بعد أقل من شهرين من صفقة شراء «أوراسكوم للاتصالات» التى يرأس ادارتها نجيب ساويرس ل«بلتون» المالية القابضة.. استيقظ مجتمع سوق المال يوم الخميس الماضى على خبر عرض استحواذ «أوراسكوم» على نسبة 100٪ من أسهم «س». آى كابيتال القابضة» الذراع الاستثمارية للبنك التجارى الدولى، وقد وافقت بالفعل على العرض. عمليات الاستحواذ المتتالية التى يقودها رجل الأعمال فى هذا التوقيت فتحت الباب لعلامات الاستفهام حول الاتجاه إلى سياسة الشراء والاستثمار فى بنوك الاستثمار ذات الدور الترويجى والخدمى. إذا كان الهدف خدمة البلد وتقديم اقتصاد حقيقى بحسب الخبراء، من خلال تأسيس مصانع وشركات تساهم فى توفير عمل للشباب، فلماذا لم يتبن ذلك، خاصة أن مثل هذه المشروعات تقتطع جزءًا من معدلات البطالة المستمرة فى الزيادة بصورة كبيرة، على غرار مشروعاته وأسرته خارج الحدود. يبدو أن رجل الأعمال يعتمد على الاستثمارات الخدمية داخليًا فقط، ويحاول بمثل هذه الاستحواذات التحكم والسيطرة على سوق المال، إذ بإتمام هذه الصفقة يستحوذ على 25٪ فى قطاع السمسرة، مع اندماج «بلتون» والتجارى الدولى للسمسرة بحسب بيانات وجدول ترتيب قطاع السمسرة فى التعاملات بواقع 4.5٪ «بلتون» و20.4٪ التجارى الدولى للسمسرة، و«دايناميك» للسمسرة، كما يستطيع بهذا الاستحواذ سحب البساط من تحت المجموعة المالية «هيرمس» التى ظلت متربعة على قائمة بنوك الاستثمار والسمسرة، والترويج طوال السنوات الماضية، فى ظل فشله العام الماضى بالاستحواذ على حصة فى رأسمال حينما تقدم بعرض شراء بالتحالف مع «بلتون» للاستحواذ عبلى جزء من رأسمالها. ليس هذا فقط بل أن بعض الخبراء راح يشير إلى أن رجل الأعمال يحاول مواجهة مشاكله التى تواجهها استثماراته فى الخارج تتصدرها مشاكل كوريا الشمالية، ورفضها السماح لشركة «كوريولينك» المملوكة له، بتحويل أرباحها لخارج بيونج يانج فى مفاجأة من العيار الثقيل، وبالتالى يحاول تحقيق انتصارات فى السوق المحلى بمثل هذه الاستحواذات. المخاوف أيضًا تتجه إلى تحكم رجال الأعمال فى التشريعات الاقتصادية من خلال حزبه بالبرلمان، بما يحقق مصالحه، وبذلك يعيد للأذهان سيطرة، واحتكار رجال الأعمال التى اتسم بها نظام «مبارك» قبل ثورة 25 يناير. «ساويرس» يحول اتجاه «أوراسكوم للاتصالات» من الاستثمار فى قطاع الاتصالات إلى الاستثمار فى الخدمات المالية وذلك بالاستحواذ على شركة «بلتون» وعرض شراء شركة «سى آى كابيتال» المملوكة للبنك التجارى الدولى الذى كان يمتلك رجل الأعمال من قبل حصة فى شركة «سى آى كابيتال» أقل من 40٪ وباعها للبنك التجارى منذ سنوات بقيمة وصلت إلى 800 مليون جنيه، ويقول محمد الدشناوى خبير أسواق المال إن «مشاكل شركته فى كوريا الشمالية دفعته إلى الاتجاه إلى الاستثمار فى الخدمات المالية وبهذا العرض سيستحوذ على 25٪ من التعاملات السوقية للبورصة». الاستحواذات تكون بأسعار رخيصة نسبيًا بحسب «الدشناوى»، وذلك بسبب تراجع أرباح القطاع خاصة أن صفقة «بلتون» بلغت 634 مليون جنيه، و«سى آى كابيتال» ستصل إلى مليار جنيه، ومن المتوقع أن هذه القطاعات سوف تشهد طفرة بعد الاستقرار السياسى للدولة ويفتح آفاقًا للاستحواذ على فرص كبيرة فى الاستثمار المباشر، وأن هناك مخاوف من التأثير والتحكم فى سوق المال والبورصة التى تعتبر إحدى وسائل الضغط على الحكومات. «الاستثمار فى تلك الشركات سيكون سياسيًا أكثر منه اقتصاديًا» هذا ما قاله عمرو صابر خبير أسواق المال، خاصة أن استحواذه على عدد من المقاعد فى البرلمان سيعمل على تسهيل بعض التشريعات الاقتصادية التى تكون فى مصلحة استثماراته. وتابع أنه «حال دمج بلتون مع «سى آى كابيتال» ستدير أصولاً بقيمة 42.2 مليار جنيه بواقع 32.2 مليار جنيه أصول «بلتون» و10 مليارات جنيه أصول مدارة بواسطة «سى آى كابيتال»، وكذلك حجم السيولة المتوقعة للكيان الجديد بنحو 550 مليون جنيه بواقع 250 مليون جنيه ب«بلتون» و300 مليون جنيه «سى آى كابيتال». إذ تظل صفقات الاستحواذات لرجال الأعمال نجيب ساويرس مؤخرًا تمثل لغزًا فى هذا التوقيت، فهل تكون الصفقات موجهة فى خدمة الدولة والاقتصاد؟