأسهل والأسرع في الكلمة واللحن، وهو أمر انعكس على الشعر والفن أيضا.. إن ديوان الشعر هو الأقل تداولا في المكتبات والمعارض والمراكز الثقافية والبيوت، هذا يحدث في عصر التكنولوجيا في حين كانت الإنسانية تباهي بشعرائها في زمن مضى، وفي حين تربعت الأغنية على عرش الفن وانزوى الشعر، فأين هو الشعر من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، ولماذا بات شعراؤنا لا يجرؤون على إشهار شاعريتهم أو التباهي باحترافهم الشعر حتى لا يبدوا كأنهم كائنات من كواكب أخرى أو فاشلون.. نعم اليوم لم يعد يجرؤ الشاعر على التفاوض على ما يتقاضاه من أجر وليس له إلا القبول بمشاركته في أي حفل أو مهرجان ممتنا إلى هذه اللفتة الكريمة ! أعتقد أن زمن الشعر ولى مع أقلام رسله عندما كان ينظر إليه بتبجيل واحترام * هل الشعر حقا مجرد حرفة لبيع الحروف والكلمات ؟ - الشعر عندما يصبح حرفة ويدخل في إطار الوظيفة يفقد شفافيته وبريقه وهو ليس ترفا على الإطلاق، بل وسيلة مؤثرة ومعبرة تماما، وكما يخرج الفنان شحناته في لوحة تشكيلية كذلك يفعل الشعر بالنسبة للشاعر. * كلمة أخيره للقراء العرب ؟ - أقول إننا بحاجة ماسة إلى تسويق الشعر وإلى الدفاع عن دور شعرائه وعن موهبة شاعراته وإلى تبجيل احترام هذا الفن وتكريم رواده.. هامش: - حوار مع افق - حنان بديع يوسف، شاعرة لبنانية. - بكالوريوس آداب علوم اجتماعية وخدمة اجتماعية. - ابنة الشاعر الراحل بديع يوسف صاحب ديوان (من البداية قصتي). - شاركت في العديد من الأمسيات الشعرية التي أقيمت في قطر.