عقب إعلان الحكم الصادر من مكتب التحكيم الدولي لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية أوائل الشهر الحالي بتغريم شركات الغاز المصرية ب 1٫7 مليار دولار في النزاع الذي تداول في غرفة التجارة الدولية بجنيف مع شركة شرق البحر المتوسط وشركة كهرباء إسرائيل. سارعت هيئة البترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية بتكليف مكتب المستشار القانوني شيرمان أند سترلينج لاتخاذ الإجراءات القانونية لبطلان هذا الحكم، بالإضافة إلي الطعن عليه أمام المحاكم السويسرية وفقاً لإجراءات التقاضي المعمول بها. ولم تكتف هيئة البترول وإيجاس بإجراءات الطعن الفورية وأنما أعلنت الحكومة تجميد المباحثات بين شركات القطاع الخاص أو الأجنبية العاملة بالحقول المصرية وشركات البترول الإسرائيلية وعدم منح الموافقات الاستيرادية حتي يتم الوقوف علي نتائج الطعن علي حكم التحكيم الصادر لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية. وكانت بعض الشركات قد قامت بالفعل بتوقيع خطاب نوايا مع شركات البترول الإسرائيلية لاستيراد كميات الغاز المسال لمواجهة أزمة نقص الغاز المصري. وبالرجوع إلي بداية التعامل مع الشركات الإسرائيلية وشركات البترول والقطاع الخاص المصرية نجد أنه بمجرد السماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز لصالحه مباشرة من الدول المنتجة، قامت علي الفور ثلاث شركات أجنبية عاملة في مجال استكشاف الغاز بحقول الامتياز بالبلاد باتخاذ إجراءات فورية للتعاقد علي استيراد الغاز من الحقول الإسرائيلية. وقامت الشركة الإسبانية يونيون فينوسا بتوقيع خطاب نوايا غير ملزم بتاريخ 5 مايو عام 2014 مع شركة نوبل إنرجي الأمريكية التي تقوم بتشغيل حقل «تمار» بهدف تصدير الغاز الطبيعي من الحقل في المياه الإسرائيلية إلي شركة يونيون فينوسا في مصر. وشمل خطاب النوايا توقيع عقد يمتد إلي 15 عاماً بإجمالي مبيعات تصل إلي 2٫5 تريليون قدم مكعب من الغاز بما يقرب 440 مليون قدم مكعب يومياً خلال ذات الفترة، وتوقع الخطاب أن يكون سعر الغاز المباع مماثلاً للعقود الموقعة علي المستوي الإقليمي وتقرر اكتمال التعاقد خلال 6 شهور بعد الحصول علي الموافقات اللازمة من جانب مصر وإسرائيل. كما سارعت شركة «بي جي» العالمية بتوقيع خطاب نوايا غير ملزم بتاريخ 30 يونية عام 2014 بين الشركاء نوبل إنرجي الامريكية في حقل ليفاثيان لتوريد الغاز الطبيعي من حقل الغاز الواقع في مياه إسرائيل إلي تسهيلات إسالة الغاز التابعة لشركة «بي جي» في مصر. وشمل خطاب النوايا الخاص بشركة «برتش غاز» علي إجمالي الكميات المباعة من الغاز وتصل إلي 3.75 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي خلال 15 عاماً أو ما يعادل 700 مليون قدم مكعب يومياً خلال المدة. ومن المتوقع تسليم الغاز الطبيعي لبي جي من خلال تسهيلات منفذ حقل ليفاثيان العائم للإنتاج والتخزين والتفريغ من خلال وصلة خط أنابيب تحت سطح البحر لتسهيلات إسالة الغاز بمصنع إدكو. كما وقع الشركاء في حقل تمار الإسرائيلي بتاريخ 19 أكتوبر عام 2014 مذكرة تفاهم مع شركة دولفينوس القابضة للغاز الطبيعي في مصر وهي عبارة عن كونسورتيوم غير تابع للحكومة من كبار عملاء الغاز التجاريين والصناعيين وموزعين وشركات مشتركة. وتقرر أن يتم طبقاً للمذكرة تصدير ما يصل إلي 2.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الفائض لعملاء صناعيين تابعين للقطاع الخاص في مصر لمدة 7 سنوات بصورة متقطعة وبالتالي لن يكون هناك حد أدني من الكميات تلزم المصانع بشرائه. وشمل توقيع شركة دولفينوس أن يلتزم الشركاء من جانبهم بتوريد 5 مليارات قدم مكعب بحد أدني لمدة 3 سنوات، علماً بأن يتم توصيل الغاز عبر شبكة خطوط الغاز الإسرائيلي إلي عسقلان، ثم إلي مصر عن طريق خطوط أنابيب شركة غاز شرق المتوسط. وتقرر في مذكرة التفاهم أن يحدد السعر بسعر الغاز المتفق عليه في التعاقدات الأخري لشراء الغاز من إسرائيل، علي أن تكون صيغة تربط سعر الغاز بالسعر الأدني لبرميل برنت. وتبادر إلي الأذهان مصير مذكرات التفاهم التي أبرمها القطاع الخاص مع شركات الغاز الإسرائيلية عقب القرار الحكومي المصري بتجميد جميع الاتفاقيات، بالإضافة إلي وقف كل تعامل جديد علي استيراد غاز من إسرائيل حالياً حتي اشعار آخر. ويري المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، أنه قبل الكلام عن وضع مذكرات التفاهم لابد من الاعتراف أن هناك فجوة بين إنتاج الغاز والاستهلاك المتزايد بشكل كبير وأدت تلك الفجوة إلي السماح لاستيراد الغاز بمعرفة القطاع الخاص مباشرة من الخارج. كما أدت إلي سرعة تدبير موارد أخري ومصادر جديدة للطاقة لمدة 5 سنوات يعقبها انفراجة كبيرة في أزمة الغاز لأسباب ترجع إلي زيادة أعداد الاتفاقيات الدولية إلي 63 وتنمية الحقول الحالية في شمال الإسكندرية، خاصة اكتشاف «زهر» الذي يحول البلاد إلي مصدر للغاز بعد الاكتفاء الذاتي. ويري الوزير أن وقف العمل بمذكرات التفاهم بين شركات القطاع الخاص وإسرائيل أمر لا يخص الحكومة ولا تتدخل من بعيد أو قريب فيه، حيث يقتصر دور الحكومة علي وضع ثلاثة شروط فقط للموافقة علي تنفيذ الاتفاقيات من البداية والسماح لدخول الغاز إلي الشبكة القومية. والشروط التي وضعتها الحكومة لا تحدد الدولة أو المكان المراد استيراد الغاز منه أو السعر أو الكميات - والكلام مازال علي لسان الوزير - كما أن الشروط المقررة للسماح باستيراد الغاز تشمل أن توافق مصر علي الاستيراد لشركات القطاع الخاص الأجنبية أو المصرية العاملة في قطاع البترول أو المصانع عقب موافقة الأمن القومي. والشرط الثاني أن تحقق الكميات المستوردة من الغاز قيمة مضافة للإنتاج.. ويتضمن الشرط الثالث أن تحل جميع قضايا التحكيم مع الدول المستورد منها الغاز أياً كان اسمها. ويشير المهندس خالد عبدالبديع، رئيس الشركة القابضة للغازات الطبيعية إيجاس، إلي ان عملية السماح للقطاع الخاص باستيراد غاز من الخارج لصالحه سيتم تنظيمها بشكل نهائي عقب صدور قرار مجلس الوزراء بتشكيل الجهاز التنظيمي للغاز الذي يحدد العلاقة بين البائع والمستهلك وينظم سوق الغاز وطريقة التعامل مع الشبكة القومية ومراكب التغييز الموجودة حالياً في العين السخنة لاستقبال شحنات الغاز المستورد لصالح الشركات والقطاع الخاص، كما ينظم الجهاز الجديد للغاز طرق استقبال الغاز من خطوط الأنابيب أو إعادة الغاز إلي التسييل مرة أخري.