لا استطع ان اوقف حالة الابهار التي تنتابني كلما اقتربت من ميدان التحرير..هنا كانت الثورة..هنا اثار شهيد..هنا زلزلت الارض..اخرجت اثقالها..اعلنت عصيانها..كشفت عن براكينها..هنا كانت الاطاحة واطلق التاريخ مدادا جديدا من فوهات الحناجر ودقات القلوب ودعوات الثكالي ودموع الذين خلعوا رداء الخوف واقتصوا من حفاة الرؤس وبائعو الوهم وسدنة القهر..ذلك هو الميدان باق كما هو شاهد علي مرحلة ومترقب لاخري..لكن وجوه من فيه الان تبدلت..تغيرت..ذبلت..شئ ما لم يعد..رؤية ما غابت..اصبحت الخيام كهوفا انغلقت..كل ينتصر لنفسه..عادت الي الميدان سوقية الحوارات..ابتذال المفردات..فوضي التساؤلات..لم يعد شيئا مقبولا ولا امرا مرضيا.. القي السخط بظلاله..ابتعدت الشرطه..اختفي الجيش..الباعة المتجولون هم السيد الجديد..لا حدود لما سعروا ولا مجال لخروجهم..يستفزني ذلك التناقض وذلك الاستعلاء لمن وقفوا علي المنصات..اتعجب من الوجوه التي مازالت تكتسي بادوات التجميل التي لا مجال للثورية فيها..لطلاء الاظافر ما يجعلني استشعر الخيبة هناك..اللون الاحمر مرتبط لدي بالارض لا الانامل..تتقاطع مكبرات الصوت..تتداخل الايات والاغنيات والتعاليم في ان واحد..افقد حالة السمع ..انظر حولي..طفل صغير لم يتجاوز الثلاثة اعوام يحمل العلم.. يقفز..يعدو..يتضاحك..اربت علي كتفه..يزداد ضحكا..لا اعرف ان كان ساخرا ام حالما..لكنني اكتفيت برؤيته وخرجت من الميدان