بقلم د. عادل عامر رغم ان القانون المصري اوجب علانيةالمحاكمة والتي تعد اخطر كثيرا من تحقيقات النيابة العامة وأعطى القانون لقاض ىالموضوع الحق وفقا لتقديره في سماع الدعوى كلها أو بعضها في جلسة سرية أو منع فئاتمعينة من حضور الجلسات وذلك مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب واستنادا إلى نص المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية فيما اختلف الأمر فيما يخص التحقيقات التي تجريها النيابة العامة فتزول السرية عند إحالة الدعوى إلى المحكمة ويختلف الأمر أيضافيما يتعلق بخصوم الدعوى الذين اوجب القانون ان تكون إجراءات التحقيق بالنسبة لهمعلانية لا سرية فيها مثل خصوم التحقيق وهم النيابة العامة والمتهم والمجني عليهوالمدعى بالحق المدني وكذلك المسئول عن الحقوق المدنية كل هؤلاء لهم الحق في حضورالتحقيقات ومن بعدها المحاكمة ولوكلائهم ( المحامين وغيرهم ) معهم أو عنهم لكل هؤلاء الحق في حضور جميع إجراءات التحقيق فالأصل هو علانية التحقيق بالنسبة للخصومومن هنا يبدوا نص المادة 78 من قانون الإجراءات الجنائية واضحا وذا مغزى فيماأوجبه مكن إخطار خصوم الدعوى التي يجرى بشأنها التحقيق ميعادا ومكانا ومنذ صدورقانون المطبوعات عام 1881 والرقابة على النشر مستمرة حتى الآن بدأ من إلزام صاحبالمطبعة بتقديم مسودة الكتاب قبل الطبع وطبقا للمادة 15 من دستور 1923 والتي أجازت فرض الرقابة على الصحف حفاظا على النظام الاجتماعي وقد ألغيت هذه المادة في دستور 1971وابقي عليها الدستور في حالة الحرب وحالة الطوارئ. من له الحق في حظر النشر حظر النشر العام غالبا ما يصدر قرار حظر النشر العام منجهة التحقيق استنادا إلى المساس بالمصالح العليا للدولة أو المجتمع ويبدوا هذه مبررا وواضحا فيما يتعلق بتحقيق يمس أسرار الدفاع وهذا ما تناولته المادة 80 أوالفقرة الثانية منها من قانون العقوبات المصري بينما حددت مادة [85] (1) من قانون العقوبات وذريع خاص 2 وردا لاعتبار المتهم اوجب المشرع على الصحيفة التي تنشر خبر أدنتهان تنشر لك على سبيل المثال لا الحصر مثل المعلومات الحربية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والصناعية التي بحكم طبيعتها لا يعلمها إلا الأشخاص الذين لهم صفة في ذلك والأشياء والمكاتبات والمحررات والوثائق والرسوم والخرائط والتصميمات والصوروغيرها من الأشياء الأخبار والمعلومات المتعلقة بالقوات المسلحة وتشكيلاتها وتحركاتها وعتادها وتموينها وأفرادها وبصفة عامة كل ما له مساس بالشئون العسكرية والإستراتيجية وكذلك الأخبار والمعلومات المتعلقة بالتدابير والإجراءات التي تتخذ لكشف الجرائم حظرالنشر ومبدأ أصل البراءة قد يكون قرار احظر النشر مسندا لحمايةالجمهور من اى تأثير سلبي يحدث من جراء نشر تفاصيل الواقعة أو حماية للمتهم ولاطراف الواقعة من التشهير بهم ويأتي كل هذا استنادا إلى ما جاء بنص المادة 66 منالدستور والتي تنص على - المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. ويعتمد قرارحظر النشر الذي تصدره النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق أو من المحكمة التي تنظرموضوع الدعوى وأيضا ما جاء بنص المادة 23 من القانون 96/96 قانون الصحافة تنص علىانه [ يحظر على الصحيفة تناول كل ما تتولاه سلطات التحقيق أو المحاكمة بما يؤثرعلى صالح التحقيق أو المحاكمة أو بما يؤثر على مراكز من يتناولهم التحقيق أوالمحاكمة ] بينما المادة 187 من قانونالعقوبات والتي تعاقب كل من نشر أموراً من شانها التأثير في القضاة الذين يناط بهمالفصل في دعوى مطروحة أمام أية جهة من جهات القضاء في البلاد أو في رجال القضاء أوالنيابة أو غيرهم من الموظفين المكلفين بتحقيق أو التأثير في الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة في تلك الدعوى أو في ذلك التحقيق أو أموراً من شانها منع شخص من الإفضاء بمعلومات لأولي الأمر أو التأثير في الرأي العام لمصلحة طرف في الدعوىأو التحقيق أو ضده وكذلك المادة 193 الفقرة الأولى منها والتي تتعلق بنشر أخباربشأن تحقيق جنائي قائم إذا كانت سلطة التحقيق قد قررت أجراءه في غيبة الخصوم أوكانت قد حظرت ‘إذاعة شيء منه مراعاة للنظام العام والآداب أو لظهور الحقيقة وكذلكالمادة 12 /2 و 3 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة الصادرة بالقرار رقم10 لسنة 1998 وقرر المشرع حدودا لحرية الصحف في النشر عن القضايا سواء كان ذلك إثناء تحقيقات النيابة العامة أو إمام المحاكمة بقرار من قاضى الموضوع لكن لم يراع المشرع في تلك الحدود حق الصحف في النشر وأيضا حق المجتمع في المعرفة فمن حق الصحفان تنشر ومن حق المجتمع ان يعرف مع ملاحظة عدم التأثير على مجريات التحقيق أو على إجراءات المحاكمة ومراكز الخصوم أو التأثير عل الشهود فالأصل في الإنسان البراءة وأيضا استنادا إلي قاعدة ان المتهم بريء حتىتثبت براءته وقد يكون من شأن ما تنشره الصحف ان يؤثر على النيابة العامة أو على القاضي الذي ينظر موضوع الدعوى أو ان يؤثر على شاهد أو ان يؤدى النشر إلى خروج المحقق عن حياده وتجرده أو التأثير على مراكز الخصوم باتخاذ موقف من المتهم أو نشر أدلة الإدانة أو التضخيم من جسامة الجريمة أو التأثير على الرأي العام تجاه المتهم أو التخفيف والتهوين من وقع الجريمة أو خلق مبررات لها لدى الجاني أو دوافع الأمر الذي قد يضر بمركزالمتهم أو المجني عليه في الدعوى التي تم النشر عنها أو التعليق على مجريات التحقيق فيها وأيضا خلق رأى عام قد يؤثر على القاضي الذي ينظر موضوع الدعوى كأن يتعاطف الرأي العام مع المتهم أو مع المجني عليه ولذلك راعى المشرع مدى فداحة هذها التأثير في القضايا والتي تهم الرأي العام فجاءت المادة 13 من قانون الإجراءاتالجنائية والتي أعطت لمحكمة الجنايات أو محكمة النقض في حالة نظر الموضوع إذا وقعت أفعال من شانها الإخلال بأوامرها ، أو بالاحترام الواجب لها أو التأثير في قضائها أو في الشهود ، وكان ذلك في صدد دعوى منظورة أمامها أن تقيم الدعوى الجنائية 1 على هؤلاء الأشخاص أو بالنسبة لهذه الوقائع ، وتحليها إلى النيابة العامة لتحقيقها والتصرف فيها فحصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا وان هذه الحصانة لا تمتد إلىما يجرى في الجلسات غير العلنية ولا ما يجرى في الجلسات التي قرر القانون أوالمحكمة الحد من علانيتها كما أنها مقصورة على إجراءات المحاكمة ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائي ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية لأن هذه كلها ليست علنيةإذ لا يشهدها إلا إطرافها وهذا الحظر لايتعلق فقط بأطراف الدعوى من متهم ومجني عليه ومدعى بالحقوق المدنية ومسئول عنهافقط بل ان الحظر أيضا يشمل قاضى الموضوع فهو محظور عليه إلا يفشى سرية المداولات التيتتم بينه وبين زملائه قبل إصدار الأحكام ونصت على ذلك بوضوح المادة 74 من قانون السلطة القضائية وأيضا المحامى فيمتنع عليه ان يذكر الأمور الشخصية التي فيها إساءة لخصم موكله وورد هذا في نص المادة 69 من قانون المحاماة فإذا نشر في الصحف أواى وسيلة أخرى من وسائل الإعلام أو باى طريقة مما نص عليه القانون أو وسيلة وقائعهذه التحقيقات أو ما ورد بها أو ما تم اتخاذه من إجراءات متعلقة بالضبط أو التفتيش أو الاتهام إنما ينشر ذلك على مسئوليته ويجوز محاسبته نائيا إذا تضمن ما نشره سبا أوقذفا أو إهانة وذلك لأن حرية الصحافة جزء من حرية الفرد ولا يمكن ان تتجاوزه إلا بتشريع خاص وردا لاعتبار المتهم اوجب المشرع على الصحيفة التي تنشر خبر إدانته ان تنشر القرارات الصادرة من النيابة العامة سواءبالحفظ أو بالا وجه لإقامة الدعوى وكذلك إذا ما قضت محكمة الموضوع ببراءته مما هونسب إليه ونشرته الصحيفة ويأتي هذا كرد اعتبار له آثار صدور قرار حظر النشر الصادرمن المستشار محمدي قنصوه في قضية مقتل سوزان تميم انقسام حاد في الصحافة بين مؤيدومعارض للقرار ، على خلفية صدور أكثر من كتاب يتناول القضية المنظورة أمام القضاءبشكل يوحى بقطع مؤلفيه باليقين في موضع الشك (وهى القضية التي أوراقها مازالتتداول أمام القضاء) وتناول بعض الصحف القضية بشكل بعيد عن الموضوعية واحترام تداولالدعوى أمام القضاء. يطرح مثل هذا القرار سؤال مهم يتعلق بحدود دور الصحفي فيتغطية المحاكمات المطروحة على القضاء، وما هو حق الصحافة في المعرفة ونقل الأخبار -- الدكتور عادل عامر خبير في القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية ورئيس تحرير جريدة صوت المصريين الالكترونية وعضو الاتحاد العربي للصحافة الالكترونية