بقلم المستشار مصطفي الطويل منذ 34 دقيقة 58 ثانية هناك خلاف دائر حالياً بين وجهتي نظر، الأحزاب السياسية من ناحية، والمجلس العسكري من ناحية أخري، بشأن طريقة الانتخابات المقبلة، فبينما الأحزاب السياسية تري ضرورة إجراء الانتخابات القادمة بنظام القائمة النسبية، أما المجلس العسكري فيسعي إلي تطبيق النظام الفردي. وفي تقديري أن هذا الخلاف لا محل له لا شكلا ولا موضوعاً. نحن الآن في ثورة، ويسعي الشعب إلي تغيير نظام الحكم السابق إلي النظام الديمقراطي القائم علي تعدد الأحزاب وتبادل السلطة بينها. ولكي نعطي الأحزاب السياسية دفعة قوية إلي الأمام، فلابد من تطبيق نظام الانتخابات بطريق القائمة الحزبية. فالانتخابات بهذه الطريقة، ستجعل جميع أطياف الشعب التي كانت محجمة عن المشاركة السياسية في الماضي، أن ينخرط في العمل السياسي والانضمام للأحزاب، أو تشكيل أحزاب جديدة، إن لم تقبل بالأحزاب الحالية. صحيح الآن يوجد أعداد كبيرة من الشعب غير مشتركة في الأحزاب وبالتالي غير ممارسة لحقوقها السياسية، ولكن ذلك كان نتيجة للقهر وغياب الديمقراطية الحقة في الفترة الماضية. أما الآن، فقد ظهرت بوضوح بوادر الحرية والديمقراطية، ومن ثم فلابد للشعب من المشاركة السياسية، عن طريق انضمامهم للأحزاب القائمة أو تشكيل أحزاب جديدة. أما ما يقال من أن هناك بعض الذين لا يريدون الانضمام إلي الأحزاب، فهذا في تقديري يعني، أن مثل هؤلاء لا يريدون المشاركة في العمل السياسي، وبالتالي لا يعنيهم الترشح في انتخابات الشعب أو الشوري أو أي انتخابات سياسية أخري. انتشار ظاهرة المستقلين التي كانت سائدة في الماضي لا مبرر لها حالياً، ويجب علي كل من يرغب في المشاركة في العمل السياسي، فعليه أن يختار حزباً ينضم إليه، فالأحزاب السياسية، هي المدرسة الحقيقية للعمل السياسي. إن حجة القائلين بأن نظام الانتخاب بطريقة القائمة فيه مخالفة للدستور، مردود عليها. أولاً: قد تم إسقاط النظام القديم بالإعلان الدستوري القائم حالياً، وهذا الإعلان في تقديري لا يتعارض مع الانتخاب بطريق القائمة دون النظام الفردي. وثانيا: وعلي الفرض الجدلي من وجود تعارض بين الإعلان الدستوري أو حتي الدستور القديم، وبين نظام الانتخاب بالقائمة، فنحن الآن في مرحلة الثورة وهناك الشرعية الثورية التي تبيح أي عمل، متي كان هذا العمل في صالح الوطن ومستقبل الشعب. ومن هنا، فلا يقبل إطلاقاً الاحتجاج لا بالإعلان الدستوي ولا حتي بالدستور القديم، طالما أن الدستور الجديد لم يصدر بعد، ومن ثم فإنه يجب إعمال الشرعية الثورية لتحقيق المصالح العليا للوطن. أعود فأقول، اجعلوا الانتخابات في هذه المرحلة بطريق القوائم، حتي تدفعوا الشعب إلي الانضمام للأحزاب أو تشكيل أحزاب جديدة. خاصة، أن هذه الانتخابات وما يترتب عليها من مجلس تشريعي سوف تعاد مرة أخري بعدأن يتم وضع الدستور الجديد. حثوا الشعب للمشاركة السياسية عن طريق الأحزاب، فالأحزاب السياسية هي عماد الديمقراطية. بلد بلا أمن يساوي فوضي. لا يمكن أن نتصور، أن الثورة قامت لكي تجعل من مصر فوضي، ها نحن الآن نري كم البلطجة في الشارع المصري وكم الإضرابات والاحتجاجات والتظاهرات بين المصالح الفئوية، التي تعجز أمامها أي حكومة لتلبية كل هذه المطالب. نحن قربنا من مرحلة الفوضي، ولابد أن يكون هناك شيء من الحزم، للحد من المطالبات والتظاهرات، حتي نعطي القائمين علي هذا البلد الفرصة لكي يعيدوا تنظيم البلاد وترتيب شئونها. أنني لا أري - وكثيرين غيري - أن هناك مشكلة في تطبيق قانون الطوارئ، علي كل من تسول له نفسه المساس بمصالح الدولة والمواطنين. البلد الآن تمر بمنعطف خطير قد يصل إلي الهاوية، إذا ما استمرت الإضرابات والتظاهرات والاعتصامات. لابد أن يكون هناك شيء من الشدة والحزم لأن الناس اعتادوا علي أن يأخذوا دون أن يعطوا، ولا يمكن لأي دولة أو مؤسسة أن تعطي ولا تأخذ ومن ثم، لابد لنا من العودة مرة أخري إلي الإنتاج والجد والعمل، فهي السبيل الوحيد للتقدم نحو الرقي والرخاء. أما عن إضراب المدرسين وكذا إضراب الأطباء وكذا إضراب عمال النقل والمواصلات. فهذه كلها صورة من الفوضي المرفوضة التي أخشي منها. أنا لا أغفل حق المواطن في التظاهر والمطالبة بما له من حقوق، وإنما أن تصل التظاهرات والمطالبات إلي حد حرمان المرضي من العلاج أو الطلاب من تحصيل العلم أو المواطن من قضاء مصالحه، فهذا أمر جد خطير ولا يمكن تجاهله. مثل هؤلاء من حقهم التظاهر والإضراب، ولكن جزئياً بحيث يعلنون عن مطالبهم، بما لا يمس بمصالح وحقوق الآخرين وإلا نكون قد وصلنا إلي الفوضي. خلاصة القول، من حق العاملين جميعاً التظاهر والإضراب والاحتجاجات، للإعلان عن حقوقهم ومطالبهم، ولكن يجب ألا يهددوا في تصرفهم هذا حقوق ومصالح الآخرين، وإلا تحولت بلدنا إلي الفوضي.