بقلم مصطفى السبيلي ذكاء الفرد فى المجتمع سلاح ذو حدين ..فإذا استغل ذكاء الفرد فى خدمة المجتمع ، أصبح ذلك عاملاً إيجابياً ، نافعاً ، ودافعاً للتقدم والرقى لكل الأمة ... أما إذا قام الفرد بخصخصة ذكائه لمنفعة ذاته وأهله فقط ، أنقلب هذا الذكاء إلى " آفة " تنخر فى عظام المجتمع وتصيبه بالهشاشة والضمور فتقضى على ثمار الثقة بين الناس ، وتتلف روابط الحب والود ، وتجهض "أجنة" الصدق والوفاء فى أرحام الضمائر !!؟ لتصبح الأمة ، كل الأمة .. مريضة ، كئيبة ، محبطة ، لا تقوى على الثبات على قدمين هزيلتين فى مواجهة تحديات العصر المتلاحقة ، ولا تقوى حتى على البقاء حية تحت خطى الأمم المتطلعة إلى التقدم والازدهار !! وخصخصة ذكاء الفرد لمنفعة أهله وولده فقط ، تدخله فى شرنقة النفس الأمارة بالسوء ليمر داخلها بأطوار نمو ، وتحولات سيكولوجية ينتج عنها فى النهاية " حشرة " آدمية لا انتماء لها خارج وطن ال " أنا " !!؟ ولان شبيه كل شئ منجذب إليه ، كما يقول المثل الفرنسى ، فإن هذه الانانات تسعى إلى التميز والتطلع إلى وحدة النوع فى بحر زاج يموج بالمتناقضات التى لا شطآن لها ، فتتوحد فى مواجهة العواصف والأعاصير العاتية فى كل العصور وتحت أى ظروف حبا فى البقاء ، لتلد لنا فى النهاية أجيالاً " هولامية " ترفض الانتماء للأرض التى تحملها ، ولا تدين بالفضل حتى لمن أنجبها حيث تطمح إلى الطيران خارج أقطار الجاذبية الأرضية حيث انعدام الوزن الذى لا صلة له بمقاييس الزمن ، ولا حتى بقوانين البشر!!؟ هكذا .. وجدنا أنفسنا نعيش وسط أجيال رفضوا أن ينهلوا من " ثدى " الأمومة إلى أن تنضج مفاهيمهم وتكتمل أبنيتهم حتى يتسنى لهم مزج ماضينا ، بالحاضر المشترك ، ومن ثم يعملون على تطوير ما يتناسب مع رؤيتهم المستقبلية فى بناء أسلوب حياة جديد !! لكن هذه الأجيال تخيلوا أنهم وصلوا إلى حد الفطام ، فأعلنوا فى صمت أنهم أجيال بلا "قدوة" وكأنهم فرط من النباتات البرية التى لا اصل لها ، ولا أصول !!؟ وهذه النزعات الضالة تعد تنكراً لكل القيم والمبادئ والثقافات الراسخة ، وتجميداً لها لتتحول كل هذه المثل والقيم والمبادئ والثقافات إلى " آثار وليتحول مبدعوها إلى تماثيل شمعية أو حجرية فى متاحف التاريخ !!؟ ولا شك فى أن هذه الأجيال المارقة لا ذنب لها فيما وصلوا إليه من انعدام وزن وهم لا يزالون على الأرض ، وان كانوا ينكرون على من أنجبوهم الفضل حتى فى وجودهم ونشأتهم فلن نستطيع أن ننكر أن التربة التى نبتوا منها وترعوعوا فيها كانت تربة " بوراً" غير صالحة للنبت الآدمي الصالح والإنجاب الفطرى السليم ، بعد أن طغت تيارات المادة على منابت هذه التربة ، فغمرتها ملوحة القهر وأغرقتها أسمدة المرض ، وصحرتها رمال التخلف .. فأصبحت أرضاً قاسية لا تنبت إلى الشوك .. والصبار !!؟ والبيت هو الأساس أو القاعدة التى ينطلق منها الفرد بعد تأهيله وإعداده إعداداً سليماً ليكون " لبنة " فى بناية المجتمع ، ويتلمس مكانه وسط صفوف أنداده ، فإن لم تكن القاعدة التى ينطلق منها الفرد قوية وسليمة وخالية من القصور والخلل ، فلن تنطلق مركبته إلى مدارها الصحيح ، ولن يكون لها أثر فى عالم الغد !!؟؟