في أعقاب انتهاء الانتخابات البرلمانية بمرحلتيها الأولى والثانية، وإعلان النتائج بشكل رسمي من اللجنة العليا للانتخابات، تم الإعلان عن تدشين عدد من التحالفات داخل البرلمان القادم، لأهداف مختلفة، ومن أبرز هذه التحالفات، دعم الدولة المصرية المنبثق عن قائمة «في حب مصر» الذي دعا إلى تدشينه سامح سيف اليزل وضم بين طياته، حسب مصادر التحالف، 400 نائب إلى الآن، هذا فضلا عن تحالف للشباب لضم الفئات الشابة تحت قبة البرلمان، خاصة أن مجلس النواب القادم يشهد سابقة هى الأولى من نوعها وتتمثل في انضمام قرابة 40 نائباً شاباً تحت سن ال 35، إلى جانب تحالف العدالة الاجتماعية الذي أعلن عنه حزب المصرى الديمقراطى، حيث أكدوا أن هناك أرضية ينطلق من خلالها نواب الحزب للعمل داخل البرلمان لخدمة قضايا العدالة الاجتماعية وما يمس مصلحة المواطن بصورة مباشرة. ومن المنتظر أن تشهد الفترة القادمة الإعلان عن مزيد من الائتلافات، وهو الأمر الذي يمثل استمراراً لصيغ من العمل في البرلمانات السابقة، حيث شهدت البرلمانات السابقة في مصر تشكيل تحالفات لم يعلن عن معظمها بشكل رسمي، إلا أنها على أرض الواقع كانت قائمة بصور مختلفة واتفقت مع طبيعة النظام الانتخابي الذي سمح للمستقلين بتغيير صفتهم الانتخابية والانضمام للأحزاب المختلفة. كان ذلك واضحاً في انتخابات 2005 حيث حصد الحزب الوطني 70 مقعداً انتخابياً، وانضم إليهم 42 من المستقلين الفائزين، وأصبحوا ضمن كتلته النيابية ورفعوا نسبة المقاعد لتصل نسبته ل 75% من مقاعد البرلمان. وفي انتخابات 2010 دار عدد كبير من الأحزاب حول الحزب الحاكم وهو الحزب الوطني آنذاك سواء كان ذلك بعقد صفقات سرية أو الاتفاق علناً، إلا أن عدداً من الأحزاب رفض هذا التحالف مثل حزب الوفد الذي أعلن انسحابه من الانتخابات البرلمانية. وفي البرلمان الذي تشكل بعد انتخابات 2012 حصل التحالف الديمقراطي الذي كان حزب الحرية والعدالة يقوده على الأغلبية، حيث ضم بالإضافة إلى حزب الحرية والعدالة حزب غد الثورة بقيادة أيمن نور، وحزب العمل الاشتراكي، وحزب الجيل الديمقراطي، وحزب الكرامة الذي حصل على 6 مقاعد، وحزب الإصلاح والنهضة، وحزب الحضارة، وحزب الأحرار، وحزب العربي الناصري الاشتراكي. كما تم تشكيل التحالف الإسلامي ذي التوجه السلفي الذي كان يقوده حزب النور ومعه حزب الأصالة وحزب البناء والتنمية المنبثق عن الجماعة الإسلامية، حيث حصل على 127 مقعداً بنسبة 24%، منها 111 مقعداً لحزب النور، و13 مقعداً للبناء والتنمية، وثلاثة مقاعد لحزب الأصالة، وصوت لصالحه ما يزيد علي ال 7 ملايين ناخب. وهناك تحالف الكتلة المصرية الذي جمع عدداً من الأحزاب الليبرالية ب 34 مقعداً، وضمت الكتلة المصرية ثلاثة أحزاب هي المصريون الأحرار، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب التجمع، وصوت لكل منها ما يزيد على ال 2 مليون ناخب، وخاض حزب الوفد الانتخابات منفردة حيث حصل على 39 مقعداً. واستطلعت «الوفد» آراء عدد من الخبراء حول مدى أهمية وجود تحالفات سياسية داخل البرلمان، حيث أعلن يسري العزباوي، الباحث بمركز الأهرام للدراسات، أن فكرة وجود تحالفات وائتلافات داخل البرلمان، جائزة ولا اعتراض عليها من قبل القانون، حيث إن الدستور المصري لم يمانع في ذلك، مفيداً بأن أهمية هذه التحالفات أو عدمها تتوقف على السبب الذي تم تدشين التحالف من أجله. وأشار «العزباوي» إلى أن تشكيل تحالف لتمرير كل ما يصدر من الحكومة سيكون مصيره الفشل، وسيفقد مصداقيته أمام الشعب، مبيناً أن المواطنين المصريين ينتظرون البرلمان القادم وما سيقدمه لهم من تشريعات وقوانين تحل مشاكلهم. ولفت «الباحث بمركز الأهرام للدراسات»، إلى أن وجود تحالف كبير يضم أكبر عدد من نواب البرلمان، لا يمنع من وجود ائتلافات صغرى، حيث إنها ستكون فاعلة ومهمتها تقويم وفضح أي تجاوزات أو تدعيم لسلطة والتستر على أخطائها من قبل البرلمان. وأشار «العزباوي» إلى أن التحالفات البرلمانية، التي تم الإعلان عنها مؤخراً مختلفة عما فعله الحزب الوطني في انتخابات 2005 و2010 من انضمام النواب المستقلين للحزب الوطني وتغيير صفتهم الحزبية، موضحاً أن اندماج النواب وأحزاب في تحالف يعملون تحت مظلته، مختلف عن تغيير الصفة الحزبية والاندماج تحت مبادئ الحزب وأهدافه. وأما أمين إسكندر، المحلل السياسي، فقد رأى أن النسبة الأكبر من البرلمان المقبل من المستقلين، حيث وصل عددهم إلى 316 نائباً، مقابل 239 من الأحزاب، مشيراً إلى أن التحالفات الموجودة حالياً تحاول استقطابهم وضمهم إليها، وأفاد «إسكندر» بأنه على الرغم من العدد الكبير الذي ضمه ائتلاف دعم الدولة المصرية، إلا أنه لم يتفق على المبادئ العامة والخطوط العريضة لهذا الائتلاف. وأشار «إسكندر» إلى أن تشكيل تحالفات لا اعتراض عليها، إنما المعضلة الأساسية تتمثل في هدف هذه التحالفات ومدى كونها تعمل لصالح الشعب، أو أنها تسعى لدعم السلطة التنفيذية ولا تمارس عملها من رقابة وتشريع، مبيناً أن كل تحالف يجب أن يعلن موقفه بوضوح وخططه في هذا السياق. وعن تحالف الشباب، أكد «المحلل السياسي»، أنه لا ينبغي تدشينه على أساس تصنيف سني أو عمري، إنما عن القضايا المهمة التي تضم الشباب بصفة خاصة والشعب المصري عامة، مقترحاً أن تتم تسميته «تحالف المستقبل» أفضل من الشباب. وأشاد «إسكندر» بتدشين تحالف للعدالة الاجتماعية، لافتاً إلى أن هذه القضية هي الأهم الآن للاهتمام بها وتدشين تحالفات تحقق أهدافها وتشرع قوانين خاصة بها. وأكد أحمد فؤاد أنور، الخبير في الشئون السياسية، أن الحكم على أهمية التحالفات السياسية سيأتي بعد الممارسة العملية التي ستقوم بها داخل البرلمان، مفيداً أن هذه الممارسة هي التي ستوضح نجاحها واستمرارها، أو فشل هذه التحالفات في تحقيق مصالح الشعب وتفككها، وذلك لأن البرلمان هو العمود الفقري الذي سيستند إليه الشعب، في تصحيح أوضاعهم المعيشية وتحسين مستوياته الاقتصادية. وتابع «فؤاد» أن عدم وجود أغلبية في البرلمان وحصول نسبة كبيرة من المستقلين على المقاعد يفرض تكوين تحالفات للتحقيق التناغم والاتفاق في الأمور المهمة، مثل مساعدة الرئيس في تمرير تشكيل الحكومة والقوانين والرقابة. وأكد «فؤاد» أن حصول أحد هذه التحالفات على أغلبية سلاح ذوحدين فقد يمكنه من التصدي بقوة الممارسات السلطة التنفيذية الخاطئة، أو سيكون أداة من ادواتها وهو ما يتنافي مع مبدأ الفصل بين السلطات، والتزام السلطة التشريعية بالأهداف التي انتخبها أفراد الشعب من أجلها.